مينا مهني
تحقيق: مينا مهني
يعتبر محصول قصب السكر محصولًا إستراتيجيًا في "مصر"، وتتركز زراعته في الجنوب بمحافظات؛ "سوهاج" و"قنا" و"أسوان"، حيث يتم زراعة ما يقرب من (132257) فدان تمثل 63% من جملة المساحة المزروعة بالقصب في "مصر". ويبلغ إنتاج "قنا" فقط من السكر (540036) طن سنويًا طبقًا لآخر إحصائية لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو"، بالإضافة إلى العديد من المصانع التي تقوم بالصناعات التكاملية؛ مثل صناعة الكيماويات، والكحول، والأخشاب، والورق، والعطور، والعلف، والعسل الأسود. ورغم ذلك يعاني الفلاحون معاناة شديدة في زراعته!! حاولنا معرفة الصعوبات التي تواجههم وأسبابها، من خلال هذا التحقيق..
ضعف أداء مركز البحوث
في البداية، قال "مالك عبد الحكم"- مزارع- إن مركز البحوث الزراعية يعجز عن استنباط أصناف جيدة، فمنذ عام 1960 لم يتغير "س9" رغم أن عمره الافتراضي (12) عامًا فقط، في الوقت الذي يوجد به أكثر من (50) صنفًا في دول أخرى، مشيرًا إلى أنه تم إنتاج صنف "جيزة 375" مرة واحدة فقط، ثم توقف بعد فشله، رغم وجود ما يسمَّى بـ"صندوق موازنة الأسعار" والمخصص لحالات الكوارث الطبيعية من خلال ملايين الجنيهات.
وأكَّد "مالك" أن محصول القصب يتعرض لكارثة حقيقية، لعدم وجود ورش لصيانة المعدات ومواتير الرش، وتهالك أغلبها، موضحًا أن إنتاجية الفدان الواحد التي كانت تصل إلى (60) طن انخفضت الآن لأقل من النصف، وارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج.
روتين إجراءات بنك التنمية
وأشار "عبد العاطي محمد عبد الرحمن"- مزارع بـ"نجع حمادي"، إلى أنه في حالة توجه المزارع لبنك التنمية والائتمان الزراعي للحصول على سلفة زراعية، يجد نفسه قد حصل على سلفة استثمارية، فيبدأ بدفع (500) جنيه مصاريف إدارية، ويسحب ملفًا مكونًا من (28) ورقة يحتوي على عقد بيع ابتدائي يوقع عليه المقترض ببيع الحيازة الزراعية لصالح البنك أو الغير، ويتضمن أيضًا عقد وكالة للبيع غير قابل للفسخ أو الإلغاء لصالح البنك لقرض بأي قيمة، ويتيح هذا العقد للبنك أن يبيع لنفسه أو للغير الحيازة الزراعية ويسدِّد مديونية العميل من كامل الثمن نيابة عن الموكل الذي هو الفلاح المقترض.
مكافحة الأمراض والقوارض
أما "شحات أحمد خليل"، مزارع بمركز "قفط"، فأوضح أن محصول القصب يتعرض لخطر الفئران القارضة التي لا تتأثر بخلطة الذرة بالسم التي تقوم بها الوحدات الزراعية، بالإضافة إلى عدم وجود مراقبة جادة لعمليات الرش حيث يقوم بها أفراد غير مؤهَّلين لا يشارك معهم المزارع في وضع الكميات المطلوبة والمناسبة للرش بالمبيدات للحد من الإصابات للمحصول. وقال: "يتحمل المزارع نفقات تحسين التربة رغم أن مجلس المحاصيل السكرية يحصل ملايين الجنيهات من أطنان القصب سنويًا، ومن المفترض أن يتكفل هو بذلك".
شروط شركات السكر الاحتكارية
وتحدث "حسن عبد المنعم" عن البند العاشر من العقد المبرم بين المزارع وشركات السكر، والذي يقول إن الشركة تقوم بسداد الفلاح لقيمة المحصول في مدة أقصاها 15 يومًا، إلا أن السداد يتأخر إلى 6 أشهر من التسليم للمصنع، ويقوم بنك التنمية بتحصيل قيمة الفائدة عن الشهور المتأخرة من الفلاحين المقترضين عن هذه الشهور المتأخرة وليس الشركة التي ترفض دفع أي فوائد للفلاح. مشيرًا إلى أن وزن القصب بالمصانع أمر يحتاج أيضًا إلى إعادة نظر لعدم وجود وكيل عن المزارع أثناء الوزن، كما أن من شروط مصانع السكر انتظار الدور في كسر القصب، وهو الأمر الذي يؤدي إلى جفاف المحصول في الأرض الزراعية وانخفاض وزنه مع درجة الحرارة الشديدة، ويؤثر بالخسارة على الفلاح.
الوحدات الزراعية والأسمدة
وأكّد "عدلي بقطر"، مزارع بـ"دشنا"، أن الوحدات الزراعية هي السبب الرئيسي في أزمة السماد الحالية، مشيرًا إلى وجود أراض خارج الزمام معظمها غير مزروع، يقوم أصحابها بصرف كميات كبيرة من السماد وبيعها في السوق السوداء، فالوحدات الزراعية تقوم بعمل حصر وهمي لمساحات كبيرة لصالح أفراد لا يعملون بالزراعة. مطالبًا بتوفير الأسمدة بنسبة 100% بدلًا من 70% وسد العجز عن طريق إيقاف التصدير، موضحًا أن المصانع توفِّر 4 أجولة فقط للفدان في حين يحتاج الفدان إلى (10) أجولة، هذا بالإضافة إلى القرارات السيئة التي كانت تصدر من حكومة الفساد، والتي كان من نتيجتها تقليل حصة البنوك من الأسمدة من (1600) طن إلى (1000) طن فقط في العام، وأولوية التصدير، وفتح الباب للشركات الخاصة المستوردة.
الحل في النقابة
وقال "حساني عثمان"، عضو التجمع بـ"قوص": "يعاني الفلاح عامة وزارع القصب بصفة خاصة، منذ سنوات طويلة وحتى الآن، من مشكلات وأزمات دون تحرك جاد للبحث عن حلول جذرية لها، فزارعو قصب السكر فئة مهمة وليس لهم غطاء رسمي مثل النقابة لمزارعي القصب، تحميهم من قسوة شركات السكر وجشع بنوك التنمية واحتكار البعض للسكر والسماد ومستلزمات الإنتاج". مؤكِّدًا على ضرورة أن يكون لهم مستشفىً خاص مثل أي جهة حكومية، لأنهم أكثر الناس عُرضة للأمراض.
وطالب "حساني" بإنقاذ محصول القصب من الانهيار، والحفاظ على ما تبقى منه، من خلال إعادة النظر في؛ السياسات الخاطئة التي أدَّت إلى إلغاء دور الدولة لتحل محله قوى السوق، والقوانين والقرارات السيئة التي أدَّت لتهميش الحركة التعاونية الزراعية، وإلغاء الدعم على مستلزمات الإنتاج وتركها للقطاع الخاص، وطرد آلاف الفلاحين من أراضيهم دون توفير أراض بديلة لهم مما أضر بالرقعة الزراعية، وامتلاك مصريين وأجانب آلاف الأفدنة التي تم تبويرها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=39971&I=867