ماجد سمير
بقلم: ماجد سمير
"خدوهم بالصوت لا يغلبوكم" لا أعرف إذا كانت هذه الجملة مثلاً شعبيًا أم مقولة توارثتها الأجيال تباعًا دون وعي بمعناها الواضح دون أدنى مواربة أو تخفي بين السطور، ورغم ذلك ظلّت الجملة المشئومة متغلغلة داخل المجتمع المصري بطريقة لها تأثير فعّال على فكر وأسلوب تعامل الناس معًا لسنوات وعقود طويلة لا ولن تنتهي.
وكلمة الصوت طبقًا للمعنى المتعارف عليه هي أي شيء يسمع سواء كان كلام أو صريخ أو حديث أو موسيقى أو ارتطام شيء أو ما شابه، وكذا تستخدم هذه الكلمة في الانتخابات بمعنى آخر فكل فرد خلال الانتخابات بكل أنواعها ابتداء من انتخابات الرئاسة حتى انتخابات الأندية الرياضية له صوت انتخابي وبعد المشاركة في العملية الانتخابية يقال أنه "صوت" يفتح حرف الصاد ووضع شدة على حرف الواو والتصويت في الانتخابات قد لا يعني طبقًا للمعنى الحرفي "الصويت" أي "الصريخ".
إن كان مضمون العملية في مصر بالرغم من اعتبارها طبقًا للمعايير العالمية جزء من الديمقراطية إلا أنها لا تخرج عن الصريخ لوجود سمة علاقة وثيقة بين الانتخابات في مصر والمقولة الشهيرة "خدوهم بالصوت لا يغلبوكم".
والمراقب لكل أنواع الانتخابات في مصر يجد أن أصحاب الصوت العالي والصريخ سواء كان حياني أو ملعلع في معظم الأحيان يفوزون ربما يصبوا الناس بالخضة أو بالاقتناع السريع اتقاءًا للصداع ووجع الدماغ، فالفوز من النادر أن يأتي بعد دراسة المنافسين جيدًا أو بناءًا عن إعداد برنامج انتخابي يتسق مع أحلام الناخبين، فضلاً عن المصداقية في الوعود الانتخابية، ولكن مع الأسف كل هذا لا ضرورة له فقط عليك أن تجيد إرهاب المنافسين بالصريخ وأيضًا خداع الناخبين بالكلام الرنان الأجوف الذي لا طائل له.
والعيب هنا ليس في الصويت أو الصريخ حتى لو كان ابن يومين لأنه عرف بكل حرفنة من أين تأكل الكتف ولا أعرف لماذا تم اختيار الكتف في هذا المثل؟؟ ربما لأن الكتف في لعبة كرة القدم يعتبر ضربة قانونية.
المهم أن صاحبنا نجح في أكل الكتف أو الركبة وربما أكل الدماغ كلها، ولكن العيب في السذج وهو كثر لأنهم لم يتعلموا من دروس الماضي القريب أو البعيد نسوا أو تناسوا بكل بساطة أننا اختارنا وقمنا بثورة وحاربنا وإتكنسنا بالصوت العالي فقط بل وأعلنا عن حبنا الذي لا يوجد له مثال مكان في العالم لوطنا الغالي ولكن بالصوت والأغاني فقط، وصدقنا ببله شديد أن هناك من تجمع عليه أصوات 99.9 % من الشعب.
ولن ينسى التاريخ حدث شهد تصفيق وموافقة جماعية على القرار وعكسه من الناس بالرغم، ولكن حالات الموافقة بدت واضحة في الموقفين الموقف الأول الوحدة مع سورية وصفق الناس وهتفوا للقرار التاريخي الذي سيقرب مصر من حلة الوحدة العربية، وبعد إلغاء القيادة السياسية الوحدة المزعومة صفق الناس مرة أخرى على عظمة القرار.
ربما صفق الشعب في حالة الوحدة لأن "الوحدة صعب" وعايزين حد معانا، وعادوا وصفقوا بعد إلغائها لأن الوحدة مش صعب حسبما ترى القيادة ومش عايزين حد معانا.
والحل يكمن بكل بساطة في توعية الناس بشكل يسمح لهم بالاختيار طبقًا لأسلوب علمي وتنمية قدرتهم في نقد القرارات وعدم خداعهم بالصوت العالي، وربما يأتي يوم تتغير في المقولة إياها إلى (هايغلبوكم بالعقل لو اخذتوهم بالصوت).
http://www.copts-united.com/article.php?A=3447&I=93