المتاهة القبطية

بولس رمزي

بقلم: بولس رمزي
الخلافات القبطية تُعد العامل الرئيسي لضياع حقوق الأقباط الأمر الذي أعطى الدولة الفرصة تلو الأخرى في التلاعب بالحق القبطي والمراوغة دون أن يتحقق للأقباط حتى ولو مطلباً صغيراً يمكن به للمنظمات القبطية أن تقول للأقباط لقد نجحنا في أن نحقق لكم شيئاً لكننا مازلنا صفر اليدين ولم يتحقق شيئاً حتى الآن ويرجع هذا لمجموعة من الأسباب أوجزها فيما يلي:
أولاً - وقوع بعض المنظمات القبطية ضحية لأساليب الحيل والخداع التي تمارسها الدولة.
ثانياً - إعتماد أقباط الداخل على المنظمات القبطية بالخارج.
ثالثاً – الإفتقار إلى الترابط الوثيق بين المنظمات القبطية وأقباط الداخل.


قبل أن أخوض في النقاط سالفة الذكر لا بد لي وأن أدق ناقوس الخطر فإنه ما لم ينشط الأقباط في الداخل والخارج معاً خلال هذا العام يجب علينا أن نترك العمل القبطي وأن نرفع للدولة راية الإستسلام ونرضى بما تجود الدولة علينا به ونحن راضخين، وهنا تساؤلاً يطرح نفسه بشدة... ولماذا هذا العام بالذات؟
وللإجابة على هذا التساؤل علينا أن ندرس الموقف بعنايه من خلال ما يلي:

1 – الحكومة المصرية خلال هذا العام تُقدم أوراق إعتمادها على الإدارة الأمريكية الجديدة، وقد أعطاها المجتمع الدولي الفرصة على طبق من ذهب في أن تستعيد بريق ريادة المنطقة من خلال مؤتمري شرم الشيخ الأول (كان من أجل دعم مصر أمام محور الممانعة وتم حشد قادة أوروبا في ست ساعات من دعوة الرئيس مبارك لهم) والثاني في مؤتمر إعادة الإعمار الذي حضره سبعون وزير خارجية وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي ووزيرة الخارجية الأمريكية، ومن خلال هذه الفرصة فإن الحكومة المصرية تقدم نفسها للمجتمع الدولي بأنها دولة الإعتدال الأولى في المنطقه وعلى المجتمع الدولي أن يعيد إلى مصر دور الريادة في المنطقه، خاصة وأن الحكومة المصرية تعلم جيداً أن هناك منافساً تركياً جاهزاً لسرقة الدور المصري، ولذلك النظام المصري حريصاً كل الحرص على أن لا تضيع منه هذه الريادة وهو جاهز في أن يقبل تحقيق بعض مطالب الأقباط في مقابل إرضاؤهم، لأنه كيف لدولة يُطلق عليها دولة اعتدال تمارس ضد شريحة كبرى من شرائح الشعب المصري تمييزاً عنصرياً بسبب ديانتهم؟، ولكي تقدم مصر نفسها كدولة معتدلة لا بد لها أولاً أن تكون معتدلة بالفعل مع شعبها وبالتالي فإن أي صوت موحد للأقباط سوف يضع النظام المصري في غاية الحرج أمام المجتمع الدولي.

2 - الزيارة المرتقبة للسيد رئيس الجمهورية للولايات المتحدة وحِرص النظام المصري على أن تمر زيارته بهدوء دون أن تثير المنظمات القبطية وتقوم بكشف النقاب عن كل الممارسات الطائفية التي تمارسها الدولة وتلك الممارسات التي يتعرض لها الأقباط من بعض المتعصبين من المسلمين وتمررها الدولة دون أدنى محاسبة وتكتفي بجلسات الخزي والعار المساماة بجلسات الصلح العرفية، وهذا الأمر يضيع سيادته في حرج كبير وسوف يزداد أعداد الموفودين إلى الولايات المتحدة الأمريكية من قبل الحكومة المصرية لمساومة المنظمات القبطية هناك، ولو ضغطت المنظمات القبطية سوف تحقق نجاحاً ملموساً في إحداث بعض التغييرات الجوهرية.

وفيما يلي نناقش الأسباب وراء فشل الأقباط في تحقيق شيئاً من مطالبهم:
أولا - وقوع بعض المنظمات القبطية ضحية لأساليب والخداع التي تمارسها الدولة..

