عماد توماس
الكتاب يفند أسباب العنف ضد نصف المجتمع ويصف العلاج
القس رفعت فكري:
•المجتمع العربي يلعب دوراً فعالاً في بؤس المرأة
•الدراسات تشير إلى أن 80% من العنف الممارس يقوم به الرجال مقابل 20% تقوم به المرأة.
•إقامة دولة مدنية وتغيير القوانين ومناهج التعليم و دعم الحركات النسوية الطريق لعلاج العنف ضد المرأة.
كتب: عماد توماس
صدر حديثا كتاب "العنف ضد المرأة" للقس رفعت فكري سعيد –راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا، ضمن سلسلة "قضايا معاصرة" التي تنشرها مطبوعات "نظرة للمستقبل" يتناول الكتاب الذي يقع في 220 صفحة من القطع المتوسط، معنى العنف من حيث المدلول اللغوي، والأسباب العامة للعنف في المجتمع المصري، وأسباب وأنماط وآثار العنف ضد المرأة، إضافة إلى موقف المسيحية من العنف ضد المرأة، وخطوات عملية لعلاج العنف ضد المرأة.
العنف ضد المرأة "إرث ثقافي قديم"
يرى القس "رفعت فكري" في مستهل بحثه، أنه على الرغم من كل ما حققه الإنسان من التقدم الهائل على كافة الأصعدة والمجالات الحياتية، من علوم وتكنولوجيا وثورة اتصالات، ولكن من المؤسف أن هذا التقدم الهائل لم يستطع أن يهدي البشرية إلى السلام والرفق والمحبة والألفة، إذ تبقى هناك الكثير من مظاهر الهمجية والبربرية والعنصرية والجاهلية لازالت عالقة ومترسخة في النفس البشرية وكأنها تأبى أن تنفض عنها تلك المساوئ والمثالب رغم تغير الرداء الذي ترتديه، ومن هذه المظاهر السلبية "العنف ضد المرأة" وهذا العنف هو "إرث ثقافي له تاريخ طويل يمتد إلى أيام الجاهلية الأولى حينما كان الرجل يفتخر بوأد الأنثى، رمز الفضيحة والعار".
مضيفًا أننا مازلنا اليوم في عالمنا العربي وإن كنا نعيش زمنيًا في بدايات القرن الحادي والعشرين إلا أننا فكريًا وحضاريًا بسبب موقفنا من المرأة – وبعض القضايا الأخرى- لازلنا نفكر بعقلية القرون الوسطى، وهو ما ينطبق على عالمنا العربي ما قاله الشاعر نزار قباني: خلاصة القضية توجز في عبارة، لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية !!
عالمية وعمومية العنف ضد المرأة... ولكن!!
يؤكد رفعت فكرى، على أن المجتمع العربي يلعب دوراً فعالاً في بؤس المرأة، فهو من يبرح نفسه بعادات وتقاليد بالية قد عفي عليها الزمان، وهو من يمنح الحقوق والأعذار للرجل كونه رجل يحق له ما لا يحق لغيره، فهو من جعل العنف ضد المرأة ظاهرة موثقة وموجودة عبر مر الأزمان، ففي كل يوم نرى أقلام مبدعة تنبري للدفاع عن قضية المرأة وحقوقها، وهي أقلام متحمسة ذكورية في أغلب الأحيان، وكأن ذلك هو المحفز الوحيد الذي يدعم المرأة المترجلة في بحثها عن حقوقها، فقد وضعت بذلك الرجل مقياساً لها وجعلت من طبيعته الذكورية رادعاً ومصدراً لإيحائها بتلك الحقوق
العنف ضد الرجل وهل هو رد الصاع صاعين ؟!!
