عذرًا يا إنسان

محمود الزهيري

بقلم: محمود الزهيري
يتأتىَ المجهول الجهم
غليظًا
متهدرًا
يحفر في جسد الواهن أخاديدًا
يصنع أنهارًا للبؤس
لشظف العيش
أراه رائعًا في قبحه

يترآني رائعًا في ضعفي
يجبرني أن أرضى عمّا أكره
يدفعني للبؤس..
لضرورة يراها
لا تراني هي!!
تتزين آلامي..
تتأنق أوجاعي..
بتمهل
تهمسني خوفًا
تناجيني رعبًا
تلسعني أوجاعي
أخفيها كبخيل يصنع مع كنزه
لا أستطيع
تبكيني آلامي.. تصير فظيعة
تستعذبني.. العذب المر
تستسيغني شرًا..  لا يستساغ
تشع في ضميري الحزن

تتنافر أوجاعي شجنًا
تتقارب وحدتها ألمًا
تتضامن ضدي
أأمل في آمالي
لا تصدقني دومًا
تخونني
أسرف في حسن الظن
تمنعها حجبًا كثافًا

وأستارًا أكثافًا
يتعظم مني الحزن
تتحقر مني الأفراح
تلمني الخطوب
تلح الهموم
تشقيني خيبات الأمل
قتل العاطفة
كبت العقل
لم تخلق نفسي للفرح
فلم تأبه دومًا للحزن

يأتيني المجهول.. بجهامته
يناولني قراطيسًا
مطويات بطعم العبق الآسن في تاريخ الأشياء
يكتب تاريخ الأشياء
يشطب تاريخ الإنسان!!
أولها مطوية صبر
آخرها رثاء

أسأله
هل تطعم جائع بالصبر
والميت تهبه دواء
والعاري أتكسوه كلامًا
 بالصبر
عذرًا للجائع فوق القبر
إن نهش أجساد الموتى
الحرمان لا يداوي المرضي
ولا يكسو العريان
ولا يسكت فم الطفل الجائع

أتداويهم بالأخلاق
أبداء الصبر!!
في عالم فائض بالجشع
بالوفرة
وتجعل فيه الصبر دواء
أنت
وأنت

وأنتم يا سفالات
ملعون منكم
مَن يسقيني الصبر
مَن يطعمني لحوم الأموات
مَن يكسوني كفنًا
يستر عورة

من يحييني ذلاً
الحرمان لا يداوي
والصبر ليس دواء
أ لأني يحكمني الأعراب!!
مَن يعرب أو عارب
أو مستعرب للأشياء
معذرة يا إنسان..
mahmoudelzohery@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع