أماني موسى
بقلم: أماني موسى
استيقظ عم سعيد في الصباح الباكر وهو يستعد لبدء مهامه اليومية من شراء العيش والفول والطعمية والوقوف في الطوابير الصباحية لغاية ما يوصل بسلام لشغله بعد معركة أرضية إنسانية مع الأتوبيس وركابه ويخرج منه في فخر وزهو، طبعًا لأنه خرج بسلام من غير قميص مقطوع ولا بنطلون ساقط ولا محفظة مسروقة، أما كون القميص بيخرج برة البنطلون شوية وزرار القميص بيتقطع وشعره اللي بيترفع لفوق شوية أهو دي كلها حاجات بسيطة وخروج القميص لبرة والشعر المرفوع دة موضة، وكان دايمًا يصبر نفسه بالكلام دة.
المهم بعد ما وصل عم سعيد لشغله وكالعادة لقى زميله سيد أفندي انتكة قاعد بانتكة وبيقرا الجرنان، فقاله عم سعيد بسخرية (اللي يشوفك يا سيد وأنت طول النهار لازق الجرنان في وشك يقول أنك هتمتحن فيه أخر السنة........) وأكملت الست "هنية جمعية" طيب وعلى إيه امتحانات ووجع ودماغ ووجع جيب، إحنا نعمله امتحان ونسأله وأهو بالمرة نعرف أحوال البلد.
وفعلاً سألوه إيه هو أهم حدث في كل الجرايد غير حوادث القتل والدبح والفساد اللي ملا البلاد؟؟، فقال لهم وهو بيبص لهم من فوق لتحت (أهم حاجة بقراها كل يوم بتحصل في كل حتة في البلد هي الاعتصامات والاحتجاجات)، وكمل كلامه: أينعم الأوضاع بقت من سيء لأسوأ لكن مش الاعتصامات بس والوقفات الاحتجاجية هي اللي هتحل المشاكل، وقاطعه عم "فرحان" الساعي بقوله (معاك حق يا بيه في حتة أن الأوضاع بقت سيئة ومفيش فلوس مكفية لا مصاريف البيت والعيال ومدارسهم ولا حتى الدخان اللي الواحد بيشربه، بس والاهي براوة عليهم أن الناس بتحتج وبتعترض، أمال يفضلوا ساكتين كدة وخايفين جوة البيت من الحكومة (المدام) وبراه كمان؟!
فضحكت هنية بشماتة وقال له أهو فرصة الستات تفرض نفسها هيبقى لا جوة ولا برة، واتحمق سيد أفندي وقال له أتكلم عن نفسك يا فرحان مش كل الرجالة بيخافوا من ستاتهم دة بس احترام يا جاهل.
فسألهم عم سعيد المهم الاعتصامات دي يا سيد بتجيب نتيجة ولا لاءة؟ عشان لو بتنفع الواحد يبقى يعملها؟ فضحك سيد ساخرًا منه قائلاً: يا عم لا بتودي ولا بتجيب دة كل شوية العمال يعملوا اعتصامات والأطباء وقفة احتجاجية والمدرسين وقفة كادرية دة غير أن الشعب كله عامل وقفة طوابيرية في العيش والأنابيب وغيرها.
فسكت عم سعيد شوية كدة وقال: دة لو كلامك دة صح يبقى الشعب كله هيقف طول العمر وقفة احتجاجية على كل حاجة بايظة حوالينا، دة تقريبًا مفيش حاجة صح، فردت هنية يا خويا خليها على الله تلقيهم بيقفوا محتاجين لتغيير جو وللا تهوية ولا تقولي بقى اعتصامية أو احتجاجية وتلقي الواد والبنت بياخدوها فرصة يخرجوا مع بعض ويمسكوا أيد بعض وقال إيه عندهم قضية!!
فقال سعيد معاكي حق معاكي حق وأستكمل يومه في الشغل وهو عمال يفكر، ولما راح البيت لقى ابنه الصغير معتصم في الأوضة وزعلان.. فسأل مراته الست ابتسام عن السبب، فضحكت وقالتله ابنك بيمارس حقه كمواطن علينا...... ومش راضي ينزل يجيب طلبات إخواته الكبار عشان مدهوش فلوس زي كل مرة عشان يجيب لنفسه حاجة حلوة، وقال إيه عامل اعتصام..........
فاستغرب عم سعيد وقال في نفسه حتى أنت يا ابن سعيد ليك في السياسة والاعتصامات، بلد اعتصامات صحيح.
عادي في بلادي: ازدياد الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية بداعي وبدون ولذا اقترح إنشاء وزارة للاحتجاجات بدلاً من محاولة حل المشكلات.
http://www.copts-united.com/article.php?A=3487&I=94