في حقيقة الأمر، كثيراً ما تقوم الحكومة المصرية بعمليات إختراق للمنظمات القبطية لخلق الفتنة والعداء وقطع أي سبيل لإتحاد المنظمات القبطية وتكاملها نحو هدف واحد وتقوم باصطياد هذه المنظمة أو تلك وتغازل زعيمها بأنها سوف تجعل منه قائداً للأقباط وأن هذا المسئول أو ذاك يرسل الدعوة إلى زعيم الأقباط المنتظر وتفرد له المساحات على خارطة القنوات التليفزيونية، ويصدق الزعيم المنظر نفسه بأنه فعلاً أصبح زعيماً للأقباط ويتجاهل باقي المنظمات القبطية ولا ينسق معها، الأمر الذي معه يظهرا شرخاً عميقاً بين المنظمات القبطية منها من يؤيد ومنها من يعارض، وتترك المنظمات القبطية الحكومة والإخوان يعبثون بأرواح ومقدرات الأقباط داخل مصر ويحشدون طاقاتهم في سجال عقيم فيما بينهم.
وللأسف لقد جربنا هذا أكثر من مرة ولكننا لم نستفد من تجاربنا مع هذه الحكومة المخادعة، وهنا ألم يحن الوقت في أن نوحد صفوفنا وأن يكون هناك تنظيماً وتكاملاً قوياً فيما بين المنظمات القبطية، وأن نطوي خلافات الماضي، وأن نعود إلى سابق عهدنا في أن يكون هناك تنسيقاً على مستوى عال فيما بين جميع المنظمات القبطية في أوروبا وكندا والولايات المتحدة، إن أول وأهم خطوة لمجابهة هذه الحكومة أن تصطف المنظمات القبطية صفاً واحداً وإغلاق الطريق أمام عمليات الإختراق التي تمارسها الدولة معنا، إذا جابهت الحكومة المنظمات القبطية كجبهة موحدة قوية سوف ننجح في انتزاع بعضاً من حقوقنا الضائعة.

ثانياً – إعتماد أقباط الداخل على المنظمات القبطية في الخارج والكنيسة..
لا يوجد لأقباط الداخل أي تنظيم سياسي وهنا أنا اقول تنظيماً وليس حزباً وأن يكون هذا التنظيم موازياً للمنظمات القبطية في الخارج وأن يعتمد عليه أقباط الداخل بدلاً من إعتمادهم المطلق على الكنيسة والمنظمات القبطية بالخارج.
لا ننسى أن مجموعة صغيرة من الشباب على الفيس بوك نجحوا في أن يهزّوا أركان الدولة في 6 إبريل من العام الماضي، الأقباط تعدادهم أكثر من خمسة عشر مليوناً لكن للأسف بلا أي فاعلية لأن الدولة صورت لهم بأن أي مطالبة بحقوقهم سوف يقابله تحركاً من المتطرفين المسلمين، لماذا لا يكون هناك تنظيماً داخل مصر تكون قياداته من بعض القيادات القبطية في الداخل وبعض الأشقاء من المسلمين أصحاب الفكر الليبرالي المعنيين بالهّم القبطي أمثال طارق حجي ونبيل شرف الدين والقائمة مليئة بالإخوه المسلمين المتضامنين مع الحق القبطي، وهنا يخرج الحق القبطي من الإطار الديني الضيق إلى الإطار السياسي الأوسع.
أتمنى وبصورة ملحة على أقباط الداخل الإتصال بمؤيدهم من إخوتهم المسلمين والإعلان عن ولادة تنظيم قوي بالداخل للدفاع عن الحق القبطي، وهذا سوف يكون له الكثير من الإيجابيات الرائعة.

ثالثاً – لا بد من تواجد ترابط وثيق بين المنظمات القبطية بالخارج وأقباط الداخل..
سوف تكون المنظمات القبطية الفعالة هي السند القوي لأي تحرك يقوم به أقباط الداخل وبالتالي لا بد من وجود ترابطاً وثيقاً فيما بين أقباط الخارج وأقباط الداخل.

أخيراً
نحن لا نطالب الحكومه المصرية بأية مطالب تعجيزية كل ما نصبو إليه هو العدل والمساواة، ليست لنا أية مطالب غير دستورية نحن نطالب الحكومة بتفعيل المادة الأولى من الدستور المصري القائمة على مبدأ المواطنة، على سبيل المثال نتمنى نحن الأقباط عندما نشتري قطعة أرض لإقامة كنيسة عليها نُعامل مثل إخوتنا المسلمين عندما يغتصبون أراضي الدولة على ضفاف نهر النيل والترع وحول أشرطة السكك الحديدية التي يقيمون عليها مساجدهم دون أن يمنعهم أحد، نحن لا نريد أن نغتصب أراضي الدولة كغيرنا بل نرغب في أن تسمح لنا الحكومة على إقامة كنائسنا على أراضينا، لا نريد من الدولة أن تساهم في بناء كنائسنا من ميزانيتها الممولة بما يزيد عن ثلاثين في المائة منها من الضرائب التي يدفعها الأقباط وسوف نترك للدوله أن تبني ما تشاء من مساجد من أموالنا لكن على الدولة أن تتركنا وشأننا نبني كنائسنا بأموالنا الخاصة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع