دميانة إقلاديوس
بقلم: دميانة أقلاديوس
نحن نعلم جميعًا أن التاريخ مملوء بالمذابح البشرية التي ملأت أوراقه وكلاً من الطرفين كان يقتنع مؤمنًا أنه الطرف الصائب، فمثلاً "هتلر" ومذبحته الشهيرة لليهود وما فعل من تعذيبهم وتشريدهم وموتهم سواء كان من الحرق أو الجوع أو القتل الجماعي... ومذابح اليهود للفلسطينيين مثل "دير ياسين" وكانت على يد "مناحم بيغن" وكان أغلبيتهم من النساء والأطفال والشيوخ، وغيرها من المذابح التي حدثت وما زالت تحدث ويقوم التاريخ بتسجيلها.
وهذا يدل على أنه لا توجد دولة في العالم لا تخلو من رجلاً مرَّ عليها وكان بمثابة سكين طائر على رقبة شعبها، وقد ساعدنا في معرفة هذا "قلم التاريخ" الذي سَجّل وسَطر لنا مراحلها البشعة ولكن لا يكتفي التاريخ فقط بتلك الأحداث من مختلف البلدان ولكنه أصر على أن يضم مصر بين أوراقه، وسطر لنا ما حدث فيها من مذابح شتى.
وعندما نُقلّب سويًا صفحاته سنجد أن ما حدث في مصر من مذابح كانت نقطة محورية لها في التقدم والتطور، مثل مذبحة القلعة فلم تكن كأي مذبحة عادية بل هادفة مصاحبة بتغيرات جذريًا في تاريخ مصر الحديث وبالطبع لم نستطيع نسيان ذلك، وتتطاير بنا صفحات التاريخ لتحكي وتروي لنا مذابح كانت مؤلمة من حرب 67 وكما يقال فيها النكسة الكبرى وما عاناه الشعب المصري ألمًا وحسرة وما جرته الهزيمة من تنكيس للرأس أمام العالم كله إلى النصر في 73 وما اخترقته القلوب المصرية من فرحة وسعادة غمرت البيوت سواء كان مسيحيًا أو مسلمًا.
فكل هذه كانت حروب ومذابح هادفة دون أن نشعر يومًا أن هناك خطأ في الأمر بل هدفها الوحيد الذي يلتف حوله الشعب بكل أنواعه هو الحصول على الاستقلال والحرية والمسيرة في البلاد بأمان وممارسة الحياة الطبيعية، وهدف الطرف الآخر -أي كما يقال عنه المحتل- من أجل الاستغلال الاقتصادي أو من أجل الأرض، وهذا في رأيي بالرغم من مساوئه إلا أنه ليس خطأ أو جُرم يُحَاسب عليه سواء كان الهادف أو المستهدف لأن هناك أسباب تدفع الآخر لذلك.
ولكن ما نعيش فيه اليوم وقذفه التاريخ لنا بين أوراقه لعدة حقبات من الزمن حتى نسقط في تلك الأيام وما يحدث من مهازل ومذابح ليس لها أي أساس أو أهداف سوى التخريب والتدمير، ليس للحصول على الاستقلال أو حتى ممارسة الحياة الطبيعة بل أهداف متدنية لا يقبلها حتى المستعمر المستغل، وهي بمثابة الغريزة الحيوانية المتشوقة فقط لسفك الدماء والمتعة وأفكار المتطرف ورؤيته الخاطئة في الحياة، فما يراه مؤمنًا به مكرسًا حياته من أجله معتقدًا أن العنف هو الوسيلة المثلى لتحقيق الأهداف والغايات بالقتل والخطف والفتنة القاتلة والفتاوى التي تحلل الشرف والدم والمال والتي أصبح تأثيرها واضحًا وملموسًا ليس فقط في كل محافظة في مصر بل يشهد عليها كل ركن من أركانها والناتج عن ذلك وهو السبب الألعن هو التستر عليه بعد كل عمل يقوم به والإبداع في فن التمثيل والإخراج وسرعة النشر أنه إما معتوه أو مجنون أو فاقد الأهلية وتقديم أوراق زائفة تثبت ذلك!!
ولأن القاضي يمتلك هذا الفكر أيضًا، فيأخذ بالأدلة والوثائق الكاذبة ولا ينظر إلى العدل الذي هو ميزانه مما جعل موقف المتطرف صلب وقوي مستمرًا في فكره المخرب، وهنا أتساءل: ماذا تبقى في مصر ليحفظ كرامتها؟ وماذا بقيَّ من الشعب حتى ينعم بأمان واطمئنان حتى في بيته؟ لماذا يجز النظام على شفتيه ويظهر مخالبه الحادة ويلوح بعصا البطش دومًا في وجه كل قبطي يحاول أن يسترد حقه حتى وإن كان على الورق؟ أغابت الحرية من بلدنا وانتهى الأمان من مصرنا؟ أغدت مصر تخاف من بضعة فصائل من الظالمين والمستبدين يستعبدون رقاب الأباء والأبناء والكاهلين والنساء والفتيات؟؟ لحساب مَن يضيع الحق ويطلق عليه بالكفر؟ لحساب البقاء على الكرسي؟
إنني ومعي كل قبطي نرفض هذا الظلم الذي أطاح بالحاضر والمستقبل بل جعلنا لا نريد أن نتذكر حتى ماضينا، ولكننا لم نقبل أن نتهاون في الحق المسلوب منّا ولن نرضخ للظلم ونزيد من متعته ونشعره بالعظمة بل سنقضي عليه حتى ولو كانت حياتنا مقابل ذلك، وهذا يدل على الضعف الذي يعيش فيه رجل القانون بالرغم من أنه رجل القوة الرجل الذي بيده صنع القرار العادل المساند للمظلوم، ولكني أناشده ليس توسلاً أو ضعفًا ولكن أناشد فيه ضميره ودينه ووطنيته التي يعمل من أجلها يجب أن تستيقظ قبل أن يفوت الأوان وقبل أن تغيب شمس النهار عنك فتجد نفسك بين فكي الأسد.
يجب أن تحارب من أجل شرف الكلمة التي ترسم هيئة القانون الذي يتمثل فيك، كن حاميًا حقيقيًا لتلك الفئات التي ليس لها بالشرق أو الغرب وتعيش مرتعدة من كل ما يحيط بها وتتوقع الموت في أي مكان في الشارع أو في المنزل أو في المدارس ولا تساعد التاريخ أن يسجل نقطة سوداء تشهد على فساد القانون في مصرنا ويضيف لسجله مزيدًا من البغي والطغيان والاستهتار بكل القيم القانونية والأخلاقية.
لا تجعل كلمتك سكينًا باردًا على رقبة المظلوم، فلابد أن تكون جهة عملية فعلية ليس مجرد خيال مآتة لأن الأمر حقًا غاية في الأهمية لأنها أراوح شعب وأساس مجتمع ومبادئ وأخلاق وطن تعتمد على كلمتك (كلمة العدل).
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3153&I=85