أهــرام 2010 التي هــوت !!

عماد توماس

بقلم: عمـاد تـوماس


اعتدت على قراءة صحيفة "الأهرام" لسنوات عديدة، عندما كانت تقف وحيدة شامخة بين الصحف المصرية وقبل أن تظهر الصحف الخاصة، ثم رويدا رويدا بدأت الاستغناء عن الجريدة ومتابعة الموقع الالكتروني لها، ومنذ عدة سنوات امتنعت عن قراءة الاثنين (الصحيفة والموقع) إلا في أحيان نادرة.


وبالأمس جائنى على بريدي الأكترونى رسالة بها مقال لشخص لم اسمع أو أقرا عنه من قبل ، بعنوان "أقباط ‏2010‏". وللوهلة الأولى شككت في أن يكون هذا المقال المسموم قد نشر في "الأهرام" فربما يكون اختلط على الراسل، فهذا المقال يمكن أن ينشر في احد المواقع السلفية المتشددة، فاتصلت بأحد الأصدقاء من الذين اعتادوا أن يقرأءو الأهرام حتى الآن، فتأكدت منه أن المقال فعلا نشر في "الأهرام"، فسارعت للموقع الالكتروني فلم أجده، وذهبت للنسخة الورقية على الموقع الالكتروني ويبدوا انه تم رفع النسخة كاملة...يبدو أن هناك شعور بفداحة الجريمة والخطأ الكبير وإلا لماذا رفع هذا المقال من الموقع الالكتروني والنسخة الورقية على الموقع، وعدت لعدد اليوم-الثلاثاء- لعلني أجد اعتذارا أو توضيحًا ولكنى لم أجد!!



وإذا عدت للمقال، وحتى أكون أكثر تأدبًـا فأقول انه مليئا بالمغالطات والافتراءات، ويسند عدة اتهامات لأقباط العمرانية وللبابا شنودة لو صحت لوجبت مسائلة جميعًا وإذا ثبت كذب هذه المعلومات لوجب مسائلة كاتبها.



كاتب المقال يبدأ مقاله باعطاءنا درسا في معنى المواطنة، فقد أساء الأقباط فهمم للمواطنة التي أصبحت لهم " دلع وطبطبة ومدادية" بحسب ما كتب. ثم يُحرض تحريض سافر ويتهم السلطة التنفيذية والأمنية بالخضوع أمام سطوة "أبناء العم  سام"  ويستخدم نظرية المؤامرة الشهيرة متسائلا عن الدهاء في اختيار هذا التوقيت؟ وهو يذكرني بالمذيعة اللامعة التي تساءلت عن مغزى ظهور سمكة القرش في هذا التوقيت ؟ وهل هناك دول "قريبة" وراء هذا الظهور؟


وهو نفس تساءل احد الجيران عندما "طفحت" المجارى في شارعنا فاتهم أولاد العم سام  بأنهم وراء هذا "الطفح" ؟!



يرصد هذا الكاتب عدة نقاط حول أحداث العمرانية منها ما قاله بالنص "‏ الإعداد المسبق للتجمهر بإشراف رجال دين ونقل الآلاف إلي موقع الحدث بسيارات خصصت لهذا الغرض وغالبيتهم من خارج القاهرة‏,..."


لست اعلم من أين استقى هذا المدعو هذه المعلومات ، هل هو جندي حراسة كان يؤمن عمال البناء؟ أم مخبر يراقب التحركات ؟ أم شاهد عيان شاهد بعينة -التي ستحاسب يوم القيامة – السيارات التي نقلت الآلاف من الأقباط من خارج القاهرة وهل شاهد رجال الدين ينظمون ويشرفون على هذا التنظيم البديع في نقل المتظاهرين؟ ولم يقل لنا هذا المدعو هل جاءوا في سيارات خاصة ملاكي أو سيارات نقل عام "ميكروباص" أم تم شحنهم في قطارات لأداء هذه المهمة الجليلة؟



‏يواصل الكاتب قائلا : " استهداف الضباط تحديدا من بين رجال الشرطة في الاعتداءات‏,‏ علي الرغم من الدور المتميز للشرطة في حماية المنشآت الكنسية بصفة عامة‏.‏"



دعك من الدور المميز لرجال الشرطة، والذي لم نراه حتى الآن في أحداث كثيرة منها نجع جمادى وقبلها ابوقرقاص والعياط وكنيسة طحا الأعمدة ....الخ


 أما زعمه أن الأقباط "استهدفوا" الضباط من بين رجال الشرطة فهذا أمرا غريبًا نرجو منه أن يوضح لنا كيف استهدفوهم ؟وهل تستوي "الطوبة" بالقنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص ؟ وكم  ضابط  لقي حتفه في هذا الاستهداف؟



