نبيل المقدس
بقلم: نبيل المقدس
كل ليلة أروح البيت هالكان.... يا دوب أتشطف وأتعشى وقدام التليفزيون أنام.... تجرجرني مراتي وتدخلني الحجرة وترميني على السرير لغاية الصبح ملقهاش... أصلها يا عيني لازم تكون في شغلها الساعة 8 بالتمام.
أقوم أصّحي العيال وأفاجئ بالواد الكبير يقول لي حاضر يا بابا الخنزير!! ضحكت وقلت لنفسي: اضحك لتكون نكتة وأنا مش داريان، أصل عيال الزمن دة متعرفش تميّز كلامهم إن كان هزار ولا بجد حوار. رُحت أصحي البنت الشقية أم لسان طويل لقيتها بتقول لي حاضر يا بابا الخنزيـــر!! غشيت على نفسي من الضحك وأنا مش عارف ضحكت ليه... خـُفت لا تكون أغنية جديدة فحبيت أظهر لها إني ماشي مع أحداث موضة العصر حتى في الأغاني الشعبولية.
ركبوا معايا العربية عشان أوصلهم مدارسهم وأنا رايح الشغل، نزّلت البنت الأول وقالت لي متشكرة أوي يا بابا الخنزير!! ضحكت وقهقهت وأنا مش عارف برضه كنت بأضحك ليه، لمحت ابني من المرايا باصص لي باشمئزاز! قلت له (في إيه يا حبيبي؟!) رد عليَّ بقرف (مفيش حاجة يا بابا الخنزير)!
المرة دي ما حاولتش أضحك، سمعته بيكلم نفسه ويقول (تاوه ما فهمها)، عملت نفسي مش سامع... قلت أكيد دة بيتكلم في المحمول... قال إيه اشترى سماعة ودان وحاطتها على ودنه.
وصلته لمدرسته وهو نازل قال لي متشكر يا بابا الخنزير وأضاف إلى كلامه (أوعى تضحك) قلت له وحياة أبوك (الخنزير) فهمني إيه حكاية بابا الخنزير؟ قال لي لما حد يقول لك يا خنزير بدل ما تضحك تقول له: لأ أنا قلبي حامي وسخن... وأخد بعضه وجري على مدرسته.
دخلت مكتبي، طلبت القهوة... جابها لي عم حسين لكن كان باين عليه القرف! قلت له مالك في إيه؟ أبدًا يا سعادة البيه بيقولوا عليَّ خنزير.
ضحكت بأعلى صوت وقلت له: متزعلش يا عم حسين إحنا كلنا خنازير... بص عليَّ وصاح: الحمد للهالحمد لله.... وخرج.
وقتها أنا كنت نسيت موضوع (بابا الخنزير) لكن تذكرت أيام صبايا لما كنت أنجح كان جدي يقول لي "أنت أصلك جدع وخنزير"، وعندما أسقط في مادة كان يقول لي: "أصلك لعبي وخنزير" ولما أضرب أخويا كان جدي يقول لي: "أصلك أنت قليل أدب وخنزير" ولو أخويا يضربني كان جدي يقول لي: "أنت أصلك غلبان وخنزير" كانت كلمة خنزير مشتركة في جميع الصفات.
قلت في نفسي واضح أن العيال شايفيني كويس فأطلقوا عليَّ ( بابا الخنزير) زي ما كان جدي يقولها، واضح أن الكلمة دي متوارثة من جدود جدودنا.
انتبهت من السرحان على دخول عم حسين ولقيته مبسوط زي العادة على غير ما كان الصبح!!، قلت إيه اللي خلاك ترجع لحالتك الطبيعية؟ رد عليَّ وألقى بظهره قليلاً إلى الخلف وأخذ يبرم في شنبه ويضحك ويقول لي: أنا يا سعادة البيه مبسوط عشان مش أنا لوحدي الخنزير... أتاري كل المصلحة يا بيه خنازير... ضحكت معاه وما زلت لا أعرف السبب لكن افتكرت نصيحة ابني وهو نازل من العربية عند المدرسةفأسرعت وقلت لعم حسين: يا راجل أحنا سخنين وحاميين. قال لي: يا سعادة البيه إيش جاب لجاب أنت حاجة وإحنا حاجة ثانية.... أنت معاك الياسمين لكن أنا معايا اللي يخرجني من الدين ثم خرج! ضحكت وقلت أكيد بيتكلم عن ابنتي وابنته!
انتهيت من عملي وذهبت إلى عملي الإضافي في شركة استثمارية لزيادة دخلي... دخلت مكتبي وطلبت من عم خليفة ساندوتش فول وطعمية وكباية شاي، قال لي: قبل ما أجيب لك الأكل ممكن أسألك سؤال؟؟ قلت له طبعًا يا عم خليفة... قال لي: هو أنت خنزير؟ قلت له وبسرعة كلام ابني لي... لأ طبعًا أنا حامي وسخن... ضحك ضحكة ساخرة وأعطاني ظهره وتمتم (الكل بيقول كده قدامنا) وخرج.
روّحت بالليل... دخلت ما لقيتش مراتي... أتعشيت ونمت قدام التليفزيون ... جه ابني وصحاني من أحلى نومة... لقيته بيقول لي: تتصور يا بابا ماما لسه ماجتش!! رديت عليه وقلت له: زمانها جاية يعني هتروح فين!
بعد ساعة رجع ابني يصحيني ويقول: بابا.. ماما جت، وجدتها أمامي وقلت لها: العيال انشغلوا عليكي، قولي ليهم اتأخرتي ليه! ثم غمزتني بنتي العفريتة وقالت لي: (أنت مش ملاحظ يا بابا إن ماما متشيكة أوي) لمحتها وأنا بشاهد التليفزيون بعين والعين الثانية على كباية الشاي اللي نسيت أشربها... وقلت لمراتي (معلش سخني لي كباية الشاي دي)، وإذ أسمع أصواتهم تجلجل في أنحاء الشقة... فعلاً يا بابا أنت خنزيـر!!
وقفت على رجلي متعصب وقلت بعنف: هو إيه حكاية الخنزير اللي ماسكني من الصبح حتى دلوقتي؟! رد عليَّ أبو لسان فصيح: يا بابا الخنزيــــر... أمبارح سمعنا فتوى من واحد قالها في التليفزيون أن الحلوف مش بيغير على حلوفته وأنت كده على حسب ما أحنا شايفينك طناش من جهة مامتنا!
أخيرًا فهمت وضحكت وكانت لعبة جميلة من أولادي جعلتني أضم زوجتي في حضني وأقبل جبينها (وأتاريها هي ياسمين اللي كان بيقصدها عم حسين) وإذ أسمع تصفيق حاد من أبنائي وهم يقولون (أنت أصلك طيب وبرضه ... خنزير) افتكرت كلام جدي لما كان يقول لي على أي حاجة كويسة أو مش كويسة: يا خنزيــــر.
كتر ألف خيرك يا خنزير اللي خلتني أشوف زوجتي ياسمين وأحس بها وأشعر بأبنائي الحلوين...!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3182&I=86