مجدي ملاك
بقلم: مجدي ملاك
ما إن أعلن عن زيارة الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لمصر في الرابع من يونيو القادم، حتى بدأت الأقلام تكتب عن أهمية تلك الزيارة، وعن كون اختار أوباما مصر كأول دولة عربية فهذا يعني أهمية مصر بالنسبة للولايات المتحدة وعلى حرص الولايات المتحدة على زيارة أهم دولة عربية في المنطقة باعتبارها لاعب أساسي واستراتيجي في المنطقة، ومع الاعتراف بكل ما سيق من مبررات لاختيار أوباما لمصر ليلقي فيها أول خطاب للدول العربية فهذا لا يجب أن يغفل أعيينا عن ما يمكن أن تؤدي إليه تلك الزيارة فيما يتعلق ببعض الأمور التي تخص مصر بشكل خاص والمنطقة بشكل عام.
ولكن قبل تحليل تلك الأمور يجب التأكيد على عدد من الأمور أن مصر ليست هي الدولة الأولى التي يخص بها أوباما الدول الإسلامية حيث زار أوباما الدولة التركية في الشهر الماضي، واختار أن تكون أولى زياراته لدولة إسلامية نظرًا لما تتمتع به تركيا من مميزات تخص الديمقراطية والتطور الاقتصادي والاجتماعي هذا بالإضافة إلى عضويتها في حلف الناتو، وأيضًا علاقتها المتميزة بإسرائيل ومن ثم يجب التأكيد هنا إن الأولوية بالنسبة للولايات المتحدة كانت تركيا لأنها تعتبر الدولة الإسلامية الوحيدة التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة وإسرائيل معًا في وقت واحد.
الأمر الآخر الملفت للنظر إن الدكتور "سعد الدين إبراهيم" في حوار له لـ "المصري اليوم" قال أنه نصح الرئيس الأمريكي بعدم زيارة مصر في الوقت الحالي وأن يختار تركيا أو إندونيسيا كأول دولة إسلامية يمكن أن يقوم بزيارتها نظراً للتطور الديمقراطي في هاتين الدولتين، وأنه نصح أوباما بعدم الإعلان عن زيارة لمصر دون أن تكون هناك تطورات على الصعيد الديمقراطي يتعهد بها النظام أولاً وقبل المضي في تعزيز العلاقات المصرية – الأمريكية وهذا لابد له أن يطرح علينا سؤال غاية في الأهمية: هل اتفق الطرفان الأمريكي والمصري على حزمة من الإجراءات التي تساعد في إحداث تطور ديمقراطي حقيقي داخل مصر ومن ثم تكون المكافأة لذلك هي زيارة أوباما لمصر وإلقاء خطاب للعالم العربي والإسلامي؟؟
النقطة الأخرى في مجمل الملاحظات حول تلك الزيارة إن هناك ثلاثة من المثقفين قاموا بزيارة إلى واشنطن في الفترة الأخيرة وهم الدكتور "حسام بدراوي" رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، والمفكر الكبير المقرب للحزب الوطني "عبد المنعم سعيد"، ورجل الأعمال الوفدي "منير فخري عبد النور".
وقد كتب الدكتور عبد المنعم سعيد عن تلك الزيارة في مقال له بجريدة الأهرام تحت عنوان "رحالي إلى أمريكا" أوضح فيه أن هدف الزيارة كان الاستماع والحديث والنقاش مع مجموعة من مراكز الأبحاث والدراسات المقربة للرئيس أوباما، وخلص الدكتور عبد المنعم سعيد في مقاله أن أمريكا اختلفت في الوقت الحالي عن الوقت السابق وقصد تحديدًا عن وقت إدارة الرئيس جورج بوش، الذي أوضح أن عهد بوش افتقد للحوار واقتصر فقط على رؤية واحدة ومطالب محددة ولكنه وحسبما يقول في المقال فقد تغيّر كل شيء داخل الولايات المتحدة وأصبح الكل يريد أن يسمع ويتحدث معك ويناقشك.
ومن ثم مثلت تلك الزيارة واحد من أهم الزيارات التي قام بها مفكرون مصريين من الحزب والمعارضة، ولعل مشاركة الأستاذ منير فخري عبد النور كأحد أطراف المعارض له مدلول كبير أرادت أن ترسل به الدولة المصرية مفاده أن الحكومة والنظام المصري لا ينفرد بالقرار بل يسمح للمعارضة بالمشاركة في حوارات إستراتيجية مع الولايات المتحدة حتى لو لم يكن هذا بشكل واقعي وحقيقي، إلا أن الإدارة المصرية أرادت توصيل رسالة أنها أكثر انفتاحاً على المعارضة والدليل كان مشاركة الرجل الوفدي منير فخري عبد النور في حوار أعدت له وزارة الخارجية المصرية.
على أية حال لا يمكن فصل تلك الزيارة التي قام بها هؤلاء ولا يمكن فصل ما قاله الدكتور سعد الدين إبراهيم عن مجمل ما يدور في الوقت الحالي، خاصة الإعلان المفاجئ عن تلك الزيارة حيث لم يتوقع أحد الإعلان عن تلك الزيارة خاصة أن الرئيس مبارك سيكون في الولايات المتحدة قبلها بأيام ومن ثم لا توجد حاجة عاجلة لتلك الزيارة غير أن تكون هناك ترتيبات سوف نفهمها بمرور الأيام ويقدر من تحليل ما يجري على أرض الواقع.
ولكن السؤال الأهم في كل ما سبق هو هل ستضر زيارة أوباما لمصر بالديمقراطية في مصر والمنطقة العربية؟؟، والخوف هنا نابع من الفهم الخاطئ الذي يمكن أن يصل للدول العربية من تلك الزيارة حيث كل شيء مغلوط وعكسي لدى الدول العربية.
فقد يفهم البعض تلك الزيارة بأنها إعلان عن تخلي الولايات المتحدة لمطالب الديمقراطية التي ظلت تطالب بها طوال السنوات السابقة ومن ثم سيجهض ذلك كل الجهود التي قامت بها المعارضة وكل حركات الإضراب والعصيان في المجتمع المصري طوال السنوات السابقة، وهو ما يعني القضاء على كل الانجازات التي تحققت في الفترة الأخيرة.
هذا هو السؤال الأهم في تلك المرحلة ونتمنى أن يكون وراء تلك الزيارات تحالفات وتربيطات تخص التقدم الديمقراطي وتعهد النظام المصري بمزيد من الإصلاحات في سبيل قيام أوباما بزيارة مصر، لأن خلاف وجود تلك التربيطات سيفهم النظام المصري والمنطقة العربية بأسرها رسالة أوباما بشكل خاطئ لأنهم تعودوا على خلط الأمور والفهم العكسي لكل رسالة غربية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3023&I=81