ميرفت عياد
كتبت: ميرفت عياد
صدر عن "دار ميريت للنشر والتوزيع" كتاب جديد للفنان التشكيلي "فيليب فكري"، يقع تحت عنوان "أنا من البلاااااااااد دي" يوميات قبطي ساخر.. ثائر.. ساخن... كلها أسماء يمكن أن تضيفها إلى عنوان الكتاب، وهي أيضًا صفات وأحاسيس تنتاب كاتب سطور الكتاب هو وبعض أقرانه.
وينقسم الكتاب الذي يقع في حوالي (110) صفحة إلى (11) فصلًا؛ هم: الحصة الرابعة دين، الجبن الأبيض، القدس العربية، عندنا تليفون، المختلفون يمتنعون، إن جاءكم فاسق بنبأ، كنت بحب السيما، درش، ما بعد التجلي، صديقي الأنتيخ، أنا من البلد دي. وهو يخترق قلوب المستنيرين المعتدلين الذين يرون الكون شاسعًا يتَّسع لجميع البشر، وأن السماء تظللنا جميعًا دون تمييز بين ألواننا وعقائدنا وأعراقنا، وأن الانتصار دائمًا يكون للأرقى والأفضل دون النظر إلى عقيدته.
السماحة والإخوة
وأهدي المؤلف الكتاب إلى "حسن ربيع" صديقه الذي يتمناه، وقال في إهدائه:
إلى كل حسن ربيع في مصر، عليك أن يعلو صوتك أكثر، ليصل إلى كل الناس، عليك أن تتعلم مفاهيم دينك أكثر، كي تزداد من السماحة والإخوة، عليك ألا تتأثر بمن هم أعلى صوتًا منك حتى لا تخطئ طريقك، عليك أن تظل تتقبل الآخر، كي يتقبلك الآخر، عليك أن تعرف أن مصر في حاجة إلى العديد منك، فهي لديها من أعبائها ما هو أخطر، عليك أن تعلم أن الفساد.. الإرهاب.. الإهمال.. الفقر.. الجهل.. المرض.. الظلمة.. لا تفرِّق بيني وبينك، وأخيرًا عليك أن تتذكَّر دائمًا وبلا أدنى شك إني من البلاد دي.. مثلك تمامًا.
لا مؤاخذة كنيسة!!
وتقول الكاتبة "فاطمة ناعوت" في تصديرها للكتاب، إنها نشأت في مدرسة قبطية، وهذا كان من حسن حظها تعليميًا، ذلك لأن التعليم في المدارس القبطية على أيامها لم يكن له مثيل، وأفادها هذا في أسلوب تعاملها مع فكرة اختلاف الأديان، كانت مدرستها تابعة لكنيسة ضخمة، لكنهم لم ينسوا أن يزودوا المدرسة بمسجد بسيط أنيق، كانت تدخله لتحفظ القرآن، وكانت تدخل الكنيسة لتنصت إلى زملائها وهم ينشدون الترانيم، وتنال حب الأب يوسف مثلما ينالون، لذلك لم تنشأ وبها "عقدة" الأديان، تلك التي ربما تكونت لدى غيرها من الأطفال في المدارس الأخرى، مشيرةً إلى أن هناك عشرات من العبارات الحمقاء التي نلوكها كل يوم دون وعي بحجم الجرح الذي نسبِّبه للآخر، مثل "لا مؤاخذة كنيسة- أعرف طبيب مسيحي بس شاطر"، وهلم جرا من أقوال ركيكة يجب أن تختفي من معاجمنا ومن قلوبنا، فمصر لم تعرف هذا طوال تاريخها، قبل الغزو الوهابي لأرضها وسمائها منذ ثلاثة عقود.
ذكريات مضحكة ومخجلة
وعرَّف المؤلف نفسه في مقدمة الكتاب قائلًا: "أنا مواطن مصري، لا أنتمي إلى الحزب الوطني، أو حزب وداد أو أي حزب، ولكن تم تصنيفي في حزب القبط، وهو حزب لم أنتمي إليه، ولكن صُنفت ضمنه، وأدركت منذ نعومة أظافري أني مختلف، فأنا قبطي! أحيانًا أشعر بالتميز نتيجة اختلافي وأحيانًا بالنبذ، وأخرى بالوحدة، ولكني لست كباقي سكان العمارة التي أقطنها، ولا كنت كباقي تلاميذ فصلي في المدرسة، وأتذكر في طفولتي الإبتدائية صديقي المسلم حينما علم أني مسيحي جاء إليَّ وبكل رقة وحنو، وربت على كتفي ويملأ وجهه الحزن وكأنه يواسيني في مصيبة، لهذا أدعوك أيها القارئ إلى سرد ذكريات مضحكة ومخجلة في نفس الوقت عشتها أنا وأقراني نتيجة اختلافنا، حتى نتلامس سويًا مشاعر مواطن قبطي أراد أن يواجه حقائق بسردها علنًا بأسلوب ساخر، ناعم، رقيق، دون قلق أو تطاول."
http://www.copts-united.com/article.php?A=35865&I=796