مادلين نادر
كتبت: مادلين نادر
"عيد الشرطة أجازة رسمية للحكومة والقطاعين العام والخاص".. هكذا صرَّحت "عائشة عبد الهادي"- وزيرة القوى العاملة والهجرة- مؤخرًا، بأن يوم الخامس العشرين من يناير (عيد الشرطة) أجازة بأجر كامل للعاملين.
ورغم أن أجازة العاملين يوم عيد الشرطة كان بقرار من الرئيس "مبارك" إبريل 2009، إلا أن تأكيدات وزيرة القوى العاملة في وسائل الإعلام المختلفة بأن يكون هذا اليوم أجازة بأجر كامل، أثار تساؤلات العديد من المواطنين حول السبب الأساسي لهذه التأكيدات، خاصة وأن هذا اليوم قد تم الإعلان على أنه سيكون يومًا لثورة الغضب، بالإضافة إلى وجود دعوات لمشاركة المواطنين في التظاهر خلال هذا اليوم.. هناك من اعتبروا اليوم أجازة إجبارية من قبل الحكومة لعدم المشاركة في التظاهر والاحتجاج، وهناك من اعتبروه أمرًا عاديًا، بل وهناك فريق آخر دعى لعدم الاشتراك في مثل هذه التظاهرات، معتبرًا إياها شيئًا ضارًا بأمن البلاد.
بداية، وقبل أن أحاول التعرف على بعض الآراء المتداوَلة حول هذا الأمر في الشارع المصري- تصادف أن استمعت إلى حوار بين شاب في العشرينات ورجل في الخمسينات من عمره بمترو الأنفاق حول أجازة عيد الشرطة، والسبب من وجهه نظرهم. وهو الأمر الذي جعلني أشعر بأن هناك من تصل إليهم معلومات مغلوطة، ومن يحدث له ارتباك بسبب تضارب المعلومات التي تصل إليه؛ فعندما تساءل الشاب عن سبب الأجازة، أجابه الآخر: "البلد والحكومة عايزة الناس تعمل مظاهرات وتعمل زي تونس كده!!!"، وشعرت أن الشاب وجد ضالته في هذه الإجابة، واقتنع تمامًا بصحتها.
وبسؤال "مريم كامل"- مدرِّسة- عن رؤيتها للأمر، أجابت: "عيد الشرطة أجازة منذ العام الماضي، حيث يتم فيها إلغاء الامتحانات. ولكن هذ العام هناك تأكيدات على أنه أجازة بأجر كامل حتى في القطاع الخاص أكثر من العام الماضي. وأعتقد أن هذا يرجع لتخوفات من التظاهرات التي من المتوقع حدوثها أمام وزارة الداخلية أو غيرها.. ولكني أعتقد أن فكرة الأجازة والتأكيد عليها ستجعل الشباب أكثر تحمُّسًا للخروج في المظاهرات والاحتجاجات".
وأشار "عادل"- صيدلي- إلى أنه قد لقد انتباهه تأكيدات وزيرة القوى العاملة على أن عيد الشرطة أجازة في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى ما البيان الذي تم إصداره من قبل الداخلية الأحد الماضي، حول المسئول عن تفجيرات "الإسكندرية"، والذي اعتبر ما قامت به الداخلية وسامًا جديدًا يضاف إليهم قبل عيدهم. وتساءل: أي وسام هذا؟ هل دور الشرطة هو أن تكشف الجرائم والأحداث الإرهابية بعد وقوعها أم إحباطها منذ بدايتها، وقبل حدوثها؟! ومن سيُحاسب على هذا العمل الإرهابي وغير الإنساني؟! موضحًا أن كثيرين يعتقدون أن يوم الأجازة هو تحويل لانتباه الشعب، في محاولة لإبعاد من يحاولون الاعتراض على أوضاع حالية أو حتى التعبير عن آرائهم ومطالبهم المشروعة كمواطنين. معتبرًا أن التأكيد على أجازة عيد الشرطة هذا العام، ما هي إلا مسكِّنات للأوضاع التي يعاني منها الشعب في "مصر"، دون وجود حلول جذرية لها، كما أنها تهدف إلى إخلاء الأجواء لإمكانية التصدي والمواجهة للتظاهر.
وأوضحت "شيرين"- طالبة بكلية الحقوق- أن يوم الغضب يعبِّر بالفعل عن تحرُّك داخل المجتمع المصري، وأنها تؤيد شباب حركة "6 أبريل" وغيرها، الذين يتحركون ويتكلمون ويحاولون ولا يفضلون الصمت ودفن الرأس في الرمال، ويحاولون الحصول على حياة كريمة يستطيعون فيها إيجاد عمل وسكن وطعام، وهي الحقوق الأساسية لأي إنسان، في ظل الغلاء والأزمات المتتالية التي تجعل المصريين محبطين وغير راضين عما وصلت إليه الأحوال في بلادهم، على حد تعبيرها.
واتفقت معها في الرأي "رانيا أحمد"- أخصائية نفسية- مؤكِّدة على ضرورة الخروج للشارع للتعبير عن آرائهم ومطالبهم وحقوقهم. وأشارت إلى أن دور الشرطة من المفترض أن يكون للحماية وليس لفض الوقفات، حيث أن استخدام العنف في فض التظاهرات والإحتجاجات من شأنة إثارة المشاركين فيها، والتسبب في فوضى، وإحداث ما لا يُحمد عقباه. وقالت: "الشرطة في دول العالم تحمي المظاهرات والوقفات الإحتجاجية، ولا تقوم بفضها وتفرقة المتظاهرين مثلما يحدث هنا. وبالتالي يعبِّر الواقفون عن أسباب إحتجاجهم بالطرق السلمية."
وفي النهاية، أوضحت "مارسيل"- ربة منزل- أنه بالرغم من وجود مطالبات بجعل هذا اليوم هو "يوم الغضب"، إلا أن هناك بعض القيادات الدينية التي أصدرت بيانات تحث على عدم المشاركة في الإحتجاجات. مشيرةً إلى أن هذه البيانات يتم تداولها بشكل كبير خاصة بين خدام الكنائس، حيث تأتي رسائل بنص البيان، مكتوب في نهايتها "ارسلها للآخرين". وأضافت: "أعتقد أن كثيرين سيفضلون الجلوس بمنازلهم؛ خشية ما يمكن أن يحدث في الإحتجاج بيوم الغضب."
http://www.copts-united.com/article.php?A=29640&I=698