يفاجئنا القس فكرى، برصد بعض الدراسات التي تشير إلى وجود عنف من المرأة ضد الرجل، فبعض الدراسات العلمية تشير إلي أن 80% من العنف الممارس يقوم به الرجال مقابل 20% بالمائة تقوم به المرأة " ويستشهد بما كشفه "المرصد الصحفي" بملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، عن ارتفاع معدل العنف ضد الرجل من واقع ما نشرته الصحف المصرية، فحدث ارتكاب (111) جريمة عنف بحق الرجال ؛ وذلك خلال الفترة من 30 يونيو 2005 حتى 24 ديسمبر 2005؛ وكانت العينة التي تم العمل عليها هي صحف الأهرام ؛الأخبار ؛ الوفد ؛ نهضة مصر؛ المصري اليوم. واعتمدت الدراسة على منهج "تحليل المضمون" لصفحات الحوادث بتلك الصحف ؛مع مراعاة عدم تكرار نشر الجريمة بأكثر من صحيفة.
أسباب العنف ضد المرأة
يسرد القس فكرى عشرة أسباب للعنف ضد المرأة منها:
1-صمت المرأة وتقبلها العنف بتسامح وخنوع ورضوخ وسكوت.
2-الأسباب الثقافية؛ كالجهل وعدم معرفة كيفية التعامل مع الآخر وعدم احترامه.
3-الأسباب التربوية؛ قد تكون أسس التربية العنيفة التي نشأ عليها الفرد هي التي تولد لديه العنف.
4-العادات والتقاليد؛ هناك أفكار وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الرؤية الجاهلية لتمييز الذكر على الأنثى مما يؤدي ذلك إلى تصغير وتضئيل الأنثى ودورها.
5- الأسباب البيئية: فالمشكلات البيئية التي تضغط على الإنسان، كالازدحام، وضعف الخدمات، ومشكلة السكن، وزيادة السكان و..... إلخ ، فذلك يدفعه دفعًا نحو العنف ليؤدي إلى انفجاره في من هو أضعف منه (المرأة).
6-الأسباب الاقتصادية: فالخلل المادي الذي يواجهه الفرد أو الأسرة، والتضخم الاقتصادي الذي ينعكس على المستوى المعيشي لكل من الفرد أو الجماعة.
7-عنف الحكومات والسلطات: وذلك من خلال سن القوانين التي تعنّف المرأة أو وقوف القوانين لصالح من يقوم بعنفها، أو عدم الأخذ بحقها وكرامتها عندما تمد يدها لأخذ العون منهم.
8-الإعلام يرسخ تسيد الرجل سواء في الأفلام أو المسلسلات وغيرهما.
9-النظام التشريعي ويتمثل في: ضعف التشريع العقابي وانحياز التشريع لمصلحة الرجل فليس من حق المرأة أن تطلب الطلاق إذا كان الزوج عقيمًا، ولكن للزوج أن يطلقها إذا كانت عقيمًا.
10-ضعف شخصية بعض النساء نظراً لاستسلامهن للخنوع والمهانة بذريعة المحافظة على الأسرة والأولاد أو خوفاً من الفضيحة والسمعة أو خوفاً من تهديد الزوج.
آثار العنف ضد المرأة
من ضمن آثار العنف ضد المرأة على الأسرة والمجتمع:، التي يذكرها القس رفعت فكرى في كتابه: الأضرار الجسدية والنفسية. مثل شعور المرأة بالخوف وانعدام الأمان. و الحد من إمكانية حصولها على الموارد - منعها من التمتع بحقوقها كإنسان، تضخم الشعور بالذنب والخجل والانطواء والعزلة وفقدان الثقة بالنفس واحترام الذات.
موقف المسيحية من العنف ضد المرأة
يؤكد القس فكري على أن المسيحية ترفض شتى أنواع العنف سواء العنف الجسدي أو اللفظي أو المعنوي كما رفض السيد المسيح مبدأ الاعتداء على أي أحد من البشر أيا كان لونه أو جنسه أو دينه أو مذهبه أو معتقده الفكري فالمسيحية ترى أن جميع البشر هم خليقة الله وجميعهم متساوون في الكرامة. والمرأة في المسيحية كما يقول الكتاب المقدس ليست من دون الرجل في شئ ولكنها مساوية له تماماً فالله سبحانه وتعالى بعد أن خلق آدم خلق حواء لتكون معيناً نظيره، وكلمة نظيره تعني المساواة التامة.
