مايكل فارس
أحمد عبد المعطي حجازي: مصر ليست دولة إسلامية والدولة الدينية انتهت بلا رجعة.
خالد منتصر: مصر تسير ببطئ نحو الدولة الدينية بدليل أن قانون طبي ينقذ الآلاف يتأخر صدوره بسبب آراء فقهية.
ثروت صموئيل: أصبح الفن والإبداع والطب في مصر يخضع لآراء المؤسسات الدينية.
هاني الجزيري: مصر بين مرحلة متقدمة عن الدولة الدينية ومرحلة متأخره عن الدولة المدنية.
تحقيق: مايكل فارس - خاص الأقباط متحدون
سؤال مُلح.. هل مصر دولة إسلامية طبقًا للمادة الثانية من الدستور الذي يؤكد أن الإسلام هو دين الدولة وتقوم بتطبيق الشريعة؟ أم أنها دولة مدنية تقوم بتطبيق الدستور؟
هناك قضايا يتم تطبيق الشريعة الإسلامية فيها وأخرى يتم تطبيق الدستور والقوانين الوضعية؟ فلماذا يتم ذلك؟ ما صفات هذه الدولة.. إسلامية أم مدنية؟ وهل هناك فرق بينهما؟ وأيهما الأفضل؟ وما مميزات كلاً من الدولتين؟ ومصر أقرب إلى مَن فيهم؟
لمعرفة هذه التفصيلات كان لنا هذا التحقيق مع هؤلاء الذين أثروا مصر بكثيرمن آرائهم. فهم جزء قاطرة المستقبل, ونبراس الأمل...
بداية أكد الأستاذ أحمد عبد المعطي حجازي الشاعر المعروف أن مصر بها حاليًا عناصر مدنية وعناصر دينية أُدخلت منذ حوالي 40 سنة منذ بداية تولي الرئيس السادات إلى اليوم، ولكن الأساس في مصر هي الدولة المدنية، فطالما أن هناك دولة وطنية ذات دستور موضوع وقانون وضعي وتقسيمات للقانون وسلطات مستقلة مثل السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية فكل هذا سمات الدولة المدنية، بالإضافة إلى الطابع الوطني في مصر طابع قوي بسبب أن المصريين منذ فجر التاريخ يعيشون في حدود جغرافية واضحة لم تتغير حتى الآن ولهم تاريخهم الطويل.
وأكد مشددًا على أن مصر ليست دولة إسلامية لأن المصريين لهم ديانات متعددة والدولة الحديثة في مصر هي دولة مدنية وطنية، أما الدولة الدينية فلا تصلح لهذا العصر لأنها دولة تحكمها سلطة دينية مفوضة من الدين، وهذا النوع من الدول كان موجود في العصور الوسطى وأختفى بلا رجعة، ولكن هناك بعض الدول تحاول إرجاعه مثل إيران والسعودية ولكنهم للأسف يسيرون عكس التاريخ لأن ذلك لا يتفق مع الحضارة الحديثة.
واستنكر فكرة أن المادة الثانية هي المصدر الرئيسي للتشريع في مصر قائلاً إنها ليست المصدر الرئيسي للتشريع حتى الآن، فهي مادة موجودة ولكن كل القوانين هي قوانين وضعية ولكنها أُضيفت للدستور إرضاءًا لبعض الجماعات الدينية المشتغلة بالسياسة.
وأكد أن الدستورالمصري مُستقَى من الدساتير والقوانين المعمول بها في العالم المبنية على القيم والحقوق المدنية والمساواة والديموقراطية لكل المواطنين بصرف النظر عن انتمائاتهم الدينية سواء مسيحيين أو مسلمين أو يهود أو حتى ديانات أخرى.
وبسؤاله عن أن بعض المسلمين يعتقدون أن المادة 40 التي تكفل حرية العقيده الدينية ويعتقدون أن كلمة الدين تشير إلى الأديان الإرسالية الثلاثة (اليهودية والمسيحية والإسلام) رفض ذلك الفهم قائلاً إن الدين يُقصد به كل الأديان، وفهمهم بتلك الطريقة هو تأويل خاطئ ومتحيز ومتعصب، وأكد أن حرية الإعتقاد مُطلقة وللمصري الحرية أن يعتنق أي دين، وأشار إلى أن حد الردة لا يوجد في الإسلام بل هو حد من وضع الفقهاء وهو كلا م يردده بعض المتعصبين والمتشددين ويأخذون حديث الرسول الذي يقول فيه (من بدّل دينه فاقتلوه) فهو حديث مشكوك في صحته، فهذا الحد غير موجود شرعًا بل كان يُستخدم بشكل سياسي لخدمة أغراض الدولة الدينية.
