سحر غريب
بقلم: سحر غريب
صديقتي الصيدلانية دائمًا تتشبث بي كلما مررت على صيدليتها لتحكي وتفضفض معي عما يحدث لها خلال يوم عملها، وتتندر عن الفصال الذي لم يترك مجالاً في حياة المصريين إلا قام باقتحامه، وكم من مرة يدخل علينا فيها زبائنًا ليفاصلوا عند الدفع حتى لو كانت السلعة المُباعة كيسًا من المناديل، وحكت لي عن رجلاً كان زبونًا عندها أتاها يومًا حاملاً كيسًا من الأدوية كان قد أشتراها من أحد الصيدليات المجاورة ولكنه يقل بمقدار عشرة في المائة عن سعر الدواء الذي كان يشتريه من عندها، وألقى الكيس على المكتب الذي أمامها بإنفعال وقال: مش دي نفس الأدوية اللي بتبيعيها! ليّ سعرها أقل من الأدوية اللي عندك يا ست هانم.
وقد حاولت تهدئته وإفهامه أن الدواء له سعر ثابت وأن الأدوية ذات الأسعار المُخفضة هي أدوية مغشوشة المادة الفعالة فيها غير كافية، أو مسروقة وهي لا تتعامل مع تلك النوعية من الأدوية، وقالت له أن الشركة التي تتعامل معها لشراء الدواء هي شركة موثوق بها وعليها رقابة دائمة، وأن هامش الربح ثابت لكل الصيدليات التي تتعامل مع مخازن الأدوية المُصرح بها، ولكن هيهات فبضع الجنيهات التي وفرها الرجل جعلت عيناه لا ترى وجعلت مخه لا يفكر، والدواء هو السلعة الوحيدة التي ينطبق عليها الغالي سعره فيه فصحتنا هنا هي من نتهاون فيها ونفاصل عليها، يا فرحتى بكام جنيه هاتوفرهم وفي الآخر الإزازة متعبية دقيق وللا جايز الدقيق له قيمة علاجية لسة ما اكتشفنهاش.
ثم حكت لي صديقتي بإستفاضة عن طرق الغش في تجارة الدواء، فهناك من معدومي الضمير في مصانع تحت بير السلم من ينزع تاريخ الصلاحية المنتهية ويكتب مكانها تاريخًا جديدًا يُدخل الدواء سوق المنافسة من جديد ولكنها منافسة غير مشروعة قد تقتل المرضى، وهناك من يستخدم زجاجات الأدوية الفارغة التي يتم تجميعها من القمامة ويعيد تعبئتها بمواد لا تمت للدواء بصلة من عصائر أو سكر بودرة أو ترمس مطحون أو بيكنج بودر، ولذلك طلبت مني صديقتي أن أكسر أي زجاجة دواء أو حتى أشوه معالمها حتى لا يستطيع المقلدون إعادة تدويرها لأذية الخلق وقتلهم، حتى لا يموت بالدواء من لم يمت بالداء.
http://www.copts-united.com/article.php?A=5551&I=151