كتب: فاروق الدسوقي-المصري اليوم
شهدت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، أمس، مشادات بين الأهالى وقوات الشرطة، فى أولى جلسات محاكمة ١٣ من ضباط وأفراد الشرطة المتهمين بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وقتل ٦ وإصابة ١٨ آخرين أمام قسمى شرطة إمبابة وكرداسة يومى ٢٨ و٢٩ يناير الماضيين.
بعد انتهاء الجلسة وخروج المتهمين من قاعة المحاكمة، تدافع الأهالى نحوهم فى محاولة للفتك بهم والقصاص منهم، إلا أن الحواجز الحديدية، والكردونات الأمنية التى أقيمت من السابعة صباح أمس، منعتهم من الوصول إليهم، مما اضطر الأهالى إلى محاولة اختراق الحواجز، ووقعت اشتباكات عنيفة، وأصيب ما يزيد على ٤ مجندين وعدد من الأهالى بإصابات بسيطة وخدوش، وتم التحفظ على المتهمين داخل غرفة قائد حرس المحكمة وتدخل رجال القوات المسلحة لفض الاشتباكات، وخرج الأهالى إلى شارع بورسعيد، وقطعوا الطريق، وتعطلت حركة المرور لمدة نصف ساعة، ونزل اللواء محمد طلبة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، إلى الأهالى الذين وضعوا الحواجز الحديدية وسط الشارع ومنعوا مرور السيارات وطالبوا بالقصاص العادل من المتهمين، وإصدار قرار بحبسهم بدلا من محاكمتهم وهم مطلقو السبيل. وحطم الأهالى قاعة المحكمة بأكملها وتدخلت قوات من الجيش للسيطرة وتقرر التأجيل إلى جلسة ٥ يونية المقبل مع إخلاء سبيل المتهمين.
بدأت الجلسة فى العاشرة صباحا، بعدما حضر المتهمون وهم: العميد ممتاز عبيد، مأمور مركز شرطة كرداسة سابقا، والمقدم أسامة عبدالفتاح، رئيس المباحث، والملازم أول محمد قاسم، معاون المباحث، ومحمد إبراهيم، مساعد شرطة، ومحمود ربيع، عريف شرطة، وسيد فتحى، أمين شرطة، وممدوح فاروق، أمين شرطة، فى مركز شرطة كرداسة، والعميد إبراهيم نوفل، مأمور قسم إمبابة سابقا، والنقيب محمد عدلى، والملازم أول محمد مختار، والنقيب أحمد توفيق، والملازم أول أحمد عزالدين، معاونو مباحث قسم إمبابة، وأحمد عبدالفتاح، مندوب شرطة، وتعالت أصوات أهالى المجنى عليهم خارج قاعة المحاكمة أثناء دخول المتهمين إلى قاعة المحاكمة، ورددوا هتافات تطالب بالقصاص منهم، وتوقيع عقوبة الإعدام عليهم، ونادوا على المتهمين: «يا سفاحين.. يا سفاحين»، ثم ارتفعت الأصوات المطالبة بالقصاص: «إعدام.. إعدام.. أنا شهيد أنا شهيد.. يوم الحكم.. يوم العيد»، و«لكل ظالم نهاية» فى إشارة إلى المتهمين.
وعندما حاول رجال الشرطة تهدئتهم، واصطف عدد من مجندى الأمن المركزى أمام الحواجز الحديدية لمنع الأهالى من اختراقها والدخول إلى قاعة المحكمة، ارتفعت أصوات الأهالى مرة أخرى، مطالبين برحيل رجال الشرطة، وإبقاء رجال القوات المسلحة، مما دفع قوات الشرطة إلى الانسحاب إلى الصفوف الخلفية وترك أمر تأمين القاعة إلى رجال القوات المسلحة. وبدأ ممثل النيابة العامة داخل قاعة المحاكمة تلاوة أمر الإحالة، وقال إن المتهمين قتلوا المجنى عليهم عمدا بأن اتحدت إرادتهم على إزهاق روح أى من المتظاهرين سلميا أمام مركز شرطة كرداسة ترويعا للباقين لحملهم على التفرق، ووزعوا الأدوار فيما بينهم وظهروا عليهم مطلقين أعيرتهم النارية صوبهم، فأحدثوا بالمجنى عليهم الإصابات المبينة بأوراق التحقيقات التى أودت بحياتهم، كما شرعوا فى قتل عدد آخر بأن أطلقوا الأعيرة النارية عليهم قاصدين قتلهم، فأحدثوا بهم الإصابات المبينة فى التقارير الطبية المرفقة بأوراق التحقيقات. وواجهت المحكمة المتهمين بالاتهامات المنسوبة إليهم، ونفوها جميعا.