وأشار إلى أن الدولة الدينية تستخدم من الأساليب لحمايتها، وأشار إلى الدول المسيحية في أوروبا عندما طبقوا الدولة الدينية حيث لم يكن هناك حد ردة في المسيحية ولا حدود ولكنهم كانوا يحرقون الناس في أوروبا بتهمة الشعوذه، لذا فهذه الأساليب اختراعات رجال الدين لتكون هناك سلطة لهم على الدولة، لذا فالخروج من العقيدة يعني الخروج من سلطتهم.
وأكد أن الدولة لا دين لها قائلاً إن الدولة هي تنظيم مدني ولكن قد تكون ثقافة المجتمع إسلامية بسبب أن الأغلبية هم المسلمون، ولكن هناك فرق بين الطابع الديني الناتج عن الثقافة وبين النظام في الدولة الذي يخضع له الجميع، لذا فالدولة لا تنتسب لدين حيث أنها تستمد مبادئها وأسس قيمها من فكرة الإتفاق أو العقد الإجتماعي وهو عقد بين مواطنين وليس بين أديان.
وتساءل قائلاً لماذا نريد الدولة؟ وأجاب لكي تضمن لنا حياتنا عن طريق الأمن والحرية وتضمن لنا أننا متساوون في الحقوق والواجبات عن طريق مؤسساتها، ولكن لا نريد أن تكون الدولة للدين فنحن عندما نتدين فنتدين دون دولة، فالمسيحي أو المسلم الذي يصلي في منزله أو الكنيسة أو الجامع لا يحتاج للدولة، فالدولة لا تقدم شيء لتكون إنسان مؤمن متدين وعلاقتي بالدولة أن احترم قوانينها وأدافع عنها ضد العدوان وليس للدولة علاقة بديني الذي هو علاقة بيني وبين الله.
وأكد أن الدولة المدنية أرست مبدأ المواطنة حيث لا فرق بين الأديان ولا وجود لكلمة أقلية ولا فرق بين المواطنين، فطالما الشخص يحمل جنسية البلد ويدخل الجيش دفاعًا عن بلده فلا معنى لأي اعتبارات أخرى ولا يترتب أي امتياز لشخص من حيث الدين، وضرب مثالاً على المسلمين في فرنسا الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية والقانون الفرنسي لا يفرق بينهم وبين الفرنسيين الأساسيين، مؤكدًا أنه لا معنى للمواطنين القدماء والمواطنين الحاليين في ظل حصلوهم على الجنيسة، وأشار إلى أولاده الأربعة حصلوا على الجنسية الفرنسية وأسماءهم مصرية ولكن القانون لا يميز بينهم وبين الفرنسيين الذين يعيشون في فرنسا منذ 3 آلاف سنة.
وأشار أيضًا إلى المسيحيين المصريين الذين ينحدرون من سلاسة المصريين القدماء وأن المسلمين أيضًا في مصر ينحدرون من نفس سلاسة المصريين الذين اعتنقوا الإسلام، وأشار إلى أن مصر المسيحية قديمًا لم تغلق بابها أمام الأجناس الأخرى، فاليونانيين الموجودين في عهد بيزنطية والرومانيون في عهد روما والعرب أيضًا وكل السلالات التي تواجدت في مصر أثرت وتناسلت في مصر، لذا فحصيلة المصريين ليست عرق مصري خالص ففكره نقاء العرق لا توجد في أي بلد في العالم، لذا فالحقوق والواجبات تقوم على أساس المواطنة وليس العرق أو الدين أو المواطن القديم والمواطن الحديث.
وأشار إلى أن البعض يؤكد على الدولة الدينية في مصر لأن مصر بها ثقافة إسلامية عربية، ولكنه أكد أن هذه الثقافة ليست إسلامية عربية خالصة لأنها تدخل ضمن موروث ثقافي منذ عصر الفراعنة، فلا زال حتي الآن الفلاح المصري يستخدم التقويم القبطي في الزرع ويخضع كل نشاطه الزراعي للسنة القبطية ويستخدم التقويم الإسلامي في المناسبات، لذا عندما نتحدث عن الثقافة المصرية فيه ثقافة مختلطة مع الثقافات السابقة لها خاصة المسيحية والتي اندمجت فيها.
