عماد توماس
كتب: عماد توماس
أوصى تقرير حقوقي صادر عن "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" إلى السلطات بالتوصيات العاجلة التالية:
1- مطالبة سيادة المستشار النائب العام بأن يأمر بتوسيع نطاق التحقيقات في أحداث إمبابة، لتشمل أيضًا دور السلطات المتواجدة في موقع الحدث، والتحقيق في أي إهمال قد يكون قد أدى إلى الفشل في منع هذه الهجمات، أو منع تصاعدها، أو الاستجابة المناسبة والقانونية لها.
2- مطالبة النائب العام ضرورة بأن تجري التحقيقات بشفافية كاملة، وأن تعلن نتائجها على الرأي العام، وأن يحال المتهمون بشكل عاجل إلى محكمة الجنايات لتتم محاسبتهم في محاكمة تتسم بالمصداقية، وتستوفي كافة ضمانات المحاكمة العادلة بما يغلق الباب أمام التشكيك في أحكامها أو خضوعها لأية اعتبارات سياسية. ومن هنا فإننا نشدد على أن اللجوء إلى محكمة استثنائية كمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ، أو إلى القضاء العسكري لن يحقق العدالة المطلوبة في مواجهة هذه الجرائم، وأن القضاء الجنائي المدني قادر تمامًا على محاكمة ومعاقبة كافة أطراف هذه الأحداث.
3- دعوة كلًا من الحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يتولى حكم البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية، إلى اتخاذ إجراءات فورية تستهدف توفير الحماية لكافة أفراد وطوائف المجتمع ودور العبادة، لمنع أي اعتداءات مشابهة في المستقبل.
4- وأخيرًا مطالبة كافة سلطات الدولة بأن تضمن حق كل أفراد المجتمع ـ نساءً ورجالًا ـ في حرية الدين والمعتقد بما في ذلك حرية تغيير الديانة دون قيود أو ضغوط. كما تدعو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية كافة المؤسسات الدينية إلى تحمل مسئوليتها الأخلاقية والقانونية إزاء حرية المواطنين في اختيار عقيدتهم أو ديانتهم دون وصاية أو تأثير.
وأشار التقرير، إلى أن عدد القتلى في أحداث كنيستي مارمينا والعذراء بإمبابة بلغ 12 شخصًا وأن عدد المصابين وصل إلى ٢٤٢ مصابًا، وتوفى ثلاثة من المصابين فيما بعد، ليصل إجمالي المتوفين إلى 15 شخصًا.
ووفقًا للبيانات الرسمية فإن أسماء الضحايا الاثني عشر هي:
"صلاح عزيز صليب"، و"جرجس بشرى"، و"رامي ملاك رضيان"، و"أبانوب كرم عبد السيد"، و"مجدي بهجت"، و"مدحت مجدي فرج الله"، و"محمود عبد العزيز رفعت"، و"محمد أسامة رمضان"، و"أحمد محمد حسان"، و"إسماعيل محسن إسماعيل"، و"باسم محمد كامل"، فضلًا عن جثة مجهولة الهوية.
وانتهى التحقيق الميداني الذي أجراه باحثو المبادرة إلى أن الاعتداءات الطائفية التي شهدتها منطقة إمبابة يومي السبت والأحد الماضيين (7 و8 مايو) والتي راح ضحيتها حتى الآن 15 قتيلا و242 مصابًا، تكشف عن استمرار فشل الأجهزة الأمنية في التعامل مع ملف الأزمات الطائفية. فأجهزة الشرطة كانت تعلم مسبقًا بتجمع حشود من السلفيين أمام كنيسة مار مينا بإمبابة، لكنها لم تتحمل مسئوليتها عن التنبؤ بالأحداث ومن ثم الحيلولة دون وقوعها. كما أن قوات الشرطة والجيش تتحملان المسئولية الكاملة عن احتراق كنيسة السيدة العذراء بشارع الوحدة بإمبابة. فقد حصلت المبادرة المصرية على إفادات تؤكد عدم وجود قوات للجيش لتأمين الكنيسة بعد هروب أفراد الشرطة المعينين على حراستها بمجرد وصول المعتدين إليها. وتؤكد المبادرة المصرية على أن مؤشرات عدة كانت تنذر بقيام مجموعات من المسلمين بمحاولة الاعتداء على كنائس أخري بالمنطقة، ورغم التواجد الكثيف لقوات من الجيش والشرطة في الشوارع الرئيسية القريبة من كنيسة مار مينا، إلا أنها لم تقم بنشر قواتها أمام باقي كنائس المنطقة مما سهل من جريمة حرق الكنيسة.
وحذرت المبادرة المصرية من أن رد فعل مسيحيي المنطقة على محاولة أعداد من المسلمين اقتحام الكنائس (بحثا عن سيدة مسيحية قالوا إنها كانت قد تحولت إلى الإسلام في سبتمبر 2010 ثم اختفت في شهر مارس الماضي) وما نتج عن ذلك من تبادل استخدام الأسلحة النارية والعنف بين الطرفين بالشكل الذي أسفر عن هذا العدد الكبير من القتلى والمصابين هي جميعًا مؤشرات خطيرة، قد تنذر بأحداث عنف واسع النطاق، أو بعودة العمليات الإرهابية التي كانت إمبابة إحدى ساحاتها في نهاية الثمانينيات والتسعينيات، ما لم يتم اتخاذ خطوات فورية لإعادة تأسيس مسئولية وسلطة أجهزة الدولة في إقامة العدل وفرض سيادة القانون، بدلًا من لجوء أطراف النزاع إلى انتزاع ما يرونه حقوقًا لهم بأيديهم كما حدث في إمبابة.
واستند هذا التحقيق الميداني إلى مشاهدات حية لباحثي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذين تواجدوا في موقع الأحداث منذ اندلاعها مساء السبت، وعلى مدى اليومين التاليين، لرصد تطور الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، ومظاهر الاحتقان وعمليات التفتيش والقبض العشوائي، التي قامت بها قوات مشتركة من الشرطة العسكرية والشرطة المدنية. كما يستند التقرير إلى إفادات من شهود عيان من الطرفين.
وأبدت المبادرة المصرية انزعاجها الشديد من تكرار وقوع اشتباكات بين المسلمين والمسيحيين، والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، في ظل وجود قوات من الشرطة والجيش دون تدخل فاعل من هذه القوات لمنع تفاقم الأوضاع. وفي هذه الواقعة بالتحديد بدا أن قوات الشرطة المتواجدة بالمكان ألقت بالمسئولية كاملة عن التدخل على قوات الجيش، التي أخبرت الضحايا بأن دورها يقتصر على تأمين الكنيسة، وأن التعليمات الصادرة إليها لا تتضمن التعامل مع الأهالي.
http://www.copts-united.com/article.php?A=36459&I=804