عبد صموئيل فارس
بقلم: عبد صموئيل فارس
في العيد الواحد والثمانين لحكم الرئيس مبارك كان أقباط منشية ناصر تحت سفح جبل المقطم على موعد مع الإحتفال برئيسهم والذي لا يترك مناسبه إلا وللأقباط نصيب من الهدايا، وهذا العام كان الإهداء مقدم من الرئيس وهو قرار تم تنفيذه في سرعة البرق وهو ذبح لقمة العيش وتخريج دفعة كبيرة من شباب هذه المنطقة إلى المعاش المبكر بعد أن أصدر قراره بذبح أي رأس خنزير يتم العثور عليها في المنطقة.
ولكن اختلط الأمر على قوات الأمن ولم يفرقوا بين الخنازير والبشر وتم الذبح بطريقه جماعية، وكانت المصادمات بين شباب الأقباط والذين يقومون بتربية الخنازير والعيش على هذه المهنة الشريفة وبين قوات الأمن والذي تعامل كالعادة مع أبناء المحروسة وكأنهم عبيد ليس لهم حق في الإعتراض على قرار الذبح.
أليس من المفروض وضع خطة عند اتخاذ مثل هذه القرارات حتى لا يحدث ما حدث مع هؤلاء البشر؟ ولكن كالعادة فرمانات تصدر والعبيد عليهم بتنفيذ الأوامر، وإلا تُذبح الرؤوس وتُفتح الزنازين لكل معترض.
وفي كل مشكله يلجأ الأمن إلى رجال الكنيسة.. وهذا ما حدث مع الأب سمعان ابراهيم وهذا الكاهن معروف بمواقفه الشجاعة، ولكن كان في حيرة من أمره، ماذا يفعل أمام جبروت النظام وقوات الأمن وأمام دموع أولاده وصرخاتهم التي كانت تدوي تحت سفح جبل المقطم؟ فهذا الجبل هو الشاهد الصامت على آلام الأقباط خلال 21 قرناً من الزمان على الظلم والقهر الذي يتعرضون له منذ أن دخل العرب مصر رافعين سيوفهم وحتى هذه اللحظات.
ومسكين هذا الخنزير الذي تعرض للتشويه المعنوي وجاء الدور الآن والحكم عليه بالإعدام وفق الشريعة التي أصدرت حكمها على هذا الحيوان بأنه نجس ولا يصح وجوده في الحياة، وبناء عليه تم تنفيذ الحكم دون سماع كلمة دفاع عن هذا الحيوان ومن يربونه، بالرغم من أن الواقع يقول أن هذا المسكين له إيجابيات ونافع لهذا الوطن أكثر من الآلاف الذين يهدمون وليس لهم انتماء لهذا البلد بل يعيشون لذواتهم ويأكلون لحوم البشر، أما هذا الخنزير فهو يقدم نفسه من أجل أن يعيش الآخرين.
ولعل البعض يقول حاشا لنا أن نأكل هذا اللحم النجس، ويبدو أنه لا يعرف أن من مشتقات هذا الحيوان يتم تصنيع عقار الإنسولين للملايين من مرضى السكر، ويعيش على تربيته الآلاف من الأسر التي في أمس الحاجة إلى القوت اليومي.
تركنا كل شيء وحكمنا عليه بالشريعة فقط دون النظر إلى الحاجة إليه، والتهمة الجديده وباء ألفنونزا الخنازير وهو بريء من هذه التهمة بحسب تصريحات وزير الصحه المصري دكتور حاتم الجبلي، والذي أشار إلى أن الأمر التبس على البعض لأن المرض ينتقل من إنسان لآخر، وأدان من وجهة نظره على شاشات التليفزيون المصري القيام بذبح الخنازير، ولم يلتفت أن هناك بشر قد تم ذبحهم يوم أن أُتخذ هذا القرار العشوائي.
ولكن ماذا يفعل هؤلاء الأقباط المساكين بعد أن خسروا لقمة العيش إرضاءاً للشارع المتطرف ومغازلة مبارك في عيد ميلاده للمتشددين الإسلاميين؟ وماذا يقول الأب سمعان لأولاده؟ وكيف يتعامل معهم بعد أن خسروا كل شيء؟ من سيعوضهم ما خسروه فليس هناك في مصر مواطن يثق في وعود النظام وحتي رجال النظام لا يثقون في الحكومة فما بالك المواطن العادي؟
رحم الله كل خنزير سفك دمه من أجل خدمة هذا الوطن والمواطنين، والله يكون في عون إخواننا المعتقلين، وربنا يستر علينا من وباء المفسدين.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2595&I=71