وطالب بعوده دستور 1923 وتعديل المادة الثانية من الدستور بأن تكون مصدر من مصادر التشريع وليس المصدر الرئيسي، وأكد على أن يكون اسم مصر هو (جمهورية مصر) فقط ولا حاجة لكلمة (جمهورية مصر العربية) لأن مصر هي قلب العالم العربي دون الإعلان عن ذلك في اسمها وأن كل بلد لها خصوصيتها ومصر لها خصوصية خاصة بها غير موجودة في أي بلد عربي آخر.
وأنهى حديثه أن ثقافة مصر مشتركة وليست إسلامية صرف حتى يدعي البعض بعودة الدولة الدينية، وأن أساس مصر هو الدولة المدنية.
وأكد الدكتور خالد منتصر الكاتب المعروف:
نحن لسنا في دولة مدنية صرف لأن هناك مظاهر كثيره تشير أننا في طريقنا للدولة الدينية حتى ولو كنا نخضع للقانون المدني في شئون وأمور كثيرة، فالماده الثانية من الدستور والتي تُشير إلى أن دين الدولة هو الإسلام والشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع (بالألف واللام) فهناك الكثير من منظمات المجتمع المدني ترفض هذه المادة، ولا يعني رفضها للمادة هو رفض للدين ولا يعني أنها تدعو لدولة ملحدة ولكنها تعني أن الأفراد هم الذين لهم أديان وليست الدولة، فالدولة كيان يحمي كل الأديان والمعتقدات وهي كيان رمزي ليس له دين محدد، والدولة العلمانية هي دولة تحترم الأديان وهي دولة ليست ضد الدين ولكنها ضد تدخل رجال الدين في السياسة، ونأتي من مستوي التنظير إلى مستوى الواقع وهناك أمثلة أننا نتجه إلى الدولة الدينية ببطئ:
أولاً.. قانون خطير في الطب وينقذ آلاف الناس مثل قانون نقل الأعضاء يتأخر صدوره لخلافات فقيهة، ومثال ثاني وهو مطاردة وسجن القرآنيين الذين هم مسلمون ولكنهم مختلفون في وجهات النظر يُسجنون بناء على مفاهيم الدولة الدينية، ونفس الكلام ينطبق علي الشيعة والبهائيين، مثال ثالث سجن المدون كريم عامر حتى إذا اختلفنا مع آراءه الدينية فالدولة المدنية لا تسجن مدون لاختلافها معه في الرأي.
وشدد على أن ما يقوض قيام الدولة المدنية هو توسع سلطة رجال الدين ولجوء البرلمان في أحيان كثيرة لعرض قوانين على رجال الدين لا تحتاج أصلاً للعرض عليهم، فمثلاً ما هي العلاقة بين قانون الإيجارات الزراعية وقانون إيجارات المساكن والفقهاء؟ لا توجد علاقة ولكن مجلس الشعب أحيانًا يُزايد على الإخوان المسلمين ليثبت أن الحزب الوطني أكثر تدينًا من الإخوان.
وأرجع نشؤء فكرة الدولة الدينية عندما لقب الرئيس السادات نفسه بالرئيس المؤمن وأطلق أيدي الجماعات الإسلامية لضرب التيارات اليسارية واستعانته بمحافظ أسيوط الذي كان معروف عنه تعاطفه مع الجماعات الإسلامية، وأتى رد الفعل من الجانب المسيحي بأنهم لجأوا إلى الكنيسة في كل تفاصيل حياتهم ولم يلجأوا إلي برلمان أو منظمة مدنية أو هيئة سياسية، ولكن الحلول تأتي دائمًا من الكنيسة، لذا فالتيار الديني تفشى في كلا الطرفين.
وأكد أن الأجواء مهيئة في مصر لقيام دولة دينية خاصة بعد أن انتشر الفكر الوهابي وسيطر على العالم العربي بأكمله، ومصر تحديدًا، خاصة مع ضعف التيار العلماني في مصر بسبب الإختلافات الفكرية بين أفراده، فدائمًا الطاعة والإذعان والتنظيم في التيارات الدينية أكثر بكثير في التيار العلماني، لذا ما يُسمى بكريمة المجتمع وهي نقابات النخبة مثل نقابة المحامين والأطباء والمهندسين وقعت في أيدي التيار الديني.
