أورشليم الـمُنتـَظرة

نشأت عدلي

بقلم : نشأت عدلى
غَضِبَ الرب على الكتبة والفريسيين وأخرج من فمه الطاهر ويلات كثيرةعليهم ( متى – 23 ) وذلك بعد أن كلمهم  كثيرا عن المحبة والإيمان والعدل مع شعب الله الذى أخرجة من مصر بذراع قوية ، ولكنهم لم يصغوا إليه ،  وصار كمازح فى اعين أصهارة ، لأنه كان يريد أن يجمعهم كفرد واحد تحت مظلتة ، مظلة الحب والإيمان الصادق الذى لا يحتمل الرياء ، كان يريد أن يكون كل أبنائه جسد واحد فى الإيمان والسلوك والمحبة ، الكهنة والشيوخ والفريسيين والشعب ، ولكنهم رفضوا ، حفاظا على صورة مكانتهم ومناصبهم ، لئلا الرومان يأتوا ويأخذوها منهم ويصبحوا بلا وظيفة وبلا منصب يستمدون منه قوتهم وتحكّمهم فى الشعب الذى يطيع فى سكوت دون أية تفكير ،  لثقتة وتأكده من  أمناتهم عليه وعلى وصية الله التى  يعرفونها أكثر منه ، لذا كان فى طاعتهم ، دون أية مناقشة أو تفكير ، واستغل الكهنة والكتبة هذه الطاعة وهذا الخضوع والخنوع أقصى إستغلال بدءأ من المتاجرة فى هيكل الرب ، إلى كل وسيلة تحافظ على زيادة مورد أرباحهم دون نقصان ، ولم يعنيهم فى الشعب ومشاكله إلا عشوره وبكوره ، وبعد هذا مُباح له أن يفعل مايشاء ، لقد نسىَّ الكهنة والكتبة والفريسيين قوانين الله وشرائعة أمام إغراءات عديدة ، ونسوا قوة الله التى أخرجتهم من مصر ، وكيف خرجوا !! بل كيف عالهم فى البرية أربعين سنه يقتاتون من خير الرب وبركاته كجسد واحد ،  إلى أن أوصلهم إلى أرض الميعاد بعد نُصرتهم على كل من حاول أن يعتدى عليهم سواء إنسان كان أم حيوان  ،  بل كانت عنايتة فائقة إلى الدرجة التى تجعل الإنسان يرتمى فى حضن الله حبا ووفاءً ، فهاهو يقول على لسان زكريا - 2 - من يمسكم يمس حدقة عينى !!!! لمن هذا يارب !!؟؟ لنا نحن !! نعم لكم أنتم  ولكن إن حافظتم على عهدى وإتبعتوا وصيتى وكنتم واحدا فىَّ .

عناية الله بشعبة ورعايته لهم لم تُعلّم الكهنة أنه بقوة الرب وقدرته يفعل كل شيئ ، وبقدر ما نقترب منه بهذا القدر عينه بل أكثر يقترب هو منا ويحوطنا بذراع قوية لا يستطيع أن يغلبها أعتى عتاة المسكونة ، ليست إذن بقوة الكتبة والفريسين الأولياء عليه ، أو حتى بصلاتهم  ، بل بقوتة هو فقط  ،  وبإرادتة هو فقط ،  لئلا ننخدع فى مظاهر للتقوى ليست بموجوده لديهم ، فهاهو الرب يحذرنا منهم فى ذات الأصحاح متى 23 قائلا على كرسى موسى جلس الكتبة والفريسيون ، فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه ..لكن حسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون .... و كل اعمالهم يعملونها لكي تنظرهم الناس فيعرضون عصائبهم و يعظمون اهداب ثيابهم* 6  و يحبون المتكا الاول في الولائم و المجالس الاولى في المجامع* 7  و التحيات في الاسواق و ان يدعوهم الناس سيدي سيدي* 8  و اما انتم فلا تدعوا سيدي لان معلمكم واحد المسيح و انتم جميعا اخوة* 9  و لا تدعوا لكم ابا على الارض لان اباكم واحد الذي في السماوات* 10  و لا تدعوا معلمين لان معلمكم واحد المسيح* 11  و اكبركم يكون خادما لكم* 12  فمن يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع* 13 .

