مالكو "الفيشاوي" ينفون تعرضه لخطر الإزالة

العربية.نت القاهرة- عنتر السيد

عم حسن.. أقدم عامل في أشهر مقهى في مصر والعالم العربي
 
على رغم أن منطقة "خان الخليلي" في القاهرة الفاطمية أصبحت مليئة بعدد لا حصر له من المقاهي، ذات المستويات المختلفة، وبعضها يطل على مسجد الإمام الحسين، وبعض آخر يطل على شوارع رئيسة، إلا أن أحدا منها لم يستطع أن ينافس "الفيشاوي" في شهرته، حتى أنك تجد بعض المقاهي الأخرى خاوية على عروشها، وعمالها يدعون الزبائن للجلوس بكل الأساليب والحيل، بينما قد لا تجد كرسيا خاليا في «الفيشاوي»، وقد تضطر للانتظار لبعض الوقت حتى تخلو أي مائدة.

جانب من مقهى الفيشاوي (خاص بالعربية.نت)ويعد العم حسن إبراهيم حاليا أقدم عامل في أقدم مقهى في مصر والعالم العربي، ما زال يقدم -منذ نشأته دون انقطاع- حيث بدأ مقهى «الفيشاوي»، ببوفيه صغير أنشأه الحاج فهمي علي الفيشاوي عام 1797 في قلب خان الخليلي؛ ليجلس فيه زوار المنطقة من المصريين والسياح.

وعن ذكرياته في المقهى، يقول العم حسن إنه بدأ العمل فيه منذ عام 1950، وكانت تأتي المجموعات هنا يوميا، وأذكر من المشاهير في الإعلام علي أمين ومصطفى أمين؛ اللذين أسسا أخبار اليوم، والرسام محمد عبد المنعم رخا، ووكيل مجلس الأمة كمال الدين الحناوي، وعلماء ومشايخ الأزهر، والروائي الكبير الراحل نجيب محفوظ؛ الذي جلس على المقهى 40 عاما؛ لأنه من مواليد حي الجمالية الملاصق للمقهى، وكذلك الأديب إحسان عبد القدوس.

ويردف "وكان من بين مرتادي المقهى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب؛ الذي كان يأتي مع أولاده وزوجته الأولى إقبال نصار، والفنان محمد عبد المطلب، أما الشخصيات العالمية فأذكر سيسيل ديميل؛ الذي يعد من أكبر منتجي السينما في العالم، حيث جلس في المقهى 17 يوما، وكان يصور وقتها فيلم "وادي الملوك" في عام 1960، وفي عام 1990 حضر المخرج العالمي إليا كازان.

ويقول حسن إبراهيم، عن التغيرات التي طرأت على المقهى، إنه كان أكثر مساحة عما هو عليه الآن 5 مرات، وقد تم اقتطاع أجزاء كبيرة عندما جاءت الحكومة لعمل تعديل على المشهد الحسيني؛ فأخذت جزأ كبيرا من المقهى، وكان ذلك تقريبا في عام 1967، وتركوا هذا الجزء الصغير الذي لا يحتمل أية إزالات أخرى في التوسعات الجديدة، بشأن تلك المنطقة؛ لأنه في حال تعرضه لأي تعديل ستضيع ملامح المقهى تماما، ولن يبقى فيها ما يسمى بالفيشاوي.

أما عن أقدم الأشياء التي يضمها المقهى أيضا؛ فقال: راديو ترانزستور عاطل عن العمل، وهو أول جهاز اخترعه ماركوني، وهو الآن عبارة عن قطعة ديكور، وكذلك التمساح المحنط.

وعن أطرف المواقف التي شاهدها يجيب "ذات مرة كان فريد الأطرش جالسا مع بعض أصدقائه، وجاء أحد المتسولين يطلب قرشا منه، فقال فريد الأطرش له ليس معي قروش، وعندما علم أن اسمه الأطرش كان يظن أن ذلك يعود لكونه أصما، فسأل المتسول الآخرين، وقال "هل هو (أطرش)؛ لأنه سمع طلبي لي منه قرشا".

من جانب آخر، نفى أحد أصحاب المقهى الحاج أكرم الفيشاوي ما تردد من أنباء عن خطر تعرض المقهى للإزالة، عقب تصريحات أطلقاها محافظ القاهرة بتطوير أحياء القاهرة؛ لتأكيد الوجهة الحضارية لها، وأن تلك التوسعات وتطوير الشوارع الضيقة قد تأخذ مقهى الفيشاوي في طريقها.

وكان د. عبد العظيم وزير محافظ القاهرة قال -في تصريحاته- إن هناك جهدا كبيرا ومتابعة جيدة لمشروع تطوير القاهرة بكل أحيائها؛ الذي يهدف إلى تأكيد الوجهة الحضارية والثقافية لقاهرة المعز، مشيدا بمدى التنسيق الكامل بين كافة القطاعات من أجل تحقيق هذا الهدف.

وحول ما إذا كانت المباني العتيقة مهددة بالإزالة وتجديدها بمبان حديثة، وأن المقهى في طريقه للزوال، كما تردد، قال الحاج أكرم إن المقهى غير مهدد بالإزالة، ويعد أثرا خالدا بعد كل هذا العمر؛ لأنه أقدم مقهى في العالم.

ولدى سؤال "العربية.نت" له عن عدد ورثة المقهى أجاب بأنه عدد كبير، ولكن يتم انتخاب أو اختيار اثنين أو ثلاثة أبناء لإدارة شؤون المقهى؛ لأنه ليس من المعقول أن يدير كل الورثة هذا المكان، وبالنسبة لنا نسعى للحفاظ على تاريخ المكان أكثر من كونه مشروعا تجاريا، ونحن لا نستطيع أن نجدد أو نطور في المقهى إلا في أبسط الحدود، حتى نحافظ على شكله العام الذي اشتهر به، وحتى لا يأخذ شكل أي مقهى حديث في مصر أو في منطقة الحسين".