شفيق بطرس
بقلم: شفيق بطرس
اقتربت لحظات بزوغ فجر يوم جديد وتعبت عيون الراهب العجوز من ضوء الشمعة التي يثبتها أمام كتابه المقدس، واقترب أكثر من صفحات الأجبية لينهي تسابيح وصلوات باكر، ولم يكن أي تيار للهواء يدخل من شباك مغارته التي يتوحد فيها منذ سنين وهي القلاية كما يطلقون عليها الآباء الرهبان.
ولكن نفخة قوية تُطفئ الشمعة وتمنعه عن رؤية صفحات الأجبية والإنجيل ويعاود إشعال الشمعة من جديد ولكن تأتي النفخة بكل غيظ وتحدي وتُطفئ شمعته مرة أخرى، فهم الراهب العجوز أن عدو الخير شيطان الغيرة والحقد قد أحرقته صلواته وتضرعاته، وفشل في أن يُضيع أفكاره ومشاعره ليبعده عن تسابيح وصلوات باكر، فقرر أن ينفخ في شمعته ويُظلم قلايته ويحرمه من رؤية كتبه المقدسة.
تنهد الراهب العجوز وقام وفتح شباك قلايته الخشبي المتهالك والمُطل على تلال وجبال وصحراء شاسعة ودخلت على الفور منه أشعة نور الفجر وأول لمسات إشراقة شمس الصباح لتنير صفحات كتبه المقدسة.
ضحك الراهب العجوز ضحكة تحدي وقال منتهرًا للشيطان.. تتشطر وتطفي الشمعة وتكرر محاولاتك وتنجح في إطفائها ها أنا قد فتحت النافذة ودخل شعاع نور السماء.. أرني قوتك الآن وحاول أن تُطفئها حاول أن تُظلم المكان الآن، لن تفلح يا ملعون.
تذكرت هذه القصة وتخيلت كل المسكونة كصرح كبير مُغلق على مجموعة من الأشخاص ولكل منا حجرته وهي كيانه وروحه، وهذه الحجرات لها منافذ تطل على الفضاء الشاسع وتختلف منافذنا ونوافذنا، فمن له نافذة من طين ومن له نافذة من صفيح ومن له نافذة من خشب أونحاس أو فضة أو دهب.
كلها نوافذ وكلها معادن تختلف وأحجام قد تختلف لكنها والأهم هي أن تظل مفتوحة ليدخل منها نور الحب الإلهي، وإذا دخل إلى قلوبنا وكياننا النور لا يهمنا ولا يهم الآخرين معدن ونوع وشكل نوافذنا فالأهم هو النور الذي دخل منها وملأ كياننا ووجداننا وأنار قلوبنا بالمحبة التي علمها لنا الإنجيل أنها تتانى وتُرفق، المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء.
وبهذه المحبة عرفنا الحب للجميع ومنها التسامح ونبذ الكراهية والخصام، منها عدم الشماته فى مصائب الآخرين، ونشارك كل من له تعب وأحزان بكل قلوبنا ومشاعرنا فنحن قد عرفنا المحبة والحب المنبعث من فيض النور الإلهى الذي قد ملأ كياننا وقلوبنا ونقول تعزياتنا القلبية للرئيس مبارك وكل أسرته في مصابهم الجلل بوفاة حفيده ونطلب لهم كل صبر وعزاء من الله وأن يمتع الجميع بمحبته المتولدة من النور السمائي الذي هو وبكل صدق نور للجميع.
مش كده ولا إيه
http://www.copts-united.com/article.php?A=3122&I=84