العربية نت
حذر اقتصاديون ومحللون ماليون من استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري( الدولار يساوى 5.80 جنيه)، مؤكدين أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى آثار سلبية على مسار الاقتصاد في حال ارتفاع نسبة التضخم وارتفاع الأسعار محليًا والذي سيكون المواطن هو أكبر المتضررين منه.
وأكدوا خلال استطلاع لـ"العربية نت"، على ضرورة مواجهة المشكلة من خلال التفكير في نظام نقدي جديد تحسبا لتداعيات أخرى مستقبلا، لافتين أن ارتفاع الدولار بأكثر من 25 قرشا خلال شهر واحد أمر قد يؤدي إلى تهديد حركة المستثمرين الذين لم تعد الخيارات أمامهم متعددة كما كان سابقا في التحول إلى عملات أخرى.
ولكن د.بلال خليل نائب أول رئيس الشعبة العامة للصرافة قلل من مخاطر الارتفاع الحالي، وقال: هناك ارتفاع لقيمة الدولار أمام الجنيه ولكن بنسبة طفيفة لم تزد على الـ3% فقط حتى اليوم، وهو الأمر الذي جعل نسبة تأثيرها على الجنيه محدودة، مشيرا أن قيمة الدولار الأمريكي ارتفعت مقابل كل العملات الأخرى مثل اليورو و الجنيه الإسترليني وليس أمام الجنيه فقط.
ترقب انفراج خلال ينايروأوضح أن الاقتصاد المصري يسير بنفس معدلات نموه دون زيادة أو نقصان، وأن ما يحدث حاليا من انخفاض لقيمة الجنيه أمام الدولار أمر طبيعي ناتج عن مشكلات العديد من الدول المستخدمة لليورو والإسترليني مثل أيرلندا واليونان والبرتغال وغيرها من الدول، التي تعاني هي أيضا من مشكلات مالية مع البنوك على أثر تراجع عملاتها.
وتوقع نائب أول رئيس الشعبة العامة للصرافة أن تتضاعف قيمة اليورو أمام الجنيه خلال الفترة القادمة بعد انتهاء موسم الندرة الحالي الذي يشهد انخفاضًا ملحوظًا في نسبة السياحة العربية ونسبة العوائد من الخارج وهو أمر معتاد في الفترة ما بين سبتمبر إلى ديسمبر من كل عام، مضيفًا أن شهر يناير سيشهد انفراجة لتلك الحالة نظرا لزيادة العرض نتيجة تطور معدل السياحة وقدوم العائدين من الخارج، وهذا الأمر سيخفض من قيمة الدولار أمام الجنيه المصري.
المستثمرون يواجهون وضعا معقدافيما أرجع د.صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه إلى فقد الجنيه قيمة توازي نفس القيمة التي ارتفع بها الدولار الأمريكي، وقال إذا نظرنا إلى قيمة الدولار قبل شهر نجدها 5.55 جنيه والآن قيمته تعدت الـ5.80 جنيه؛ الأمر الذي يؤكد استمرار انخفاض قيمة الجنيه، موضحا أن ذلك جعل المستثمرين يواجهون وضعًا معقدًا لعدم استطاعتهم التحول إلى عملات أخرى غير الدولار، إذ أن اليورو والجنيه الإسترليني سقطا في نفس سيناريو الهبوط أمام الدولار، وإن كان العديد من المستثمرين في الكويت تحولوا إلى اليورو، إلا أنه لا توجد عملة تتيح لجميع المستثمرين التحول إليها بشكل رئيسي في ظل حرب العملات الحالية التي يعتبر فيها الدولار هو المستفيد الوحيد.
وأشار إلى أن تلك الحرب ناتجة عن الصراع بين الدولار الأمريكي والين الصيني، وهذا الواقع انعكس سلبًا على العديد من الدول ومنها مصر، وقال: لكن وجود سلة عملات في مصر سيقلل من تأثير تلك الحرب على قيمة الجنيه.