بقلب مملوء بالحنان والرحمة يتساءل هذا المدعو عن من سيقوم بتعويض ممتلكات وسيارات المواطنين الأبرياء؟ ونحن نشاطره هذا الحنان ونتساءل أيضا عن من يعوض اهالى العمرانية الذين شاركوا في دفع تكلفة البناء وتم إلقاء الخرسانة الجاهزة في الأرض وتخريبها والتي وصلت تكلفتها أكثر من 200 ألف جنيها؟ ونتساءل عن من يعوض شاب صغير بتر ذراعه؟ أو رجل مسن فقد ابنه الشاب؟ أو أم بسيطة اعتقل بناتها؟ ومن يعوض أرواح زهقت وذهبت إلى بارئها من اجل بناء كنيسة؟


ومن يعوض عن صورة مصر التي تناقلت مواقع الانترنت والفضائيات العربية مشاهد هذه الغزوة العنترية على مجموعة من المحتجين كل همهم بناء كنيسة ؟ وهذه الهتافات التي خرجت من جنودنا البواسل أثناء تحريرهم لأرض العمرانية هاتفين "الله اكبر الله اكبر" !!



يجدد هذا المدعو ما قاله من قبل الدكتور العوا، وكأن هناك من يصر على أن يعبث بمقدرات هذا البلد، وينفث تهددا بكل من هم امنين، فيتساءل عن " وجود أسلحة بالكنائس" ...ويبدو انه نسى أن يتساءل عن "الأسود الأربعة والعشرون" القابعين في الأديرة!! ..وهو لا يعلم أن غزوة العمرانية كانت اكبر دليل على كذب وافتراء هذا الزعم، فلو كانت الكنائس بها "أسلحة" لكنا شاهدنا معركة متكافئة أما إذا كان يعتقد أن "الطوب الأحمر" جزء من الأسلحة فربما يكون محقًا ؟



يصل بنا كاتبنا الهمام إلى ذورة مقاله متهما البابا شنودة بأنه سبب الفتنة الطائفية في مصر منذ اعتلى عرش الكنيسة المرقسية وألقى خطابا قال فيه بحسب كاتبنا الالمعى بأن "عدد المسيحيين في مصر سوف يتساوي مع عدد المسلمين عام 2000‏ طبقا لخطة شرحها في خطابه‏.‏ وفي ذلك الخطاب أيضا دعا البابا شنودة إلي طرد الغزاة المسلمين من مصر‏,‏ وقال ليس في ذلك ادني غرابة‏,‏ كما دعا إلي أشياء أكثر غرابة أيضا أربأ عن ذكرها هنا‏.‏"


يقولون في القانون البينة على من ادعى هل لدى كاتبنا نسخة مصورة أو مسموعة أو مقروءة من هذا الخطاب؟ وهل إطلاق الاتهامات والأكاذيب على عواهنها أمرا أصبح مباحًا وشرعيًا؟ وهل أصبحت الأهرام ملاذا امنا لكل من ينفث تعصبا ضد "الأقباط؟



يعتقد الكاتب أن الأقباط في عام‏2010 هم أفضل حالا من‏1910 و1810...وهو قول يذكرني بمن يعتقد أن الشمس تشرق من المغرب أو أن الانتخابات البرلمانية السابقة كانت "نزيهة" و "شريفة"؟!


 


أهرام 1875 التي نشأت على  يد الأخوين بشارة وسليم تكلا تختلف عن أهرام 2010" لأسامة سرايا...فهناك فرق كبير؟



الأهرام التي حرصت على تقديم نخبة من المفكرين والمثقفين في المجتمع المصري على صدر صفحاتها تختلف الآن عن "أهرام 2010" ؟



يختم هذا المدعو مقاله بتحريض للدولة مناشدها بقوله "‏ الكرة الآن في ملعب الدولة‏..‏ وكفانا تخاذلا ودلعا‏."


وهذا صحيح فالدولة تخاذلت وتتدلعت مع من يحرضون في القنوات الفضائية على الأقباط وتخاذلت الدولة مع السلفيين الذين خرجوا في مظاهرات أسبوعية لاهانة الكنيسة والبابا شنودة؟


وتتدلعت الدولة مع "الأهرام" التي تسمح بنشر مثل هذه المقالات ومن قبلها مقالات هجومية من الدكتور زغلول النجار؟



ما الحل؟


•    مقاطعة جريدة "الأهرام" وعدم نشر إعلانات الوفاة فيها؟


•    إرسال رسائل احتجاج إلى الدكتور عبد المنعم سعيد –رئيس مجلس الإدارة – وهو رجل معروف عنه الاستنارة وعدم التعصب.


•    مطالبة الكنيسة بنشر رد على هذه الاتهامات ومقاطعة البابا شنودة نشر مقاله الاسبوعى بالجريدة


•    لن أقول مقاضاة الجريدة والكاتب، فانا من اشد المدافعين عن حرية الصحافة...بالإضافة إلى أن كل القضايا التي تم رفعها تم حفظها...لذلك اترك ضمير هذا الكاتب لعدالة السماء...فالله في خلقه شئون!!



آخر الكلام


"مَنْ يَتَفَوَّهُ بِالْحَقِّ يُظْهِرُ الْعَدْلَ وَالشَّاهِدُ الْكَاذِبُ يُظْهِرُ غِشّاً."  سليمان الحكيم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع