نبيل المقدس
بقلم: نبيل المقدس
استلمت أربعة خطابات عن طريق الإيميل يطلبون مني تكملة موضوع الطلاق والزواج الثاني، بالرغم أن مواضيع الخنازير هي التي تستحوذ قلوب شعب الكنيسة الآن، لكنني أرى أن الكلام في موضوع الطلاق له أهمية كبيرة ويُعتبر بأنه من أهم الأحاديث التي تتناولها ألسنة أقباط مصر بعد ما زادت الأعداد الذين يسعون إليه..!
في المقال السابق علمّنا الرب أن الصورة المثالية للزواج أساسها بساطة المحبة والتفكير في إسعاد الشخص الآخر قبل إسعاد الذات والمحبة التي تستطيع أن تفهم لتغفر، هذا النهج في طريقة الزواج جعل التلاميذ ينفزعون منه مما جعلهم يقولون ليسوع كما جاء في إنجيل متى 19: 10 – 12 [ إن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج.. فقال لهم يسوع ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذي أعطي لهم].
فقد كانت من الأقوال المشهورة في زمانهم ويرددونها معلمي اليهود أن زوج المرأة الشريرة لن يرى جهنم لأنه يُكفِر عن خطاياها في الأرض, فقد كانت المرأة الشريرة كمرض البرص بالنسبة لزوجها وأن العلاج الوحيد في هذه الحالة هو الطلاق! لذلك ذِكر كلمة منع أو تحريم الطلاق لشعب تعوّد علي ممارستها أمر كريه وغريب، حتى أنهم صرخوا (على ما أتخيّل) إلى الرب قائلين "إن كان الزواج سوف يمنعنا عن ممارسة الطلاق, فالأفضل أن نتجنب ما سوف يترتب عليه, ولا نفكر في الزواج، مع العلم أن النظرة اليهودية إلي الزواج هي نظرة سامية وأن الزواج هو واجب مقدس, وكان يُعتبر كل من يبقى بدون زواج إلى ما بعد العشرين سنة هو كاسر لوصية الله "أثمروا وأكثروا وأملأوا الأرض." تكوين 1 : 28.
شعر يسوع بنوع من التذمر من تلاميذه فقال لهم: أنه ليس كل إنسان يستطيع أن يقبل رأيه عن الطلاق إلاّ الذي أُعطي له, أي الشخص المؤمن وحده هو الذي يقبل مبدأ عدم السماح بالطلاق، فالمعونة المستمرة من رب المجد وإرشاد الروح القدس هما الذين يجعلان الحياة الزوجية المثالية ناجحة، كما أن السير في الروح هو عامل أساسي في بناء الشخصية المتسامحة المتفهمة للظروف والممتلئة بالمحبة التي تحتاج إليها هذه العلاقة، ومن غير هذا العون الإلهي يستحيل إقامة زواج ناجح، كما علينا أن نعرف أن شروط نجاح الزواج هو أن يكون كل من طرفي الزواج مسيحياً حقيقياً، وهذه حقيقة مهمة جداً لا بُد من إظهارها وفهمها جيداً، كما أن يسوع عندما ذكر قواعد الطلاق للتلاميذ كان يضع مبدأ عام وليس تشريعاً مفصلاً, وهذا هو الفرق بين المبادئ والشريعة، كما أن المبادئ يمكن أن نطبقها في الأحوال المختلفة والمتنوعة بروح الفهم والصلاة والمحبة, أما الشريعة لا تتغيّر ولا تتماشى مع روح العصر, لذلك نجد أن الحياة المسيحية هي الوحيدة الباقية والتي تناسب جميع الأجناس وعلى طول الزمان.!
أنا ضد الطلاق الذي يُقال عليه طلاق "بسبب إستحالة العشرة", لأن إستحالة العشرة هي نتاج عمل الشيطان, فمجرد حتى التفكير في مصطلح "إستحالة العشرة" هي خطيئة, لأنها لا توافق الحياة أو المبادئ المسيحية والتي تحفز علي العطاء الأكثر من الأخذ، ولكي ندرس موضوع كيفية تحقيق دوام الحياة المسيحية وسط جو عام كثر فيه الحديث والمجادلات عن مدى السماح بالطلاق من عدمه سوف أذكر مثالاً حقيقياً "عن طلب أصحابها الطلاق" عشتها أنا معهم خطوة خطوة، والمطلوب دراسة هذه الحالات من المبادئ العامة التي وضعها الرب لنا وبطريقة حيادية وأن نضع في حسباننا أننا واحد في جسد المسيح, ونبتعد كل البعد عن المذهبية لكي لا نقلد اليهود وتظهر في وسطنا مذاهب تفتي كما في الأديان الأخرى, مثل مذهب (شمعي) المتشدد ومذهب (هليل) المتفتح في زمن اليهود!!