ورفض السيد المسيح استخدام العنف بكل أشكاله مع أي أحد من الناس. ومن هنا لا يجوز لأي رجل أن يمارس العنف ضد المرأة، وكذلك لم يرد في الكتاب المقدس أي أمر بالاعتداء بالضرب على المرأة، لذا فهو أمر مرفوض تماماً، فلا يليق برجل متحضر أن يضرب زوجته. أما بخصوص العنف الجنسي واغتصاب الزوجة وممارسة الجنس معها بالقهر والعنف فيقول الكتاب المقدس على لسان الرسول بولس: "حسن للرجل أن لا يمس امرأة ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته وليكن لكل واحدة رجلها وليوف الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضا الرجل ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل وكذلك الرجل أيضا ليس له تسلط على جسده بل للمرأة لا يسلب أحدكم الآخر إلا أن يكون على موافقة."
هل من علاج للعنف ضد المرأة؟!!
لم يكتفي الباحث القس فكرى بسرد أسباب وآثار العنف ضد المرأة ن لكنه يضع روشتة علاج كي تأخذ المرأة كافة حقوقها من خلال:
1-إقامة دولة مدنية وفق مفاهيم أن المرأة و الرجل متساوين في الحقوق بشكل متوازن، ولا وصاية للرجل على المرأة تحت أي ذريعة كانت.
2-إقامة الدولة العلمانية المحايدة بين جميع العقائد و المفاهيم، ويكون فيها السيادة للقانون (أي دولة القانون، المعيار فيها الكفاءة و المهنية).
3-تغيير القوانين وفق المفاهيم الحديثة، أي قوانين المجتمع المدني المستمدة من الشريعة الدولية/الأمم المتحدة.
4-تغيير مناهج التعليم منذ مرحلة رياض الأطفال، و إلى أخر صف في المرحلة الإعدادية تدرس مفاهيم حقوق الإنسان. إن المرأة هي نصف المجتمع و الأم للنصف الآخر للمجتمع.
5-يجب أن يكون للجامعة في دول العالم النامي دور أوسع و أكبر من جامعات الدول المتقدمة، من حيث إعطاء دروس عن المهنية و السلوكية لكل كلية، و التأكيد على قوانين حقوق الإنسان.
6-جعل يوم عالمي لمساواة المرأة بالرجل و أن تكون المساواة متوازنة.
"وبما أن ظاهر العنف ضد المرأة عالمية، فلا بد من مكافحتها عالمياً أيضاً وعن طريق الالتزام بالمواثيق الدولية و كذلك عن طريق:
- دعم الحملة العالمية لوقف الظاهرة وفضح مرتكبيها ومعاقبة الدول التي يمارس فيها العنف ضد المرأة.
- دعم الحركات النسوية و المناهضة لعنف المرأة في تصعيد وعي المجتمع ووعي المرأة بحقوقها الكاملة.
- سن قوانين صارمة ضد مرتكبي جرائم الشرف.
- سن قوانين عمل تضمن المساواة في أماكن العمل من حيث الأجر وساعات العمل، إضافة على الأخذ في الاعتبار عطل فترات الحمل والولادة وتوفير ظروف عمل أفضل لها.
- التوعية المستمرة عبر وسائل الإعلام ضد ظاهرة العنف ضد المرأة ومن أجل استكمال ممارسة حقوقها كاملة غير منقوصة.
- مكافحة عملية المتاجرة بجسد المرأة وعمليات الاختطاف والتهريب للمرأة.
http://www.copts-united.com/article.php?A=28022&I=672