أشرف عبد القادر
بقلم: أشرف عبد القادر
أمريكا لم تكن مكروهة في الشرق الأوسط كما كانت مكروهة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، فالسياسة الخارجية الأمريكية اتسمت في فترة حكمة بازدواجية المعايير مما أفقد أمريكا مصداقيتها في الشارع العربي والإسلامي.
قلنا ونقول أن بؤرة الإرهاب في الشرق الأوسط هي النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ونصحنا الرئيس السابق بأن يجعل حل هذا النزاع من أولوياته،لننزع من يد المتأسلمين الكارت الذي به يجيشون الشارع العربي والإسلامي، ولكنه -للأسف- جعلها آخر اهتماماته فانتهت فترة حكمة دون حل للقضية.
زيارة الرئيس الأمريكي الجديد باراك حسين أوباما للسعودية وما تحمله من معنى رمزي ديني وكذلك زيارته لمصر واختياره لها كمركز لإلقاء خطابه التاريخي بمعنى الكلمة للمسلمين في أنحاء العالم قد أعاد لمصر مكانتها كدولة مركزية في الشرق الأوسط لها دور لن تستطيع أخذه أي دولة أخرى، كما تحاول إيران اللهم إلا أن تمتلك تاريخ عشرة آلاف سنة حضارة كما تمتلك مصر وستتبقى مصر "أم الدنيا".
لقد كان خطاب أوباما المرتجل تاريخيًا فعلاً، لماذا؟ لأنه تحدث ببساطة ووضوح عن قضايا الشرق الأوسط دون لف أو دوران واعترف بأخطاء أمريكا السابقة، فالنقد الذاتي هو أول خطوات التقدم وهو ما نفتقده في عالمنا العربي والإسلامي، فكان لحديثه وقع جيد على رجل الشارع العربي والإسلامي.
ناهيك عن النخبة والساسة لما يتمتع به هذا الرجل الفذ من كاريزما قلما تمتع بها رئيس أمريكي آخر، فحاول –بكل شجاعة سياسية وأخلاقية نادرة– إعادة الثقة ومد الجسور بين أمريكا (المكروهة) وبين العرب والمسلمين بفتح صفحة جديدة للعلاقات قائمة على الثقة المتبادلة ونسيان الماضي الأليم ومما جعل لحديثه قبولاً أيضًا أصوله الأفريقية والإسلامية في آن فشعرنا أننا أمام رجل وسيط عدل بين سياسة أمريكا الظالمة وبين قضايانا العادلة.
ما هو المطلوب الآن؟
الإسراع بترجمة هذا الخطاب الهام إلى خطوات تنفذ على أرض الواقع، فلقد شبع الشعب الفلسطيني والعربي من الوعود والعهود التي لا تنفذ فلقد آن الأوان لنترجم له كل ذلك على أرض الواقع لنقول للفلسطينيين والعرب والمسلمين أن إقامة الدولة الفلسطينية والسلام ليسا سرابا يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجد شيئًا ولكنه واقع محسوس وملموس.
نحن الآن أمام لحظة فاصلة في تاريخ الشرق الأوسط من النادر أن تتكرر ليحل السلام الشامل والعادل فقليلة هي الفرص النادرة على مر التاريخ لاتخاذ القرارات الهامة وكذلك قليلة هي الشخصيات القادرة على اتخاذ القرارات المؤلمة الحاسمة والفاصلة.
نحن بحاجة إلى رجال في شجاعة السادات و"مناحيم بيجن" حينما وقّعا اتفاق السلام في كامب ديفيد، فلقد جبن أبو عمار وخاف من توقيع السلام مع باراك برعاية كلينتون وأضاع فرصة إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية والآن فرصة إحلال السلام مواتيه -إن صحت النوايا من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني- بوجود رئيس أفريقي من أب مسلم في البيت الأبيض وكذلك بوجود رئيس متفتح وواع بظروف الحقبة كالرئيس محمود عباس،مهندس اتفاق أوسلو.
ما العمل؟
الضغط على الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لتوقيع السلام -لأن الطرفين غير ناضجين حتى الآن لإحلال السلام– باتخاذ قرارات فاصلة ومؤلمة بالتحلي بالشجاعة السياسية،وهذا هو دور الرئيس أوباما المتمتع بالقبول من الشعوب العربية والإسلامية، وكذلك دور الإتحاد الأوربي بأن يلتقي الطرفان وسط الطريق فلا نرضي طرف على حساب الطرف الآخر لنعيش جنبًا إلى جنب في أمن وسلام.
ركزت في مقالي على نقطة واحدة فقط من خطاب أوباما التاريخي وهي النقطة الخاصة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولكن الخطاب يحتاج إلى مقالات ومقالات لأهميته.
أدعو الله في صلواتي أن يوفق الرئيس باراك حسين أوباما في سياسته الخارجية الجديدة وسعيه للمصالحة بين أمريكا والشعوب العربية والإسلامية، وخاصة فيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني الإسرائيلي وستتوقف مصداقية خطابة على الخطوات التي سيتخذها لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ليعيش الفلسطينيون في دولتهم تحت سلطة قيادتهم كباقي شعوب العالم بجوار أولاد عمومتهم الإسرائيليين في إسرائيل في أمن وأمان، ولن يتحقق ذلك إلا بالسلام الشامل والعادل انطلاقًا من مبادرة السلام العربية التي أطلقها الملك عبد الله ملك السعودية وانطلاقًا من العودة إلى حدود 1967.
لقد طال عذاب الفلسطينيون منذ 60 عامًا ولقد مل الشعب الإسرائيلي من الحروب، فآن الأوان لإحلال السلام ونبذ الحرب والإسراع بمشروع ماريشال اقتصادي للشرق الأوسط الكبير ليعم الخير والسلام في الشرق الأوسط المنكوب بالحروب والصراعات التي لا تنتهي.
تقولون إنني حالم. وهل نستطيع العيش إلا بالأحلام القابلة للتحقيق؟؟!!
Ashraf 3@wanadoo.fr
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3743&I=101