دميانة إقلاديوس
بقلم: دميانة أقلاديوس
كثيرًا من الأحيان تمر علينا وجوهًا لأشخاص مريحة وصافية كصفاء السماء في ليل خلاب، وأحيانًا أخرى نرى وجوها تظهر أشياء وعلامات غير مفهومة ولكنك تهرب منها ولا تدرك ما هو السبب وتقول هذا الشخص غير مريح بالمرة، وهذا ما تقوله تلك الكلمات البسيطة في حروفها ولكنها غنية وثمينة في جوهرها.
إن الناس كالنوافذ ذات الزجاج الملون فهي تتلألأ وتشع في النهار ولكن عندما يحل الظلام تشع ضوء من الداخل فيظهر جمالها الحقيقي والعكس.
وهذا ما حدث معي عندما كنت اجلس عند إحدى أقاربي ودخلت علينا حاملة كتابًا مجلدًا بين يديها منسقة جميلة وجهها يشع ابتسامة خلابة لا يستطيع أحد أن يكف عن النظر إليها لجاذبيتها الساحرة ثم ألقت السلام ورحبت بي وجلست معنا، وفي منتهى الرقة والأدب طلبت فنجانًا من القهوة وذهبت قريبتي لتحضيره وجلست أنا معها بمفردنا.
وفكرت فقررت بداخلي أن استكشف السر وراء هذه المرأة وما سر الكتاب الذي تحمله بين يديها، فبعد أن تعارفنا قلت لها استأذن في سؤال؟ قالت بمنتهى الترحيب وابتسامة مريحة جدًا: لكِ الحق والحرية في أن تسألي.
وعلى الرغم من الدهشة التي راودتني من رد فعلها إلا أني سألت: ما هو السر وراء جاذبيتك هذه؟ وما هو سر هذا الكتاب؟ معلش هو حضرتك عندك كام سنة؟ (مع بعض من اللطف مني) معذرة أنا بالطبع لا أقصد التدخل أو أي شيء آخر بل قصدي معرفتي ما هو سر الراحة التي تعم النفس عندما تلقي بنظرك فقط على شخص قلق أو متعب (وقولت ضاحكة دة سحر).
ثم ضحكت معي لدرجة إنني شعرت أننا أصدقاء منذ أمد بعيد، قالت أنا عندي من العمر ما يكفيني ويزيد فأنا في سن 67 عامًا وما أدراك عزيزي القارئ من حالة الذهول التي راودتني ولكني أصريت على أن لا أظهرها، ثم أشارت إلى الكتاب وقالت أما هذا الكتاب فهو نسخة من الكتاب المقدس رفيق لحياتي التي لا أريد أن اذهب إلى أي مكان إلا وهو معي وبالتالي نور كلامه بمجرد دخوله معي إلى أي مكان يشع نور الراحة والأمان فيشعر الشخص بالراحة لأن الله بذاته وبكلامه وبروحه معي، وحتى تكون جلستنا روحية جميلة.
أما سر الجاذبية فنصيحة اقبلي مني كجدة، قلت لها ضاحكة جدة إيه بقى ثم ضحكنا وفي كل مرة اشعر أن الحواجز بيننا تتلاشى وأنها قريبة جدًا من قلبي فقالت سرحتي في إيه؟ قولت لها ولا حاجة إيه هي النصيحة؟
قالت اعرفي دائمًا أن أعظم كلمة هي (الله) الذي تكرسين حياتك له فيصاحبك السلام إلى منتهى العمر، وأعمق كلمة هي (النفس) التي تعتبر كبئر إما يعبأ بالخير أو الشر والناتج لكِ وحدك، أطول كلمة هي (الأبدية) التي بيديكي تحدديها إما تنعمي أو تتألمي بها، أقوى كلمة هي (الحق) الذي يتوقف عليه مصير شخص فكوني حذرة، أوسع كلمة هي (الصدق) الذي يتعدى حدوده وسيرته حتى بعد الموت، أعز وأغلى كلمة هي (الأمل) الذي نستطيع به تكملة الحياة دون معاناة، أسرع كلمة هي (الوقت) الذي لا يتوقف على أحد لذا استخدميه في منفعة الآخرين ومنفعتك، أقرب كلمة هي (الواقع) بما يحمل لنا في طياته أخبارًا سارة وأخبارًا محزنة وبإيمانك تمر الأمور بسلام، أعف كلمة هي (العاطفة) فلا تهمليها وأحفظيها في الطهارة والنقاء، أحسن كلمة وأجملها هي (الوفاء) لابد أن نكون أوفياء لـ (الله والوطن والأسرة حتى للهواء إذا أمكن).
فقلت لها بعد شرادة عقلي وتأمله في تلك الكلمات وماذا افعل لكي أسير على هذا الدرب؟ فأجابتني استخدمي لشفتاكى الحق والصدق، ولصوتك لتصوني نفسك وروحك الصلاة والقرب من الله، ولعينيكي الرحمة للمتعبين، وليديكي الخير للمحتاجين، ولقوامك الاستقامة، ولقلبك الحب الفعلي لكل البشر وإذا استطعتي حتى الأعداء، ولفكرك النقاء ولا تفكري في عيوب الآخرين فدعيهم لعيوبهم.
وبعد انتهاء هذه الزيارة وأنا في طريقي إلى بيتي تأملت حياة هذه المرأة وكلامها الحلو كالشهد وقلت لنفسي أليس من الرائع أن يكون الله هو المحور الحقيقي في الحياة؟، فما أجمل أن تعم مشيئته كل الأمور دون جدال عالمين مؤمنين أن محبته وحلاوة عشرته لا ولن تقارن بشيء في العالم فتشع علينا كلماته فنضيء حقًا يا إلهي صدق داود عندما رنم قائلاً يشبع بالخير عمرك يجدد مثل النسر شبابك (مز5:103 ) وعلمت أنها رسالة لي في وقت كنت احتاج فيه كلمة من الله.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3402&I=92