وداعًا منتخب الساجدين

عماد توماس

بقلم: عماد توماس
خرج منتخبنا المصري من كأس القارات بعد هزيمة مذلة من أمريكا بثلاثة أهداف نظيفة، وباتت فرص وصوله لنهائيات كاس العالم القادمة شبه مستحيلة بعد فوز الجزائر على زامبيا بهدفين نظيفين في زامبيا.
وبعد نهاية مباراة مصر وإيطاليا والتي انتهت لصالح منتخبنا المصري بهدف نظيف، ذكرت جريدة الوفد يوم الأحد الماضي أن سجدة لاعبو مصر بعد هدف إيطاليا هي سر تفوق المصريين، ونقلت عن إحدى الصحف الايطالية أن لاعبو مصر ليسو أقل من حيث الروح والإيمان عن إيطاليا -الدولة الدينية والإيمانية كما ذكرت الوفد- وأضافت أن لاعبو مصر يسجدون دومًا تجاه مكة وهم يربطون كل كلامهم بالحمد الله وإن شاء الله.
وكتب الناقد الرياضي عبد الرحمن فوزي مقالاً بالجمهورية يوم الأحد الماضي بعنوان "النصر من عند الله" وفي نفس الصفحة كتب الصحفي جمال هليل مقالاً آخر بعنوان "مَن يُحرج البرازيل ويهزهم الطليان.. يدك الأمريكان".
ونشرت معظم الصحف والمواقع الإلكترونية الرياضية صورة لسجدة لاعبو الفريق كلهم في أرض الملعب بعد تسجيل اللاعب محمد حمص الهدف في المنتخب الإيطالي.
ورأينا في مباراة مصر مع أمريكا، مدرب حراس المرمى الكابتن أحمد سليمان ينزل أرض الملعب أثناء إصابة الحضري ماسكا بيده "المصحف".

وإذا استمعت إلى تعليقات الجماهير قبل المباراة قال أحدهم وهو مغربي الجنسية عبر برنامج إستاد النيل بقناة نايل سبورت "إننا نشجع مصر أمام أمريكا لأنها دولة مسلمة وندعو أن ينصر الله الإسلام"، وقال مصري آخر أنه يدعو الله أن تهزم مصر أمريكا نكاية لما يحدث في غزة وتتدخل المذيع خالد توحيد قائلاً لا رياضة في السياسة ولا سياسة في الرياضة.
وقد سألت أحد رجال الدين المسيحي هل نصلى وندعو الله من أجل أن يفوز الأهلي أو الزمالك أو المنتخب الوطني في مباراة كرة قدم؟ أجابني: لا تصلي من أجل اللعب فلا يجب أن نقحم الله في الرياضة.

أندهش كثيرًا في هذا الخلط بين الرياضة والدين، فإذا كان النصر من عند الله فهل الهزيمة من عند "الشيطان"، أتفهم أن يكون الدين علاقة شخصية بين الله والإنسان، فالله لا يحتاج لنصر في مباراة كرة قدم، ولا يحتاج لهذا "السجود" المفتعل أو "رشم علامة الصليب"، ولا يحتاج لممثلين يقومون بحركات تحريضية نصرة للدين، الله أكبر وأقوى من ذلك كثيرًا.
ولعل الطامة الكبرى ما زعمته صحف جنوب إفريقيا مثل صحيفة "Sunday World" وردده موقع "بي بي سي" وعدة مواقع عربية قبل مباراة مصر وأمريكا، على أثر واقعة سرقة بعض لاعبو مصر وما ذكرته شرطة جنوب إفريقيا أن كاميرات المراقبة رصدت صور لاعبو منتخب مصر قد اصطحبوا معهم خمس فتيات إلى غرفهم للاحتفال معهم بعد الفوز على المنتخب الإيطالي وهؤلاء الفتيات هن اللواتي سرقن اللاعبين، وقام الإعلامي عمرو أديب مقدم برنامج القاهرة اليوم في حلقة ساخنة عقب المباراة بالتعليق على هذا الخبر، مطالبًا بمحاكمة اللاعبين، وأضاف عمرو "لما نتكلم يقول لك ده المنتخب الوطني وما ينفعش تتكلم عليه كده.. نسوان إيه وقرف إيه؟!! وفين فريق الساجدين؟!.. الفريق بيلعب وهو نجس!!"، وهي ألفاظ ما كان يجب أن ينزلق إليها إعلامي كبير، فقد كان عليه أن يمارس واجبه المهني بعرض الخبر بدون هذه التعليقات المستفزة قبل تأكيد صحة هذه الأخبار، ورد اللاعب أبو تريكة قائلاً "نحن نقرأ القرآن ونصلي سويًا.. إن لم نكن نخاف من الناس فنحن نخاف الله"، وخرج حسن شحاتة منفعلاً قائلاً لعمرو أديب "الله يخرب بيوتكم"، ورد أديب "هذه هي أخلاق الناس اللي بتصلي"!!

إن صحت هذه الإتهامات فيجب تسريح هؤلاء اللاعبين وجهازهم الفني وإقالة اتحاد الكرة، وإن كانت اتهامات زائفة فعلى اتحاد الكرة المصري مقاضاة صحف جنوب إفريقيا على نشر أخبار كاذبة، ومطالبة عمرو أديب بالاعتذار العلني.
يبقى أن نذكر المثل الدارج "إن وقع العجل كترت سكاكينه"، وهي حالة الشعوب العربية التي تهول وتهون في ردود أفعالها، فتتشفى في الهزيمة وتهبط الفاشلين لأسفل سافلين، وترفع الناجحين لأعلى سماء.

هوامش
رابط الخبر بجريدة Sunday World
http://www.sundayworld.co.za/Home/Article.aspx?id=1021106

فيديو لحلقة "القاهرة اليوم" عمرو أديب
http://www.filgoal.com/Arabic/News.asp?NewsID=56984