جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
لقد صُدِمت عندما علمت من خبر منشور بجريدة اليوم السابع بأن المستشار نجيب جبرائيل سوف يقوم بدعوة بعض التيارات الإسلامية المُعتدلة في المؤتمر الذي ستعقده مُنظمته في نوفمبر المُقبل والذي سيكون بعنوان "المُصارحة من أجل المُصالحة"، وقد أشار الخبر المنشور بالجريدة إلى أن جبرائيل سيدعو في مؤتمره المُزمع انعقاده كافة القوى الوطنية بأشكالها المختلفة وأقباط من الخارج لاعتبارهم جزء من النسيج الوطني.
وفي الحقيقة لا أحد يقدر أن يُشكِك في وطنية المُستشار نجيب جبرائيل وتاريخه المُشرف في القضية القبطية والقضايا الوطنية المصرية الأخرى، التي ترمي في الأساس الوصول إلى حقوق المواطنة غير المنقوصة لكافة المصريين بلا استثناء، فهو يتحمل بصدر رحب الحملات والانتقادات والضغوط الشرسة التي يواجهها بسبب أراءه ومُبادراته الجريئة والشجاعة التي يطرحها في ندواته ومؤتمراته، ويعتبر الهجوم غير المُبرر عليه بمثابة ضريبة للعمل العام، ولكنني في هذه المرة أوجه عتاب للمستشار نجيب جبرائيل وأرجو ألا يضيق به ذرعًا.
وسبب عتابي الذي يصل إلى درجة اللوم لجبرائيل هو مبادرته بتوجيه الدعوة لبعض التيارات الإسلامية في المؤتمر الذي سيعقده في شهر نوفمبر المقبل!! ولست أعلم لماذا قرر المستشار جبرائيل دعوة إسلاميين لحضور مؤتمره حتى لو كانوا من المُعتدلين؟!! وما الذي يتوقعه المستشار جبرائيل من هؤلاء الإسلاميين فيما يتعلق بحقوق المواطنة للأقباط مثلاً؟ هل سيتوقع منهم أن يطالبوا بإلغاء المادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية من الدستور المصري، تلك المادة التي ألحقت كوارث حقيقية بالأقباط المسيحيين وألغت مواطنتهم في بلدهم وحقوقهم المشروعة في وطنهم كمواطنين أصليين، حتى ولو توقع المستشار جبرائيل أن التيارات الإسلامية التي سيدعوها للمؤتمر ستطالب بحقوق الأقباط فلا يجب أن يتوقع (من خلال التجارب السابقة والخبرة) أن تستيجب الحكومة لهذه المطالب، لأنها حكومة تعتمد في قراراتها على آلية الفتوى! فكثير من الشيوخ الأفاضل طالبوا مرارًا وتكرارًا بحق الأقباط في بناء الكنائس بل ومنهم من تجاوز هذا المطلب إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير بالمطالبة بتخصيص الدولة أراضي لبناء الكنائس ولكن الدولة لم تلتفت إليهم.
وأقول للمستشار جبرائيل ليس من المعقول بعد أن قطعت المنظمات القبطية التي في الخارج شوطًا طويلاً وبذلت جهودًا مُضنية للحد من عنفوان الدولة الدينية أن تضيع كل هذه المجهودات هباءًا في مؤتمر (مؤتمر واحد) وبكل بساطة لتدخل القضية القبطية من جديد في نفق مظلم وتعود إلى نقطة اللاعودة، فالوقت والظرف الحاليين يحتمان علينا جميعًا أن نتمسك بالدولة المدنية ونسعى بكافة الطرق المشروعة للوصول إلى حقوقنا بآليات كثيرة قانونية وحقوقية بل ودولية طالما أنها شرعية، فلا يجب أن نطالب بالدولة المدنية وفي نفس الوقت تناقض ممارساتنا أقوالنا باسترجاع صور الدولة الدينية التي نتمنى أن تذهب بلا رجعة ليتمتع الكل بالمواطنة الحقيقية في وطنه.
إنني أطالب المستشار نجيب جبرائيل أن يلغي من أجندة المؤتمر دعوة أية تيارات دينية، قبل أن يتأثر تاريخه المشرف، وقبل أن يتراجع الملف القبطي ثانية إلى نقطة الصفر.
http://www.copts-united.com/article.php?A=4612&I=125