وأشار إلى أن الأمل موجود لأن التجربة العلمانية في العالم تخضع للصواب والخطأ وليس للحلال والحرام، وهذا سر تقدمها لأنها تصحح من نفسها مهما أخطأت.
وأضاف الأستاذ ثروت صموئيل مدير تحرير جريدة الطريق والحق أنه لمن المؤسف أن نناقش أمور حسمتها الدول خاصة المتقدمة منذ مئات السنين، فمثلاً فرنسا فصلت الدين عن الدولة منذ الثوره الفرنسية عام 1789م وأنه لا دين للدولة، وفعلت ذلك في دستورها سنة 1946، لذا عندما نأتي في مصر ونتحدث في 2009 عن تلك الأمور التي حُسمت إذًا هناك خطأ فينا.
وأكد أنه لكي نعرف لأي نوع من الدول تخضع مصر هل الدولة المدنية أو الدولة الدينية يجب أن نعرف الفرق بينهما، لذا فأول الفروق هو أن الدولة الدينية تُميز بين الأفراد على حسب عقائدهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية ولا تؤمن بمساواة جميع المواطنين، أما الدولة المدنية تضمن حريات وحقوق جميع المواطنين بغض النظر عن دينهم أو معتقداتهم أو اختلافتهم العرقية وتعمل في إطار المواطنة التي تجعل كل المواطنين على قدم المساواة أمام القانون وهي ذات نظام ديموقراطي، لذا فهل من المعقول أن نترك النظام الذي يحكم بالمواطنة والقانون والمساواة والديموقراطية ونذهب لنظام دولة يُميَز بين الناس على أساس الدين والمذهب؟
وأكد أن الذهاب للدولة الدينية يعتبر خطر على عدة جهات منها المؤسسات الحكومية والمؤسسات الدينية نفسها والمسيحيين والأقليات عمومًا، واستنكر تصرفات الدولة التي في طريقها إلى الدولة الدينية، وحذر من أن الحكومة إن لم تأخذ احتياطاتها وتأخذ الأمور بعقلانية فهي ستنجرف بسرعة للدولة الدينية، وتساءل كيف أن القوانين الهامة لا تُمرر ولا تتم إلا بموافقة المؤسسات الدينية؟ بل الأمر وصل إلى الإبداع والفكر والفن، إذا أردنا عمل فيلم أو نشر كتاب لا بد أن المؤسسات الدينية تقول كلمتها خاصة الأزهر فهذه خطوات سريعة تجاه الدولة الدينية، وعندما تطلب وزارة التضامن الإجتماعي فتوى تحرّم أكل الطيور الخبز (عندما أراد الوزير أن يقول حرام أن يأكل الطيور العيش المدعوم والشعب كان سيرفض ذلك) لذا لجأ لدار الإفتاء لإصدار فتوى بذلك.
وأبدى أسفه على طريقة تفكير الشعب المصري الذي لا يتحرك إلا بفتوى أو برأي المؤسسة الدينية عمومًا، لذا فالدولة في طريقها للدولة الدينية الذي سيرجعنا للتخلف والعصور المظلمة، خاصة ما يوجد في بعض الجرائد المعجبة بالنموذج الإيراني، لذا فتجد بعض الأقلام تريد إرجاع ولاية الفقيه، وأرجع السبب في ذلك إلى وجود المادة الثانية من الدستور (التي تقول أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وأشارت إلى أن الإسلام هو دين الدولة)، فبناء على وجودها تجد الكثيرين يقولون أن مصر دولة إسلامية ودينها الإسلام، لذا فهي حجتهم لإرجاع الدولة الدينية ويقولون أن الدستور يؤكد ذلك ولكن باقي الدستور مدني، فيكفي وجود المادة الأولى من الدستور والمادة 40 مثلاً تؤكد أن المواطنين متساوون وتؤكد على حرية العقيدة.
وأكد أن المسيحية لا تطبق الدولة الدينية والسيد المسيح أرسى مبدأ فصل الدين عن الدولة وقال (اعطوا مالله لله وما لقيصر لقيصر) وحتى إن كانت بعض الدول المسيحية فعلت غير ذلك ودمجت الدين بالدولة أثناء العصور الوسطي فكان هذا خطأ وخروج عن مبدأ المسيح.