تقابلت مع سيدة كانت قد أخطأت في حق زوجها وحق الله تحت ظروف هي لم تستطيع تحملها كإنسانة مسيحية بالإسم وكان السبب الأول والأخير في إرتكاب خطأها هي أعمال زوجها المقززة، وتم تطليقها مدني وكنسي منه، تشاء الظروف والتي هي أكيد من ترتيب الرب "لأن الرب دائماً يبحث عن الخروف الضال" أن هذه السيدة تابت فعلاً وبدأت تعيش الحياة المسيحية الحقيقية, حتى أنها سافرت خارج البلاد لمدة سنتين إلى إحدى التجمعات الروحية المسيحية في بلدة أوربية واكتسبت مهارات عالية في تدريس الكتاب المقدس للسيدات, وأتت هنا لكي تكمل عملها الكرازي.. تقدم إليها شخص أرمل وكان يعمل معها كخادم للرب, وعندما علم بقصتها أخذ بعضه ورحل عنها لأنها تـُعتبر زانية في نظره وفي نظرنا حتي وقتنا هذا، هو لم يُخطئ فقد عمل بتطبيق الآية أن كل من تزوّج بزانية هو يزني...
والسؤال هنا: من الذي أصدر الحكم عليها بأنها ما زالت زانية حتى الآن، ألم يغفر الرب خطية المرأة الزانية وقال لها: هل أدانك أحد؟... اذهبي ولا تفعلين هذا مرة أخرى.
كذلك عندما عمم بولس وضع الغطاء على رؤوس السيدات في الكنيسة كان هذا لغرض معين -لكن هذا ليس موضوعنا- سوف نتعرض فقط إلى من كان يقصدهن بولس؟!، كانت القوانين الرومانية في هذا الوقت تـُجبر السيدة العاهرة بحلق شعرها حتى مماتها لكي تكون مميّزة بين الناس ليتجنبوها وهذا كان يبدو عقاباً لمثل هؤلاء النسوة، لكن عندما دخلت المسيحية مدينة كورنثوس آمنت مجموعات من العاهرات وعرفن السيد الرب وكنا يدخلن الكنائس ليتعبدوا، وكثيرات منهن تزوجن على يد الـُرسل من مؤمنين لكن من أجل القانون الروماني كان عليهن ترك رؤوسهن عارية حتي مماتهن وإلا تـُقتلن، فكانت الشكوى من رجالهن أنهم يشعرون بالخزي والعار عندما يأتون بزوجاتهم إلى الكنيسة ورؤوسهن عارية، فأوصاهم بولس بوضع غطاء على رؤوس جميع السيدات في الكنيسة فبذلك لا يكون هناك أي تمييز أو تباين بينهن.
إذا ً هنا حدث زواج للزانيات لأنهن في نظر الرب تائبات مؤمنات.
سوف يقول معترض أن هذه السيدة العاهرة في زمن الرومان كانت عاهرة قبل الإيمان، "ولكنني سوف أتركه لكي يعطينا فكرة والأسس التي إتخذها في إعتراضه" أنا هنا بأعرض مشكلة فقط ونريد حلها!!!
فما هو وضع هذه السيدة التي نتحدث عنها في نظر الله ونظرتنا نحن كمؤمنين بعد أن تابت وأصبحت مؤمنة؟ هل ما زالت زانية وينطبق عليها الآية "كل من تزوج بزانية يصبح زانياً" أم هي أصبحت بارة فلا ينطبق عليها الآية السابقة؟؟
سألت هذه السيدة... هل تريدين الزواج من أجل الزواج نفسه والتمتع به من جميع الأوجه؟؟ صرخت في وجهي قائلة: أنا لا أريد الزواج للزواج، لكنني أريد حريتي من عيون الناس، صحيح أنا نلت البراءة من الديّان رب المجد، لكنني كإنسانة أريد البراءة من المجتمع الذي أخدم فيه وأعيش معه فهذا حقي الأنساني والإلهي, أنا لا أريد أن أكون في وسط أحبائي وعلى رأسي غطاء بدل ما يسترني يفضحني, بل أريد أن أتمتع بالحرية التي وهبها لي ربي!!
دلـوني يا أحبائي.. ماذا تفعـل هذه السيدة لكي تكون في نظر الناس بارة؟! أنا أقصد من هذا الإستفهام معرفة حدود الطلاق، وهل ما قاله الرب يسوع هو شريعة أم مبدأ عام؟!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=2696&I=74