أبو العز توفيق
حاورهم: أبوالعز توفيق
سيناريو متكرِّر ولم ينته بعد هو مسلسل قتل الأقباط في "مصر". فلا حاجة أن نعيد إلى الأذهان أحداث "الكشح" و"نجع حمادي"، وغيرها من الحوادث التي يعلمها الجميع جيدًا. اليوم ذهبنا إلى قرية "الحرجة" التابعة لمدنية "البلينا" محافظة "سوهاج"؛ لمقابلة أهالي الضحايا الذين ماتوا بيد الأمن في أحداث "العمرانية"؛ لنقل الصورة واضحة، وكما هي..
في البداية، تقابلنا مع الأنبا "ويصا"- مطران "البلينا"- وبسؤاله عن كيفية استقبال المسلمين والمسيحيين لخبر استشهاد "مكاريوس" و"ميخائيل" وهم من أبناء قرية "الحرجة"، أوضح نيافته أن كل المسلمين والمسيحيين بدا عليهم الحزن في تشييع الجنازة، كما شجبوا أفعال الأمن في هذا الحدث، وأدانوا الحكومة؛ لعدم معاقبتها وزير الداخلية بسبب أفعال الشرطة، على حد قوله.
وقال القمص "إبراهيم فانوس"- كاهن كنيسة الشهيد "مار جرجس" بـ"الحرجة": إن حادث "العمرانية" أودى بحياة اثنين من قرية "الحرجة" هما "ميخائيل مبارك"- 24 سنة- والذي كان يعمل نجارًا، وكان من المقرَّر عقد زفافه في العاشر من يناير الجاري. مشيرًا إلى أنهم يحسبونه من زُفوا إلى السماء في أحضان القديسين. وأما الشهيد الثاني فهو "مكاريوس جاد شاكر"- 19 سنة- والذي كان يعمل بنَّاءًا معماريًا، وقد اُستشهد في عيد ميلاده التاسع عشر. مؤكدًا إنهما كانا من أفضل شباب الكنيسة، وتميَّزا بالهدوء، والصلاة، والاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة بصفة دائمة، والأخلاق المسيحية الكاملة، وذهبوا إلى "العمرانية" للعمل من أجل لقمة العيش ولمساعدة أسرهم، وهم من جانبهم استقبلوا خبر وفاة الشابين بكل الحزن والأسى.
وأشار "فانوس" إلى أن شعور مسلمي القرية كان شعورًا رائعًا في الحقيقة، موضحًا أنهم تعاطفوا جدًا معهم، وقد حضر عدد كبير منهم إلى الجنازة بما فيهم عمدة القرية وكبار رجالها. مضيفًا أن علاقة المسلمين بالمسيحيين داخل القرية طيبة، ولا وجود للتفرقة أو للتعصب بينهم نهائيًا، وإنهم يفرحون ويحزنون معًا، ولكل منهم أصدقاء من المسلمين والمسيحيين.
والتقينا بوالدة الشهيد "ميخائيل"، التي كانت تبكي، ولم تقل سوى: "حسبي الله ونعم الوكيل! إيه ذنب ابني لما قتلوه؟ ولدي كان فرحه النهاردة، حرام عليهم قتلوه.. كان بيصرف علينا.."
وأوضح والد الشهيد "ميخائيل" أن ابنه لم يشترك في أية مظاهرة. مشيرًا إلى أن ابنه كان يعمل بالصعيد في القرية "ورشة نجارة"، ولما ضاق به الحال، ذهب للعمل في القاهرة، حيث كان يرسل لهم مصاريف البيت بالبريد، أو مع شخص قادم من "مصر" على حد قوله، وأضاف: "كان كل همه في الحياة أن يصنع لنا حياة كريمة، ولكن الحكومة لم يعجبها هذا وقتله، ومنذ وفاته لا نجد قوت يومنا".
والتقينا مع أسرة الشهيد "مكاريوس"، فقالت والدته: إن ابنها لم يشارك في المظاهرات، حيث أنه كان نائمًا أثناءها نتيجة تعبه في "المعمار". مشيرةً إلى أن ابنها ذهب إلى "مصر" للعمل وليس للمظاهرات؛ لأنه يقوم بالانفاق على البيت. مؤكدةً أنه كان يقوم بالصلاة والصوم، وكان يحبه الجميع من أجل أخلاقه، كما كان يريد الرهبنة، إلا أنها منعته لعدم وجود مصدر رزق آخر لهم. وقالت: "ياريتني كنت تركته يترهبن، على الأقل كنت أقدر أزوره في الدير، لكن الآن لن أشاهده مرة أخرى، رغم أنه يأتي إليَّ في الحلم، ويقول لي: يا أمي لا تبكي، أنا جالس مع القديسين، والمسيح، ووالدة الإله مريم، والملائكة".
وقالت أخت "مكاريوس": إنهم عرفوا خبر وفاة أخيهم من التليفون، حيث اتصل بهم أحد أقاربهم وأعلمهم به. مؤكدةً أنه كان صدمة كبيرة لهم، سقطوا بعدها في الحزن والبكاء، وقد كان ذلك شعور أهل القرية جميعًا مسلمين ومسيحيين، بسبب حبهم له.
وعن رفع دعوى قضائية ضد الأمن المصري باعتباره المتسبب في موت ابنهم، قالت أخته "مكاريوس": إنهم لن يقوموا بذلك بسبب فقرهم. مشيرةً إلى عدم وجود عدل أو قانون في "مصر"، وأنه لم يُحكم حتى الآن في قضية "نجع حمادي"، رغم أن الأدلة ثابتة على الجناة. وأضافت: "حق أخي ياخذه لنا ربنا منهم".
وعن مطالبهم من الحكومة، قال والد الشهيد "مكاريوس": إنهم يطالبون بمراعاة الضمير، ومعاقبة الأمن المصري على إرهابه في أحداث "العمرانية".
وعن رأيهم في اضطهاد الأقباط في "مصر"، أوضحت أخت "مكاريوس" أن هذه الأحداث ناتجة عن فساد الحكومة، وعدم معاقبة قاتلي الأقباط حتى ولو بالسجن، وكأن الدولة تريد ذلك.
وفي نهاية حديثهم، طالب أهالي الشهداء المنظمات الحقوقية، بالتدخل لإنهاء اضهطاد الأقباط في "مصر".
http://www.copts-united.com/article.php?A=29356&I=693