وحضر ما يزيد على ٣٠ محامياً عن أهالى المجنى عليهم، وطالبوا بإلزام وزارة الداخلية والضباط المتهمين بدفع مليون جنيه تعويضا مدنيا لكل شهيد ومصاب فى القضية، كما طالبوا بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين وعدم إفلات متهم من العقاب، كما طالبوا بضم بلاغ مقدم للنائب العام ضد بعض الضباط الذين ضغطوا على أهالى الشهداء للتنازل عن الدعاوى المقامة ضدهم، كما طالبوا باستخراج جثة الشهيد مصطفى فهمى زايد، فيما طلب دفاع المتهمين مناقشة شهود الإثبات فى القضية، والتأجيل للاطلاع على الأوراق والاستعداد. ووقعت مشادات داخل القاعة، عندما لاحظ عدد من الأهالى الذين حضروا الجلسة أن الضباط المتهمين يبتسمون داخل قفص الاتهام، ويدخنون السجائر، وارتفعت أصوات الأهالى، فاضطر المستشار عصام خشبة، رئيس المحكمة، إلى رفع الجلسة لحين صدور القرار.
دقائق معدودة، وفُتحت أبواب القاعة، ليخرج منها المتهمون، ويبدأ الأهالى فى الصراخ من جديد، والتدافع نحو الحواجز الحديدية فى محاولة للوصول إلى المتهمين للانتقام منهم، إلا أن قوات الشرطة حالت دون ذلك، وألقى عدد من الأهالى بـ«أكواب شاى» على المتهمين، وبعض الأحذية، ونادوا عليهم: «مش هنسيبكم.. مش هنسيبكم»، وعندما فشلوا فى الوصول إليهم سارعوا إلى طرقات المحكمة الجانبية للوصول إلى باب المحكمة الرئيسى لمنعهم من الخروج إلى سيارات الترحيلات، ظنا منهم أن القاضى أصدر قرارا بمحاكمتهم وهم مخلى سبيلهم.
وقرر الأهالى الخروج إلى الشارع وقطعوا الطريق أمام المحكمة، مما تسبب فى تعطيل حركة المرور لنصف ساعة، ورفعوا لافتات تندد بقتل المتظاهرين، فنزل اللواء محمد طلبة، مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، إلى الشارع لتهدئة الأمور، إلا أن الأهالى رفضوا تدخل الشرطة، وطالبوهم بالابتعاد عن المكان، فتدخل رجال القوات المسلحة، وفتحوا الطريق مرة ثانية أمام السيارات، واستجاب الأهالى لهم، وهتفوا: «الشعب والجيش إيد واحدة»، ودخلوا مرة ثانية إلى المحكمة فى انتظار قرارها، فيما تجنب بعض ضباط مديرية أمن القاهرة والجيزة الأحداث ووقفوا بعيدا واكتفوا بمشاهدة ما يحدث دون الدخول فى صدامات مع الأهالى.
ولاحظ عدد من الصحفيين وجود عدد من الضباط والمجندين الذين كانوا يتبعون جهاز أمن الدولة المنحل، والذين كانوا يترددون على المحكمة لمتابعة القضايا المهمة بها، والأحكام الصادرة عنها، إلا أنهم ظلوا يتساءلون فيما بينهم: «ماذا يفعل ضباط ومجندو أمن الدولة داخل المحكمة، خاصة بعد حل الجهاز؟»، فيما حضرت قوات من الشرطة العسكرية وقامت بتأمين المحكمة.
وقال لطفى عزام، والد أحد الشهداء، إنه يريد القصاص العادل من قتلة ابنه، خاصة أنهم حرموه من ابنه الوحيد، ويتَّموا أولاده، مشيرا إلى أن ابنه قُتل لأنه قام بتصوير الضباط أثناء إطلاقهم النيران على المتظاهرين. وقال شقيق الشهيد إيهاب نصار إن المتهمين أطلقوا الرصاص على شقيقه قبل زواجه بأسبوعين.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=35689&I=793