وحول تأثير تراجع الجنيه على معدلات التصدير إلى مصر قال: إن الدول التي تقوم مصر بالتصدير إليها ستعمل على مضاعفة معدلات وارداتها من مصر في هذه الفترة نظرًا لانخفاض أسعار السلع بالجنيه المصري، ولكن في المقابل سترتفع أسعار واردات مصر من الخارج نظرًا لارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه؛ ما سيخلق أعباء إضافية على الاقتصاد المصري.
الاسوأ لايزال أمام الجنيهومن جانبه أكد خالد عبد الفتاح مدير قسم التحليل الفني والمدير التنفيذي لشركة "جيزة سيستمز" أن الجنيه لم يفقد جزءًا من قيمته بسبب تذبذب قيمة الدولار، بل فقَد كل قيمته - على حد قوله-، مشيرا إلى أن ذلك التذبذب الحالي الذي يشهده الجنيه أمام العملات كافة سيستمر طويلا طالما أن العمل يتم بمبدأ الاقتصاد الحر المفتوح الذي يترك التعامل وفقا لحرية العرض والطلب؛ الأمر الذي تنعدم معه كل الثوابت التي يمكن من خلالها تحديد قيمة الجنيه على أساسها حاليا أو مستقبلا.
فيما وصف الخبير المصرفي د.عمرو توفيق السياسة النقدية في مصر بالمتوازنة، وقال إنها تحرص دائما على أن تكون هناك حالة من الثبات، إلا أن وضع الجنيه المصري يبدو أنه قد تأثر ببعض القرارات الاجتماعية مثل خفض الائتمانات على السكر بنسبة 50%، وكذلك تراجع السياحة إلى مصر بسبب سوء الأحوال الجوية ما أدى إلى إغلاق المطارات العالمية التي تصادفت مع بداية السياحة الشتوية وأزمة سمك القرش بشرم الشيخ.
وقال: إن هذا التذبذب الذي يشهده الجنيه المصري له أيضا تأثيرات أخرى، منها تأثر الصرف خاصة للجاليات المصرية في الخليج، حيث أصبح العائد أقل بمقياس البنك المركزي.
ظاهرة الدولرةأما الخبير الاقتصادي مصباح قطب فأكد أن من أبرز ملامح هذه القضية في 2010 ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري، حيث بدأت مصر العام، وكان الدولار يساوي5.47 جنيها ووصل الآن إلى 5.80 جنيها، وهذا يعني مكسبًا محققًا لحمَلة الدولار سواء كانوا هنا في مصر، أو كانو في الخارج من المصريين الذين اعتادوا تحويل مدخراتهم إلى مصر بالعملة الأمريكية، ولكن هناك نتائج لهذا الارتفاع وهي تشجيع الأفراد على اكتناز الدولار بدلا من تدويره في الدولاب الاقتصادي؛ ما يعني عودة أو شبه عودة ما يعرف بظاهرة الدولرة، والنتيجة الأخرى هي زيادة تكلفة الواردات والتي سترفع نسبة التضخم وتزيد من تكلفة المعيشة على المواطنين بما فيها تلك التي تتلقى تحويلات المصريين في الخارج، غير أن ثمة مكاسب لبعض الجهات الأخرى أهمها المصريون الذين يزيد انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار من قدراتهم على التصدير ومنافسة الآخرين وفتح أسواق جديدة.
ويذكر أن البنك المركزي كان قد أكد أخيرا على لسان هشام رامز، نائب محافظ المركزي بأنه لا يعتزم التدخل لدعم الجنيه المصري خلال هذه الفترة أمام الدولار الأمريكي، مؤكدا عدم شراء البنك لأي كمية من الدولار خلال الفترة الماضية كما أشاع البعض، معتبرًا معدل انخفاض قيمة الجنيه أمرًا طبيعيًا.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=27827&I=668