عماد توماس
كتب: عماد توماس
ألقى د. "مصطفى السيد"- أستاذ الكيمياء والكيمياء الحيوية بمعهد جورجيا للعلوم والتكنولوجيا بـ"الولايات المتحدة الأمريكية"، والحاصل على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية- أمس الأول الخميس- محاضرة بعنوان "القضاء على الخلايا السرطانية باستخدام مركبات الذهب"، وذلك بحضور نخبة من العلماء والباحثين، في إطار الاجتماع السنوي السادس لأكاديمية العلوم للدول النامية- المكتب الإقليمي العربي- الذي نظَّمه مركز الدراسات والبرامج الخاصة بمكتبة الإسكندرية، يومي 22 و23 ديسمبر.
أهمية علم النانو تكنولوجي
وفي كلمته، تحدَّث د. "مصطفى السيد" عن أهمية علم النانو تكنولوجي وتطبيقاته على مستوى العالم. مشيرًا إلى أن النانو هي تكنولوجيا تقوم على أشياء صغيرة ومتناهية الصغر، وتعتمد على خواص المواد، وأن أنظار العالم تتجه حاليًا نحو أبحاث هذا العلم لقدرته على إعطاء مواد جديدة لا عدد لها، عن طريق تغيير خواص مواد صغيرة.
وأوضح "السيد" أن الشعرة سمكها يساوي 50 ألف نانوميتر، مما يؤكّد مدى صغر هذه الجزيئات. مشيرًا إلى أن أي مادة يتم تصغير حجمها تختلف خواصها، ويمكنها أن تعطي مادة أخرى مختلفة عنها تمامًا.
وأكّد "السيد" أن النانو تكنولوجي فتح مجالًا جديدًا للعلم وتطبيقاته، حيث أنه بدراسة المواد المختلفة وخواصها بتأني ودقة، يمكن الكشف عن خواص جديدة في حال تحويل هذه المواد إلى جزئيات النانو المتناهية الصغر، وبالتالي يمكن أن يكون لتلك الخواص الجديدة أهمية صحية، وصناعية، وتجارية، واقتصادية. وأضاف: إن عام 2008 شهد إنتاج حوالي (610) منتجًا في (322) شركة في أكثر من (20) دولة، باستخدام النانو تكنولوجي.
استخدام " الذهب" في علاج مرض السرطان
وعن أبحاثه في مجال التكنولوجيا الدقيقة وتطبيقه لهذه التكنولوجيا باستخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان، قال "السيد": إن الذهب الذي يعتبر معدنًا تجاريًا نفيسًا، ليس له أي قيمة من الناحية الكيميائية؛ لأنه لا يتفاعل مع شيء، ويُطلِق عليه العلماء "العنصر الكسول"، ولكن حينما يتحوَّل الذهب إلى جزيئات النانو، يميل لونه إلى اللون الأخضر، وهذه الجزيئات الدقيقة من الذهب قادرة على أن تصل للخلايا السرطانية وتقضي عليها وتميتها، وتمنع عملية الانقسام الخلوي لها، وبالتالي تمنع تكاثرها.
وشرح العالم المصري كيفية تطبيق استخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان، موضحًا أن خلية السرطان تنتج بروتينات أكثر من الخلية العادية، وأن الفكرة تكمن في وضع قطع الذهب لتتراكم على الخلايا السرطانية وتدخل فيها، وبمجرد تسليط الضوء عليها تصبح ظاهرة للطبيب المعالج. كما أنها تعمل على تركيز الأشعة الضوئية وكل الحرارة المتولدة عنها في تدمير الخلايا السرطانية، وبالتالي القضاء على السرطان في الجسم.
وأكَّد "السيد" أن أحدث ما توصل إليه من خلال أبحاثه في هذا المجال، هو إمكانية استخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان بثلاثة طرق مختلفة، الأولى هي طريقة العلاج الضوئي الحراري، حيث تمتص الخلايا السرطانية الضوء الناتج عن مركبات الذهب، وتعمل الحرارة الناتجة من الضوء الممتص على قتل الخلايا السرطانية. والطريقة الثانية للعلاج، تتم بربط جزيئات من العلاج الكيميائي مع جزيئات الذهب، وبالتالي يتم التخلص من الخلايا السرطانية بالعلاج الكيميائي، ولكن بأسلوب أسرع من طرق العلاج المعتادة. أما الطريقة الثالثة والأخيرة، فهي تتم باستخدام جزيئات متناهية الصغر من الذهب، والتي تقوم بمهاجمة نواة الخلايا السرطانية بشكل أسرع، وبالتالي تحويل خواص النواة، وإضعاف عملية انفصام الخلية السرطانية، ومنع المرض من الانتشار.
وقال "السيد": إن أبحاث استخدام مركبات الذهب الدقيقة في علاج مرض السرطان تتزايد الآن بشكل كبير. مشيرًا إلى أنه قد تم تطبيقها على خلايا سرطانية من حيوانات التجارب. وأكّد أن استخدام نفس الأساليب على الإنسان قد يتطلب بعض السنوات قبل تطبيقه، حيث يتم الآن في مراكز "هيوستن" بـ"الولايات المتحدة الأمريكية" بحث تطبيق العلاج على الأعضاء الخارجية للإنسان فقط، كالرقبة والحلق؛ حيث أن الأبحاث لازالت جارية للتأكد من قدرة جسم الإنسان على التفاعل مع جزيئات الذهب، وضمان عدم حدوث أي مضاعفات، وإيجاد طرق لتخلص جسم الإنسان من جزيئات الذهب نهائيًا بعد أن تقوم بعملها في القضاء على الخلايا السرطانية.
مميزات استخدام النانو تكنولوجي
وأشار "السيد" إلى أن أهم مميزات استخدام النانو تكنولوجي في علاج مرض السرطان، هي تجنب الجراحة ومخاطرها، وتخطي مشاكل العلاج الإشعاعي والكيميائي. موضحًا أن شخص واحد من كل أربعة أشخاص يموت بالإصابة بمرض السرطان سنويًا، حيث أن 23% من الوفيات في "الولايات المتحدة الأمريكية" سببها مرض السرطان.
الفجوة العلمية بين "مصر" و"أمريكا"
وفي الختام، أكَّد العالم المصري أن الفجوة العلمية بين "مصر" و"الولايات المتحدة الأمريكية" ليست نتيجة الفجوة في قدرات العقول البشرية، بل هي مشكلة الاختلاف في الإمكانيات المادية والتكنولوجية التي تساعد على القيام بالأبحاث العلمية. مشيرًا إلى أن الأطباء المصريين الذين يعملون في "الولايات المتحدة الأمريكية" يقومون بأبحاث علمية متطوِّرة لتوافر إمكانيات البحث، كما إنهم يتمتعون بقدرة هائلة على الإبداع في العلم لا يتمتع بها غيرهم.
يُذكر أن د. "مصطفى السيد" تخرَّج من كلية العلوم بجامعة "عين شمس" عام 1953، وهاجر إلى "الولايات المتحدة الأمريكية" عام 1954 للدراسة في "فلوريدا". وهو يتمتع بعضوية الجمعية الأمريكية لعلوم الطبيعة، كما أنه عضو الجمعية الأمريكية لتقدم العلوم، وعضو أكاديمية العالم الثالث للعلوم.
http://www.copts-united.com/article.php?A=27755&I=667