د. رأفت فهيم جندي
بقلم: د. رأفت فهيم جندي
لقد دل خطاب أوباما على حرفته الأصلية كمحامي بارع تخرج من جامعة هارفارد العتيقة, فلقد لخلص في عريضته للشعوب الإسلامية فساد بعض من أفكار هذه الشعوب, فمن إضطهاد للأديان الأخرى ليدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون, لاستهانة بالمرأة لأنها ناقصة عقل ودين, لإستباحة قتل الآخرين حيثما وجدوا لأنهم مشركون. كان الرئيس الأمريكي في خطابه مجاملاً على حساب الحقيقة في حديثه عن الحضارة الإسلامية, ولكنه كان واضحًا وصريحًا في نقاط ضعفهم الأساسية, ولقد مس قلوب الجميع بتواضعه وشخصيته الجذابة وسلاسة حديثه.
لقد ترك أوباما الباب مفتوحًا لهذه الحكومات والشعوب لكي ينضموا للمجتمعات الغربية نابذين طبيعة العنف المتوارثة, فهل سيفعلون؟ هل سيتوقفون عن تفخيخ الأطفال لكى ما يفجروا بهم الآخرين؟ هل سيكفون عن مهاجمة الكنائس والأديرة واغتصاب أراضيهم؟ هل سيمتنعون عن دفع الأموال لمن يختطف فتاة قبطية؟ هل سيبدولون نظرتهم لبعض البشر بأنهم احفاد القردة والخنازير؟ هل سيؤمنون بحرية الاعتقاد لمن شاء أن يرتد عن دينهم؟ نتمنى هذا التغيير لهم من أعماق قلوبنا.
هل فهم أوباما بأنه لو كان رجلاً عاديًا لحل لهم قتله بسبب قوله بأنه مسيحي ووالده من جذور إسلامية؟ أظن أنه يفهم هذا جيدًا وأراد إبعاد تهمة الإرتداد عنه وإلصاقها بوالده لأنه لم يقل بأن والده كان مسلمًا بل من جذور إسلامية ليجعلهم يفهمون أو يستنتجون بأن والده لم يكن مسلمًا أيضًا. بالطبع هو لم يخف ولكنه أراد أن لا يكون هناك سببًا ممكن أن يؤثر سلبيًا في حديثه لهم.
لقد قال السيد المسيح "فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَماً فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ" فأن كانت قدوة ومبادئ هذه الشعوب شريرة فماذا نتوقع أن يخرج منهم غير الأشد ظلمة مثل منظمات على شاكلة القاعدة والإخوان المسلمين, حتى الديمقراطية يركبونها لكي ما يغتالوها بعد الوصول للحكم.
الشيء الذي ممكن أن يكون قد تحقق من خطاب أوباما هو فصل منظمة القاعدة عن التعاطف الإسلامي العام في عدائها لأمريكا، وهذا هو ما سعى له أوباما ونجح فيه وكان هو إنجازه الحقيقي من هذا الخطاب. أما أن الحكومات الإسلامية ستتوقف عن نهبها لثروات شعوبها وتكميم ألسنتها وفرض الرقابة عليهم فإنه هدف بعيد المنال أو قل هو المستحيل بعينه. هذه الحكومات والشعوب مكبلة بمبادئ تحلل لهم الكذب في أشياء, فكيف تتوقع منهم الصدق؟ ومتحلية بحب كسب الغنائم وملكات اليمين على أنه عمل خلقي, فكيف تتوقع منهم الأمانة والنزاهة؟ الذي يكذب أو يسرق في المجتمعات الراقية يُعرف بأنه لص وضد المبادئ, ولكن الذي يفعل هذا هناك هو ناصح وذكي وشاطر. قد يكون فتح باب هذه الشعوب على الثقافات الحرة الأخرى طريقة لتهذيبها, وهذا ما دعى إليه أوباما هذه الحكومات في عدم تكميمها لأبواب الإتصالات والمعلومات والثقافة العالمية بالرغم من بعض مساوئ هذه الأبواب.
ولقد كان أوباما أيضا أول رئيس أمريكي يتكلم على العلن عن حقوق الأقباط المنتهكة أيضًا في العلن. ونحن هنا نحيي كل من عمل بالقضية القبطية سواء من الأقباط المهاجرين أو المنظمات التي تعمل من وسط أدغال مصر, لقد استطاعت هذه الجهود المتواصلة بلا كلل أن تصل برسالتها للبيت الأبيض بالرغم من العصابة السوداء التي دأب النظام المصري على تعليقها على القضية القبطية.
لقد صفق الحاضرون عندما استشهد أوباما بقول السيد المسيح "فَكُلُّ مَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ" وما أبعد هذا عن المعتقدات السائدة بين معظم هؤلاء الحاضرين المصفقين والتي تقول أن الغزو العربي لمصر والشام وشمال أفريقيا كان فتحًا مباركًا وكريمًا بينما طردهم من أسبانيا كان عملاً مقيتًا شريرًا!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=3956&I=106