مجدي ملاك
بقلم: مجدي ملاك
من يقرأ ملفات التنظيم الدولي التي تنشرها جريدة المصري اليوم يتأكد بما لا يدع مجال لأي شك أن جماعة الإخوان المسلمين هي جماعة مثل الأخطبوط تتمتد فروعها الشريرة في كل مكان داخل وخارج مصر من أجل التآمر على تلك البلاد، فتنظيم الإخوان يشمل دول عربية كثيرة منها قطر والسعودية والكويت ودول أجنبية منها بريطانيا والسويد والنمسا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي كان يترأس التنيظم فيها التونسي سهيل الغنوشي، ومن المعروف أنه قريب الصلة براشد الغنوشي التونسي المنفي خارج البلاد وصاحب التوجهات الإسلامية أو ما يمكن أن نطلق عليه فرع الإخوان المسلمين داخل تونس، وكل تلك الفروع تشير أن تنظيم الإخوان المسلمين ليس تنظيمًا عاديًا بل على العكس من ذلك، فحركة التنظيم تسير وفق منهج موضوع ويمتد ليشمل كل أنحاء العالم وهو ما يشير إلى عالمية الرسالة التي يرغب الإخوان في تنفيذها على الأمد البعيد، وتلك الرسالة لا يمكن أن تكون رسالة تهدف فقط إلى تنظيم كوادر من أجل ما يسمى بالعمل السياسي أو العمل القيادي.
تفاصيل ما يحدث يؤكد أن تنظيم الإخوان يهدف إلى تحقيق قدر عالي من الإمكانيات على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والتنظيمية والجماهيرية التي تسمح له في توقيت معين بالقدرة على التحرك والتأثير في مجريات الأمور حسبما ترى القيادات الإخوانية في ذلك الوقت، ولا شك أن علاقة الإخوان المسلمين والتنظيم الدولي بحزب الله غاية في الوضوح خاصة عندما قام الشيخ حسن نصر الله بتحريض الشعب المصري لإنقلاب على القيادة السياسية وهو أمر نرفضه بكل قوة على الرغم من اختلافنا مع النظام الحالي إلا أننا لا نعتقد أن نظام الإنقلابات العسكرية هو الحل لأي من المشاكل التي تمر بها الدولة المصرية، كما نؤمن أن الحلول السلمية التي يتم فيها التغيير بطريق ديمقراطي هي أفضل الطرق للتغيير الحقيقي الذي ينبع من إرادة الشعب لا من إرادة الإنقلابات التي تحدث فوضى داخل المجتمع، ومن ثم فعلاقة الإخوان بحزب الله علاقة وثيقة وواضحة وضوح الشمس خاصة بعد القبض على القيادي الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح وثبوت وجود تحويلات مالية بملايين الجنيهات من حزب الله اللبناني.
المشكلة الحقيقية في قضية التنظيم الدولي أن معظم الترتيبات التنظيمية تخرج من داخل مصر نفسها إلى كافة الدول الأخرى وهو ما يعني قدرة الإخوان العالية في التنظيم والتنسيق بين كافة الجبهات في الداخل والخارج، وهو أمر يجب أن نلوم فيه النظام المصري نفسه لأنه أعطى الفرصة لتلك الجماعة لتتحرك بحرية داخل وخارج مصر حتى وصلت إلى تلك المرحلة العالية من القدرة على التأثير في مجريات الأمور، والقول أن النظام تحرك في هذا التوقيت نظرًا لقرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية فهو أمر يُحسب ضد النظام ولا يُحسب له، لأن التحرك من أجل غرض شخصي يمس النظام يعني أن النظام في حد ذاته لا يبالي بالمجتمع المصري وكافة فئاته، ويهتم أكثر بمصالحة الخاصة باستقرار الأوضاع فيما يتعلق بالحكم والسلطة فقط.
أيضًا قضية التنظيم الدولي للإخوان أظهرت العديد من النقاط التي يجب أن نلتفت إليها، في مقدمة تلك الأمور أن الدول الغربية ما زالت تخدع بما يسمى الأعمال الخيرية، فما قرأته عن فروع الإخوان المسلمين في الخارج كله يندرج تحت الأعمال الخيرية الإسلامية وهو ما يعني أنه يتم استغلال الدول الغربية واهتمامها بقضايا إجتماعية وإنسانية لصالح عمل سياسي وعسكري، وهو ما يتطلب أن تزيد الدول الغربية من حرصها في التعامل وإنشاء أي من المؤسسات الخيرية التي يطلق عليها مؤسسات إسلامية، وهناك بعض الإقتراحات التي ترى أن إلغاء تأسيس أي مؤسسة خيرية على أساس ديني هو الحل الوحيد للقضاء على تلك الظاهرة، أو أن يتم السماح لتلك التنظيمات بالعمل تحت رقابة شديدة لمصادر تمويلها وأعمالها داخل وخارج البلاد، لأن استمرار النهج الذي تتعامل به الدول الغربية مع تلك المؤسسات الخيرية الإسلامية يعني أن تلك البلاد ستتحول في يوم من الأيام إلى بؤر إرهابية، وسيكون لتنظيم القاعدة اليد العليا في السيطرة على التنظيم الدولي للإخوان لأن مصادرهم الفكرية واحدة، وبالتالي سيكون وجود الإخوان في الخارج أخطر من وجودهم في الداخل.
النقطة الثانية والأخيرة في مجمل تلك الملاحظات أن قضية التنظيم الدولي للإخوان يجب أن تفتح مرة أخرى الباب للحديث عن الديمقراطية داخل مصر، لأن مع القدرة التنيظيمة العالية للإخوان داخل وخارج مصر يجعل من غياب الديمقراطية وغياب آلية واضحة لانتقال السلطة فرصة كبيرة لصالح الإخوان من أجل إحداث انقلاب حقيقي داخل الوطن لما لديهم من قدرة عالية في النقايات والجامعات وغيرها من المؤسسات الأخرى التي ستلقى دعم كبير حينما تحدث من الخارج سواء كان الخارج إيران أو حزب الله أو غيرها من المؤسسات التي تدعم جماعة الإخوان المسلمين بشكل أو بآخر، ومن ثم استمرار الوضع على ما هو عليه في ظل غياب الديمقراطية يعطي فرصة أكبر لإمكانية تحقيق فوضى حقيقية داخل المجتمع ربما تنتج في النهاية نظام إسلامي على غرار ما حدث في الصومال أو ما حدث في فلسطين من سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وهو أمر في حالة حدوثه في دولة مثل مصر مع زيادة مناخ التزتر الطائفي الذي نشهده كل يوم سيكون أمر كارثي بكل المقاييس وسيدفع الثمن الشعب المصري بكل طوائفه.
إن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين هو نوع من التآمر على مصر من أجل فكرة الأمة الواحدة، تلك الأمة التي أراد حسن البنا لها أن تكون بديلاً عن الدولة الوطنية وكما يؤمن بها من يتبعوا حسن البنا في أفكاره، لذا فالواجب على جميع المصريين وعلى الدولة المصرية نفسها أن تجد طريقة سياسية لانتقال السلطة حتى لا تتعرض البلاد لمصير يمكن أن يضيع تاريخها وجغرافيتها وليصبح من يتآمر على مصر يحكمها.
http://www.copts-united.com/article.php?A=5445&I=148