نشأت عدلي
بقلم / نشأت عدلي
جميلة ذكرى أيام القديسين الذين عاشوا معنا على هذه الأرض، نجتر هذه الأيام ونعيش في ذكراها.
لقد جاء البابا كيرلس في وقت كانت مصر تشهد تغيرات جذرية في كل نواحيها السياسية والإجتماعية، ولكنه كان بمنأى عن كل هذه المعتركات الحادثة، فلم يكن يشغل باله إلا الصلاة التي إستطاع بها أن يحل معظم المشاكل التي كانت مختصة بالكنيسة في ذاك الوقت، وليست مشاكل الكنيسة فقط بل مشاكل أبناءه سواء من الإكليروس أو الشعب، ربما كان عدد الشعب فى ذلك الوقت ليس بالعدد الذي عليه الآن، ولكن المشاكل كانت لا تختلف عما نحن فيه اليوم، ولكنها فى أيام هذا القديس العظيم كانت تُحل ولم تخرج واحدة منها إلى الرأي العام، أو تصبح قضية من القضايا يتطارحونها إعلامياً سواء مقروءة أو مرئية.
فقد كان هذا القديس العظيم لا يميل إلى الخروج كثيراً من قصره البابوي إلا لدير مارمينا أو لمقابلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وبهذا المسلك النسكي كانت الكنيسة ومشاكلها من الداخل، كانت الصلاة في حياة هذا القديس العظيم هي الوسيلة الوحيدة والفعالة لحل كل هذه المشاكل، قال عنه قداسة البابا شنودة الثالث "أحسن صورة للبابا كيرلس وهو واقف وسط سحابة من البخور".
كان عظيماً فى طريقتة لمعالجة الأمور حتى أن الشعب لم يكن يسمع شيء عما يحدث، ربما لأن المشاكل وقتها لم تكن تتعدى حيزها المحدود..
وكان قداسته يقابل كل مشكلات الكنيسة في ذلك الوقت بالصلاة، هذا في الوقت الذي كان فيه الإخوان المسلمين أساس الجماعات الإرهابية التي نراها اليوم، بل تعدى وإمتد إلى الدولة، ففي إحدى المؤتمرات الإسلامية صرح الرئيس السابق أنور السادات بأنه في خلال أربعين سنة سيجعل أقباط مصر من ماسحي الأحذية، ومرت الأربعين سنة وأكثر وها هم الأقباط موجودين.
كان الرجل لايهتم كثيراً بمقابلات أو رسميات إلا في الضرورة القصوى والخاصة بصديقه عبد الناصر، أو هيلاسلاسي إمبراطور أثيوبيا، كان كل فرد من الشعب يستطيع أن يقابله ويهمس له بمشكلته وما كان منه إلا أن يصلي له ومارمينا عليه الباقي، وكانت تُحل.. لم يكن صاحب موهبة في العظات أو سرد الكلمات ولكن حياته كانت أكبر عظة نلمسها في كل حياته.
لم تكن مشاكل الكنيسة في ذلك الوقت بالهينة لكننا لم نكن نسمع منها شيء.
جميلة سيرة هذا القديس وجميلة كل أعماله ومثال صادق هي حياته، فما أجمل أن نأخذها عبرة لنا في هذه الأيام، فنحن في أشد الإحتياج للصلاة أكثر من أي شيء آخر، هي التي تحل القيود التي علينا، وهي التي ستجعل الكنيسة ترجع إلى أزهى عصورها الذهبية ألا وهى الصلاة ولا شيء آخر غيرها.
نفّعنا الله ببركات هذا الرجل الذي إنتصر على كل القوى المحيطة به في ذلك الوقت لا بذكاء بشري ولكن بقوة الصلاة.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=337&I=9