ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
انتهى المولد وحكمت المحكمة أخيرًا في قضية مقتل "سوزان تميم" وآيًا كان الحكم سواء الحالي أو ما بعد النقض يراودني سؤال: هل كانت تحتاج القضية إلى كل هذه الضجة؟؟ هل انتهينا من كل مشاكلنا ووجدنا حلول نهائية لها حتى تكون القضية من عشرة أشهر هي الشاغل الأول لوسائل الإعلام المختلفة لدرجة أن النائب العام قد أصدر قرارًا بحظر النشر؟؟ لأن إعلامنا لم يكن ينشر إنما كان ينشل أو يسلب الأخبار بطريقة مثيرة رأي النائب العام أنها قد تؤثر على مجرى العدالة وعلى المحكمة فقرر حزق النشر، فظلت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية "محزوقة" وتكتم الحديث عن قضية العصر كمن تنتظر الولادة وطلقها يتوالى حتى صدر أخيرًا الحكم.
والإعلام عندما تطور أصبح كمن ينتظر حالة ولادة حتى يقيم الأفراح وليالي الملاح وتوزيع الشربات على المتلقي وباتت الأخبار تخرج من مستشفى الجلاء للولادة -ورغم أنها مستشفى متخصصة إلا أن طريقة اختيارها للأخبار لا تتعدى رؤية الداية لحالة الحامل كل ما يعنيها وجود المياه الساخنة-.
صحيح أنها تسعى جاهدة في عملها داعية للحامل بأن ينتعها الله بالسلامة إلا أن الولادة لا تتم أبدًا بشكل علمي، فيخرج الجنين مشوّه وفي حالة خروجه بصحة جيدة يكون الهدف الأساسي هو إلهاء المتلقي وليس الإعلام أو الولادة طبقًا للموصفات القياسية المتعارف عليها.
سيظل العمل يسير بنفس الطريقة على مدار التاريخ طالما الإعلام تعود ملكيته للدولة فتصبح القيادة السياسية هي التي لا تهتم إلا بتشكيل عقل المتلقي بما يخدم أهدافها مرة تأخذ المتلقي إلى الفتنة الكروية بين الأهلي والزمالك ومرة أخرى بقضايا لا علاقة لها بواقع الحياة مثل مقتل سوزان تميم أو انفصال أيمن نور وجميلة إسماعيل وتنسى وسائل الآلام المملوكة للدولة وهو الاسم الأنسب أولاً لأن الولادة الإخبارية رغمًا عن داية الإعلام المصري دائمًا يصاحبها ألم ووجع، ثانيًا لأن نوعية الأخبار والتقارير التي تبثها لا يصلح معها مسكن لأن إدمانها يجعل المتلقي في حالة ونونة فكرية تتسق تمامًا مع أحلام حكومية بحتة لا تهتم إلا بما يخدم أهدافها.
ويظل المولد طوال الموسم تقوم السلطة بتوجبه الشعب عن طريق ملكيتها لجرائد وإذاعة وتليفزيون تنشر إعلانات غير مدفوعة الأجر مولد له احتفالات معروفة عبر الأجيال أخبار متتالية عن الإنجازات أو عبقرية الحكومة غير المسبوقة أو قضايا هامشية لا علاقة لها بالحريات مثلاً أو تداول السلطة أو المشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الحقيقية التي نواجهها لأن السلطة فعليًا لا تمتلك حل وإنما فقط تجيد إقامة الموالد الإعلامية.
http://www.copts-united.com/article.php?A=3330&I=90