وأكد المفكر جمال البنا أن مصر لا بد أن تكون دولة مدنية وليست دينية وأن الدستور المصري كله "لخبطة"، إشتراكي على ديكتاتوري على إسلامي على كل حاجة، ولا بد أن تُعاد صياغة الدستور المصري ليحتكم إلى العقل والمنطق، وأكد أن الدولة الدينية هي القائمة على الدين في مختلف أحكامها ولكن مصر ليست كذلك لأن بها قوانين وضعية، وأشار إلى أنه مع الدولة المدنية وضد قيام أي دولة دينية تجعل رجال الدين يتسلطون على كل أمور الحياة لأن أساس الدولة هو مصلحة الشعب ومصلحتة في أن يكون كله متساوي دون تمييز بعضهم على الآخر لذا فالدولة المدنية وحدها هي التي تضمن ذلك.
ومن جانبه أكد الأستاذ هاني الجزيري منسق جبهة المليون أن الدولة المدنية هي الأساس في مصر، وأن جبهة المليون وضعت شروط للإنضمام إليها أولها أن الشخص يجب أن يؤمن بأن الإنتماء لمصر هو الأساس، وثاني الشروط أن يؤمن أن الدولة المدنية هي الأساس الأمثل لشكل الدولة في مصر، ومقوماتها أن نلتزم بما يقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأن يتم حذف أي كلمة أو عبارة أو مادة في الدستور المصري تتعارض مع الدولة المدنية.
وتساءل كيف تكون المادة الأولى هي المواطنة والمادة الثانية هي أن دين الدولة هو الإسلام؟ فالدولة المدنية هي دولة لكل الناس وليس للمسلمين فقط، وإن كانت الدولة مصممة على وضع هذه المادة فعليها أن تغير صياغتها بحيث تتناسب مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأن وجودها يتعارض مع الدستور المصري نفسه مثل المادة الأولي والمادة 46 التي تتحدث عن أن كل المواطنين متساوين.
وأكد أن الدولة المدنية يجب أن تكون في مصر ذات ملامح واضحة دون لبس وحذف أي مادة تتعارض معها، وشدد على أن المادة الثانية تميز بين المصريين وبعضهم على أساس الدين، وضرب مثلاً عندما يتم انتزاع حضانة الطفل الصغير من أمه على أساس أنها مسيحية فهل يحدث العكس وينتزع الطفل من أمه المسلمة؟ وهنا هل القاضي الذي يحكم بأن ينتزع الطفل من أمه المسيحية يحكم بناء على الدستور والمواطنة أم المادة الثانية من الدستور؟ فبالتأكيد يحكم عن طريق الشريعة الإسلامية، ولكن القانون والدستور يساوي بين الكل ولا يميز بينهم.
وأكد أن مصر تعيش دولة مدنية ولكن بها قصور، فهي مرحلة متأخرة من الدولة المدنية ومرحلة متقدمة عن الدولة الدينية، فهي ليست مثل إيران مثلاً ذات مرجعية دينية، وأكد أن فتحي سرور رئيس مجلس الشعب أخطأ عندما قال أن المادة الثانية من الدستور خط أحمر، لأنه رجل قانون ويعلم تمامًا أن أي مادة من الدستور يمكن أن تتغير.
وأرجع الجزيري فكرة الحديث عن الدولة الدينية في مصر إلى الثقافة الشعبية وضعف التعليم في مصر، حيث يتم استقبال أي شيء حديث أو جديد ببطئ شديد، حتى مادة التربية الوطنية التي كان هدفها تنمية الروح الوطنية أصبح هدفها تنمية الروح الدينية وإرجاع الإنتماء للدين وليس للوطن.
وأكد أن الذين يتحدثون عن الدولة الدينية نوعان.. هم الإخوان المسلمون الذين يريدون إقامة دولة إسلامية، والنوع الثاني هم الأشخاص الذين يتعاطفون مع فكرة الدولة الدينية ولكن في حال تعارضها مع مصالحهم فإنهم يفضلون الدولة المدنية، فمثلاً قانون نقل الأعضاء إذا مرض شخص بالكلى وأراد نقل كلية وأفتى الفقهاء بعدم نقل الأعضاء فلن يقبل منهم ذلك حتى يعيش وسيقول أنه رأي رجال الدين ويفضّل في ذلك الدولة المدنية والتي يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لتطبيقها لأن الدولة للأسف تغازل عامة الشعب عن طريق الدين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=4255&I=115