لم ينتبهوا إلى هذه التحذيرات والويلات بل لا يهمهم من الرعاية إلا نجوميتها ، وتحيات الناس لهم ، والقول ياسيدى ، هذه هى الرعاية بالنسبة لهؤلاء الكتبة والفريسين ، ولعدم طاعتهم لوصايا السيد المسيح وكبريائهم الشخصى بأنهم هم حُماة التوراة ، صبَّ السيد المسيح عليهم ويلاته ( 8 ويلات ) ، لأنهم لم يدركوا مقدار البركة التى يأخذونها  ويعيشون فيها ، ولم يشعروا ببركة الرب تحل عليهم لعدم صدقهم ، ولأخذهم الوظيفة الدينية ستار لتحقيق أهداف أخرى ، الله لايوجد فيها ، أجندتهم ليس موضوعها الله والخدمة الحقيقية لشعبه  ، الله فى ظاهر الأجندة ولكنه ليس بداخلها وبالتالى ليس فى داخلهم ، لم يكن الحب الإلهى هو الدافع لجمع الشعب ورعايته ولكنه المنصب والوجاهه  ، لم يدركوا أنها ليست كوظيفة أو مهنة أو ميراث ، بل حب وعشق إلهى من القلب وخدمة لشعبه ،  وكانت سياطهم فقط على فقراء هذا الشعب ، أهملوا حقّ الله فى التعليم السليم للشعب فأهمل الله حقهم ، وجازى الشعب على توانيه وصمته ، لم يهتم الكتبة والفريسين أن يجعلوا الشعب إخوة متحابه ، بل كانوا متربصين كل ٌ للأخر ، ومتصيدين لأخطاء الغير مُغضين النظر عن أخطائهم بل هم مُغفليها بل ناسين أن لديهم أخطاء لأنهم بلا خطية ، أو معتقدين أن الله سيغفر لهم خطاياهم بالإكراه مكافائة لهم على تعبهم فى خدمتة ، وصدقوا أنفسهم فى أدوارهم التى لعبوها بمهارة ، لم يرجعوا إلى ماضيهم ويتعظوا من قوة الله التى سارت معهم رحلة حياتهم  ، بل كانت على لسان الذين يعرفونهم ، فقد نصحَ أحيور اليفانا رئيس جيوش نبوكد نصر قائلا له عن هذا الشعب ..

(يهوديت – 5 )  و حيثما دخلوا بلا قوس و لا سهم و لا ترس و لا سيف قاتل الههم عنهم و ظفر 1لم يكن من يستهين بهؤلاء الشعب الا اذا تركوا عبادة الرب الههم* 18  فكانوا كلما عبدوا غير الههم اسلموا للغنيمة و السيف و العار* 19  و كلما تابوا عن تركهم عبادة الههم اتاهم اله السماء قوة للمدافعة* 20  فكسروا امامهم ملوك .. هذه شهادة لشعب الله الواحد ولكن الفريسين والكتبة لم يفهموا أو أن يتعظوا هم وشعبهم ومدينتهم .. ولما لم يجد منهم فائدة صبَّ عليهم لعنتة الأخيرة – يا اورشليم... يا قاتلة الأنبياء ...كم مرة أردت أن أجمع أولادك ....... ولـــــم تــــــريـــدوا .. هوذا بيتكم يترك لكم خرابا -  وهى للأن تعانى من هذا الخراب  ونحن أيضا سوف نعانى منه إن لم نستجيب إلى نداء الرب .

إن ندائه بسيط ولا يحتاج إلى مجهود ، الله بذاته يريد أن يجمع أولاده تحت جناحه ليبسط عليهم رعايته ويشملهم بسلامه ويحميهم من العالم الذى تأذينا منه كثيرا ولازلنا ، فلا زالت أورشليم منتظرة شعب الله ليتوب وتتوب معه وبه ، الشعب جميعا , ولا زال الله منتظر أن نأتى إليه جميعا جاثين الركب ليتغاضى عن أزمنة الجهل . 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع