ديانة التعصب؟!

د. ماريانا يوسف

بقلم: د. ماريانا يوسف
عندما قرأت حادثة مقتل مروة بألمانيا على يد المتعصب الألماني أيقنت بالفعل أن ليس للتعصب ديانة يمكن أن نجزم أنها تدفعه إليه إنما ذلك فهو نتيجة لضغائن في النفس تجاه المختلف أي تجاه الآخر.
وأتعجب شديد العجب من ذلك الإحساس بعدم قبول الآخر وأتساءل هل هناك مؤشرات وراء ذلك؟
وكيف يمكن الحكم على أناس لمجرد ارتدائهم أو عدم ارتدائهم لبعض الثياب أو لانتمائهم إلى معتقد أو فكرة أيًا كانت تتفق أو تختلف أو حتى تشذ عن الطبيعي

ليس ذلك فقط بل أيضًا التفكير في إيذاء الآخر أو رفضه ولو كان داخليًا –والذي اعتقد أنه يكون أخطر وأقسى من كونه ظاهريًا- فالخطر أو التعصب الظاهري يمكن التنبه إليه وكشف ملابساته وإيجاد حلول وعلاج له، أما الخطر الحقيقي فيكمن في التخفي وراء ستار القبول والمحبة بينما من الداخل تختبئ الضغائن والكراهية الشديدة، ذلك النوع من عدم قبول الآخر لا يمكن اعتباره مرضًا نفسيًا فحسب بل أيضًا قنبلة موقوتة يخشى من انفجارها بين الحين والآخر كما حدث في مقتل "مروة" الشابة المصرية المكافحة.

لا أقول ذلك دفاعًا عن الحجاب أو اختلافًا معه ولكن أقول من منطلق قبول الآخر أينما كان وأينما وجد وأيضًا لتصحيح مفهوم أن هناك بعض الديانات تخض على الكراهية، وهذا أيضًا ليس دفاع عن ديانة بعينها أو نقدًا لأخرى ولكن للفت النظر إلى أن التعصب ليس له ديانة أو ملة وإن أساسه ينبع من الذات نتيجة لبعض الخلفيات الاجتماعية وليس الدينية وليس من الدين بشيء على الإطلاق.
فالمتعصب يرى أن كل من أختلف معه هو ضده، وكل من لا يؤمن بما يؤمن به هو عدو له لأنه لا يعتقد سوى بصحة أفكاره بغض النظر عن التفكير في حرية وحقوق الآخر في الملبس أو المعتقد وخلافه.

وعليه فإن أراد العالم التخلص الجذري من التعصب أن يزرع احترام حرية الآخر بداخل كل فرد عن اقتناع وليس عن تغصب أو إرضاءً للقوانين أو الاتفاقيات الدولية الحقوقية.
وأود أن أسجل اعتراضي على مشيعي جنازة مروة والذين كانوا يهتفون بسقوط ألمانيا، فكما أن التعصب لا ينتمي إلى دين بعينه فهو أيضًا لا ينتمي لدولة بعينها.
وأخيرًا رحم الله مروة الشهيدة المسلمة التي راحت ضحية للتعصب، ورحم الله كذلك شهداء الأقباط الذين راحوا أيضًا نتيجة ذلك التعصب بل رحم الله أيضًا جميع من راحوا ضحية لذلك المصطلح "التعصب".   
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع