مدحت عويضة
بقلم: مدحت عويضة
مرة أخرى وليست الأخيرة نتناول ظاهرة الصعود السياسي للإخوان المسلمين في مصر, وكلنا يعلم إنهم حصلوا على ما يقرب من عشرين بالمائة من مقاعد مجلس الشعب المصري. فكيف لهم الحصول على هذه النسبة التي لم يكونوا حتى يحلمون بها لدرجة إن مهدي عاكف المرشد العام لهم صرح قبل الانتخابات بأنهم يأملون في الحصول على خمسين مقعد!! التصريح الذي قوبل من المحليين والصحفيين بالاستهجان والسخرية في نفس الوقت, فإذا بهم يحصلون على ثمانية وثمانين مقعدًا!!
وبعد متابعتي للأحداث السياسية ومحاولة فهم وتحليل هذه الظاهرة, توصلت لنتيجة أن الصعود السياسي للإخوان ما هو إلا طُعم! وللأسف قد ابتلعناه جميعًا وكان الأقباط هم أول من أبتلع هذا الطعم وتبعهم الليبراليين واليساريين والطامة الكبرى أن الأوربيين والأمريكان قد ابتلعوا الطعم تمامًا.
ولكن السؤال هنا: لماذا وما هدف النظام من صعود جماعة معارضة كثيرًا ما تسبب صداع للصدام تصل لحد الصدامات أحيانًا؟ الإجابة بسيطة جدًا وهو التوريث وبقاء النظام في السلطة!! إذًا ليس حبًا في الإخوان وليس لزيادة رقعة الديمقراطية وليس لصالح هذا البلد ولكن من أجل فقط التوريث.
ومما ساعد في ابتلاع الطعم وجود شخصية كسعد الدين إبراهيم الرجل الذي كان يحظى بثقة الجميع أقباط وليبراليين ويساريين وغربيين والذي أستطاع أن يوصل رسالة للجميع مفادها أن الإخوان يسيطرون على رجل الشارع المصري سيطرة تامة، ويغض النظر عن صدق الرجل من عدمه وحُسن نيته أو سوء نيته فقد نجح في توصيل الرسالة وبنجاح للجميع حتى أن الإدارة الأمريكية تعاملت مع الإخوان على هذا الأساس.
وهناك أدلة عديدة على صدق كلامي منها عدم حصول الإخوان أنفسهم على مقعد واحد في انتخابات مجلس الشورى والتي تلت انتخابات مجلس الشعب, فكيف لهذه القوي السياسية الجبارة أن تختفي في أقل من عام؟ ثانيًا: استخدمت في المعركة الانتخابية كل أنواع البلطجة من قبل الإخوان المسلمين فكيف سمحت لهم أجهزة الأمن بالقيام بكل هذا العنف وهل الأمن المصري عاجز عن ردع الإخوان؟
ثالثًا: شهدت الانتخابات استخدام سلاح المال بطريقة غير مسبوقة وتم شراء أصوات الناخبين ووصل سعر الصوت الواحد لألف جنيه مصري فكيف تسمح الدولة للإخوان باستخدام كل هذه الأموال وخصوصًا أن معظم هذه الأموال قد أتت لهم من الخارج؟؟ وهل كانت الدولة غير قادرة علي تجفيف مصادر هذه الأموال؟ أم أن هذه الأموال تركت لتمر لتحقيق هدفًا ما؟؟
رابعًا: والأهم كيف سمحت أجهزة الأمن المصرية للإخوان بعقد لقاءات مع أجهزة حكومية غربية؟؟ وهو الفعل الذي تجرمه الحكومة المصرية مع من يتهم به, ولكن أغلب الظن أن النظام المصري مرر مثل هذه الاجتماعات لتوصيل رسالة للأمريكان والغرب حتى يتناولوا المزيد من الطعم وحتى يتم حبك اللعبة. والغريب أن أجهزة الإعلام الحكومية لم تستخدم إعلان الإدارة الأمريكية عن هذه الاجتماعات في الهجوم على الإخوان أو وصفهم بالخيانة أو تعريتهم أمام الرأي العام المصري في الوقت الذي تهاجم هذه الأجهزة ذاتها أقباط المهجر وتشوه صورتهم متهمة إياهم بعقد مثل هذه اللقاءات مع حكومات أجنبية الأمر الذي ينكره أقباط المهجر وبشدة ولم تفلح أجهزة الأمن المصرية بمد أجهزة الإعلام بواقعة واحدة حقيقة ومع ذلك يستمر هجوم أجهزة الإعلام علي أقباط المهجر بدون دليل ولمجرد افتراضات وافتراءات من نسج خيال الإعلام المصري، ويتركون تصريحات الإدارة الأمريكية عن عقد اجتماعات مع قيادات الإخوان تمر مر الكرام!! فكيف يمكن حدوث مثل هذا الأمر ما لم يكن هناك هدف للنظام المصري ومصلحة من عقد مثل هذه الاجتماعات؟؟
في النهاية نجح النظام في تحقيق هدفه وأبتلع الجميع الطعم بل ومازالوا يبتلعون المزيد منه كل يوم, فعلى الجانب القبطي مثلاً لا يمكن أن يجمعني لقاء برجل دين قبطي ويتطرق الحديث عن السياسة إلا وينتهي حديثه بأن لدينا خيارين لا ثالث لهما وهو إما الإخوان أو النظام, وأن النظام الحالي بكل عيوبه لهو أفضل لنا من الإخوان.
أما الليبراليين واليساريين والقوى السياسية الأخرى فلم يكن حالهم أفضل من الأقباط فتعاملوا مع الإخوان على إنهم قوىَ سياسية لها ثقلها ووزنها, وأصبحوا يعتقدون أن نجاح أي عمل سياسي معارض للنظام يعتمد علي مشاركة الإخوان وإلا سيكون مصيره الفشل وأنتهج الجميع هذا المنهج عدي أستاذنا رفعت السعيد وحزب التجمع الذي كان لرئيسه مبادئ وقيم حصنته من ابتلاع مثل هذا الطعم.
أما الحكومات الغربية فقد ابتلعت الطعم تمامًا وزاد في ابتلاعهم الطعم سيطرة حماس على قطاع غزة وباتت تتعامل مع الإخوان المسلمين على إنهم قوى سياسية مرشحة وبقوة لاعتلاء الحكم في أكبر دولة في الشرق الأوسط فبادرت الإدارة الأمريكية بعمل لقاءات لاستكشاف هذه القوي وكيفية التعامل معها لو حدث في الأمر.
وأستطاع النظام المصري أن يوصل رسالة للجميع مفادها (على الجميع قبول النظام بكل عيوبه ومساوئه لأنه في كل الأحوال أفضل لكم من الإخوان) وأغلب الظن أن الجميع سيظل مبتلعًا لهذا الطعم حتى يتم تنصيب السيد جمال مبارك رئيسا لجمهورية مصر العربية. وربنا يدينا ويديكم طولة العمر لنبتلع طعمًا آخر قبل تنصيب أحد أحفاد السيد الرئيس مبارك رئيسًا لمصر!!
Medhat-eweeda@hotmail.com
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=4542&I=123