عبقرية المحكمة الجنائية

أنور عصمت السادات

بقلم / أنور عصمت السادات
أثارت مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير الكثير من ردود الفعل بين مؤيد و معارض و ذلك لأنها السابقة الأولي التي تلاحق فيها المحكمة الجنائية الدولية رئيسا لازال في السلطة. و ظل البعض يتساءل عن مشروعية المساءلة الجنائية للرئيس السوداني و عن كون قرارات المحكمة الدولية ملزمة أم لا، و تعالت الأصوات التي تنادي باحترام سيادة الدول فدولة (سيادة القانون) هي وحدها التي تملك وضع حد للجرائم التي يقوم بها قادة سياسيين وبينهم أشخاص لهم صفات رسمية من ضباط الجيش وأجهزة المخابرات وزعماء .

و لأن الشعب السوداني مثل بقية الشعوب العربية و الإفريقية لا يملك الكثير من الأدوات لمحاسبة الطغاة و المستبدين من حكامه فهذا قد أعطي المجال لأن تتحول هذه القضية إلي قضية معقدة و حساسة، فبعد ان أصدرت المحكمة الجنائية مذكرة عبقرية باعتقال الرئيس السوداني و ملاحقته خارج السودان ..... أصبح الرئيس السوداني محاصراً داخل دولته التي يتهافت الجميع من اجل الحصول علي ثرواتها.....و وقفت الدول العربية تهتف و تهلل بالتنديد و الاستنكار..... و ازدادت الأمور في السودان سوءاً .....و أغفلنا في ظل هذه الفوضى ضحايا الشعب السوداني. 
لست ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية،و لا شك في انه يجب احترام سيادة الدول وشرعية رموزها و زعماءها و لكن ماذا يحدث إذا كان البعض قد قام بانتهاك الدستور و ارتكب جرائم ضد الإنسانية؟؟؟  في هذه الحالة لابد من عقاب الجاني و ذلك من خلال  إجراء محاكمات عادلة دون عدالة انتقائية و تحيز و ازدواج للمعايير.

و بوجود تجاوزات تظهر الضرورة للمحاسبة.... فالمسألة ليس لها علاقة بالسيادة بل بضحايا و مذابح و شعوب من حقها أن تحيا..... و ان كان في الأمر ظلماً  فمن حق الرئيس السوداني ان يدافع عن نفسه و ان يرفض هذه الاتهامات.
وفي كل الاحوال لا يكفي أن نقف مكتوفي الأيدي و نحشد المظاهرات و نسخر من القرارات الدولية........ بل يجب ان نجتهد في تقديم أدلة البراءة و نواجه الواقع الجديد بأدلة تثبت عدم تورط البشير ..... و لنبحث عن حلول تخرجنا من حالة الفوضى التي نعيشها في الوطن العربي.  فالأمر ألان أصبح يتعلق بالمزيد من الجهود العربية و لازال أمامنا الوقت لحل القضية بشكل جذري من اجل الحفاظ علي وحدة السودان و ضمان سلامة الشعب العربي.

أنور عصمت السادات                    
وكيل مؤسسي حزب الإصلاح والتنمية         

asadat@link.net                    
www.rdpegypt.org          

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع