ماريان جرجس
بقلم/ ماريان جرجس
كثيراً ما يمر صاحب القلم بأوقات عصيبة.. يدخل فيها المرء في مواجهات حادة مع بريد القلب -كما قال القدماء عن القلم في سابق العصور- فهو أعز صديق له، فتارة يقف حائراً يهيم به على مساحات بيضاء وتارة يجري به وسط حروف وسطوروأحياناً لا يستطيع أن يثقب بنظره إليه! ومرات كثيرة يخطفه من راحته ويرمح به دون أن يشعر وكأنه استل سيفه من غمده وذهب إلى رحى الحرب!!
هذا ما حدث مع كاتب أمين معاصر لم يعرف إلا الحق طريقاً لقلبه فبدأ يروي: أنه مرت عليه فترات أحس وأن نبض قلبه توقففأخذ يتصفح إنتاج الأقلام الأخرى في شتى الصحف والمجلات دون أن يعبأ باسم الصحيفة أو مصدرها فكانت لديه مقاييس ومعايير أخرى يقيم بها الإنتاج الفكري الذي يقرأهـ وبدأ جولته التي طالت ساعات دون أن يتحرك قلمه الذي ظل يتمنى أن يعطيه الشرف ذلك اليوم ليكتب وكأن قد قُدر له أن يتحقق ما تمنى عندما توقف القارئ لحظات مندهشا وهو يقرأ صحيفة تبدو أعجمية وخصوصا عندما قرأ مقالاً كان يتكلم عن مأساة وقعت بتلك البلد.. بعنوان (لا للقوانين الغاشمة..!)
وقد بدأ المقال يهاجم ذلك القانون الذي بدا أنه متعسفاً ويسبب كارثة في تلك البلد ولم يترك كلمة واحدة تنفر وتستنكر إلا وقالها على ذلك القانون؟؟ تُرى ما هو الذي سبب المآسي في تلك البلد؟ وما هو ذلك القانون الذي يستحق كل الهجوم؟؟!
ويا للعجب! هو قانون لا يحمي الحقوق الفكرية لأعمال الأطفال الإبداعية في سن صغيرة أي أثناء المرحلة الابتدائي...!!!
لم يتمالك الكاتب نفسه وقبل أن ينتهي من قراءة المقال أسرعت أنامله قبل مقلتيه وتناول قلمه وبدأ يسطر قائلاً: حقاً لقد احترق قلبي عليكي يا مليكة البلدان يا مصر الجميلة فالعالم من حولك يسن قوانين لحماية حقوق الطفل الفكرية وأنتِ لازلتِ تجادلين وتحاربين من أجل قانون يحمي حياة طفل؟!
من أجل قانون يكفل لهم رعاية اجتماعية؟؟ من أجل تحقيق لهم حياة بدائية أولية من مشرب ومأكل ومسكن آمن صحي؟!
من أجل مدرسة وفصل ومعلم؟!
من أجل وسيلة مواصلات آمنة لا تهدد حياته كل يوم وتخنق أنفاسه؟
من أجل مشفى يجد فيه أبسط وسائل العلاج؟
فكم طفل ينتظر قانون لكي يحقق حلم ما.. إما أن يسكن في بيت أو يذهب إلى مدرسة؟
كم طفل ينتظر عملية جراحية؟
كم طفل ينظر عملية نقل عضو في حاجة له لكي يلتقط أنفاس الحياة وينتظر إلى أن تنتهي جلسة الحوار والجدال حتى يسُمح بنقل الأعضاء؟
كم طفل نور عينيه في خطر ويحتاج إلى عمليات (ترقيع القرنية) ونحن لازلنا نفتقر إلى قانون يسمح بنقلها من متبرع متوفي واكتتب الموافقة بورقة موثقة؟
كم طفل ينتظر قانوناً واحداً يحميه من العنف الذي يترصد له في المدرسة: مصنع العلم؟
كم طفل ينتظر قانوناً يضمن له الحق في أن يعُامل معاملة طيبة داخل أروقة التأمين الصحي؟
كم طفل ينتظر قانوناً يعطيه الأمن كي يعبر عن رأيه؟
كم طفل ينتظر قانوناً يعطيه الأحقية برفض العنصرية؟
فعفواً أيها القانون الذي تعطل سن القوانين في بلادي.. فأنا لست من مؤيديك بل أنا ثائر عليك وناقم على كل مَن ينصرك فأنت قانون عقيم ليس لك أولاد سوى المرارة والألم.. وسيظل قلمي ينادي المسئولين وكل من له يد أو عليه دور ألا يتأخر في التنفيذ وسأظل أنادي حتى إن تذهب بلا رجعة.. فمكانك ليس في بلدي التي تستحق أن تكون قدوة في كل قانون تضعه فيحذو حذوها كل بلد يريد أن يعرف الطريق إلى النور والحياة..
وبهذا أنهى الكاتب كلماته تاركاً علامات الاستفهام والتعجب تحظى بنصيب وافر من العيون التي قرأت إنتاج قلمه ولكن تُرى هل سيكون لكلماته دوياً وتأثيراً أم ستبقى الكلمات فتعود لتُسمع صداها في صحراء ليس على أرضها مَن يسمع؟؟؟!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=298&I=8