مصر دولة دينية أو عسكرية بعد ترشيح الإخوان الشاطر رئيساً

جاء إعلان جماعة الإخوان المسلمين في مصر وحزبها الحرية والعدالة عن ترشيح المهندس خيرت الشاطر رئيساً للجمهورية بمثابة قنبلة تم تفجيرها في المرحلة الإنتقالية التي تمر بها مصر بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، وجاء الترشيح مؤكداً دأب الإخوان على نقض عهودهم والتعامل وفق المعطيات السياسية، وليس وفقاً للمعطيات الإسلامية حسب ما يدعون. 
 
ترشيح الاخوان الشاطر لرئاسة الجمهورية يثير مخاوف أقليات مصر 
فقد فسّر خبراء وسياسيون قرار ترشيح خيرت الشاطر بأنه يأتي في إطار سعي الإخوان إلى السيطرة على الدولة المصرية، وليس نظام الحكم فقط، معتبرين أن القرار قد يصبّ في مصلحة مرشح ذي خلفية عسكرية أو من المنتمين إلى النظام السابق، لاسيما أن ترشيح الشاطر سوف يعمل على تفتيت أصوات الإسلاميين بين ثلاثة مرشحين أقوياء هم: الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، والشيخ حازم أبو إسماعيل، والمهندس خيرت الشاطر. 
 
محاولة للسيطرة على الدولة 
ووفقاً للدكتور محمد عبد السلام، الخبير السياسي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، فإن ترشيح الشاطر يعتبر إنقلابًا للإخوان المسلمين على كل تعهداتهم السابقة بعدم الدفع بمرشح للإنتخابات الرئاسية أو دعم مرشح ضد آخرين. 
وقال عبد السلام لـإيلاف إن القرار يؤكد أن الإخوان يسعون إلى السيطرة على كل السلطات في الدولة، بدءًا من البرلمان ثم محاولات إقالة حكومة الدكتور كمال الجنزوري، وتشكيل حكومة جديدة، ثم محاولات السيطرة على السلطة القضائية، وأخيراً الدفع بمرشح للإنتخابات الرئاسية، مشيراً إلى أن هذا يؤشر إلى أن هناك إتجاهًا عامًا داخل الإخوان للسيطرة على كل المواقع في مصر، والهيمنة على الدولة، وليس نظام الحكم فقط. 
 
توتر 
ورأى عبد السلام أن هذا القرار لا يمكن فصله عن الصراع الدائر بين الإخوان والمجلس العسكري، مشيراً إلى أن هناك تنازعًا عنيفًا حول السلطة في مصر في مرحلة ما بعد الدستور، لافتاً إلى أن تلك الخطوة تجعل الجو السياسي مشحونًا، وتزيد من التوتر القائم بين كل القوى السياسية، مما هو ليس في مصلحة البلاد مطلقاً. 
وحسب وجهة نظر عبد السلام، فإن ترشيح الشاطر ليس في مصلحة جميع المرشحين ذوي الخلفية الإسلامية، لافتاً إلى أنه يقلل من فرص الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الذي ينتمي بالأساس إلى جماعة الإخوان المسلمين أيضاً، فقد شغل منصب نائب المرشد، وتم فصله بعد إعلان نيته الترشح، لأن الجماعة كانت ترفض تقديم مرشح من أعضائها، ولكنها نقضت العهد ورشحت الشاطر. 
 
وأضاف أن الشاطر أيضاً يقلل من فرص الشيخ حازم أبو إسماعيل، المرشح السلفي، الصاعد بقوة. منبهاً إلى أن ذلك يصبّ في مصلحة العسكري أو من المنتمين إلى النظام السابق مثل عمرو موسى أو أحمد شفيق. 
 
لمصلحة المرشح العسكري 
لا تختلف قراءة التيار الليبرالي لقرار الإخوان، من حيث أنه يؤشر إلى محاولات الإخوان السيطرة على الدولة ونظام الحكم. وقال الدكتور أمين إسكندر رئيس حزب الكرامة لـإيلاف إن من يقرأ تاريخ الإخوان جيداً يتأكد أنهم جماعة سياسية، وليست دينية، مشيراً إلى أنهم دائماً من ينقضون العهود ويتعاملون وفقاً للمعطيات السياسية وليست الإسلامية. 
 
وأضاف أن الإخوان يسعون إلى السيطرة على السلطة في البلاد من كل جوانبها، في محاولة لإنتاج الحزب الوطني المنحل في صورة إسلامية، وتابع قائلاً إن الإخوان بعد الثورة أعلنوا أنهم لا يسعون إلى الحصول على الغالبية البرلمانية، لكنهم حصلوا عليها بـ 75% مع السلفيين، وأعلنوا أنهم لا يريدون تشكيل الحكومة، لكنهم يطالبون بها ويمارسون ضغوطاً قوية على المجلس العسكري لإقالة حكومة الجنزوري، وإصدار قرار بإسناد تشكيل الحكومة الجديدة إليهم. كما أنهم أعلنوا أنهم لا يسعون إلى السيطرة على اللجنة التأسيسية للدستور، ولكنهم حصلوا على الغالبية فيها بأكثر من 77% من الأعضاء خارج وداخل البرلمان. ولفت إلى أن ذلك يؤكد على أن الإخوان توحشوا، وأن ما يحدث هو إعادة إنتاج لسلوكيات وسياسات النظام القديم. 
وأشار إسكندر إلى أن ما يحدث يمكن تفسيره في إطار الصراع من العسكر على السلطة والهيمنة، لكنه نبه إلى أن قرار ترشيح الشاطر يخدم المرشح العسكري، لاسيما عمر سليمان، الذي يراقب الموقف جيداً من بعيد، منوهاً بأن ترشيح الشاطر يضرّ بجميع المرشحين الإسلاميين. 
 
قلق قبطي 
أما الأقباط فيرون أنهم ضحية الصراع الدائر حول السلطة في مصر حالياً، لاسيما أنهم لا يبغون سوى العيش في ظل دولة مدنية، ولكن ترشيح إسلامي للرئاسة أو عسكري لا يخدمهم. 
وقال المفكر القبطي الدكتور كمال زاخر لـإيلاف إن الأقباط هم ضحية كل الصراعات، وهم كبش الفداء الذي يقدم على كل المذابح الآن، وأضاف أن ترشيح الشاطر يضع الأقباط أمام خيارين كلاهما مر، الأول دولة دينية أو دولة عسكرية، مشيراً إلى أنه لا خيار أمامهم سوى الإندماج والتفاعل مع المجتمع والإنصهار في القوى المدنية، سواء الليبرالية أو اليسارية، والعمل على إقامة دولة مدنية تحقق للجميع المساواة وتقوم على مبدأ المواطنة. 
 
واتهم زاخر الإخوان بعدم الإستفادة من دروس الماضي، وقال إن الإخوان يكررون السيناريو نفسه الذي قدموه في العام 1954 وساهم في وضع مصر تحت حكم العسكر طوال نحو 60 عاماً، مشيراً إلى أنهم يشتركون مع العسكر في هذه النقطة، إضافة إلى الإشتراك في الصلف والدخول في مناطق سياسية خطرة، تضر بالوطن. 
ولفت زاخر إلى أن الإخوان دائماً يمارسون المناورة والمطب السياسي، ويطلقون بالونات اختبار من أجل اختبار الشارع، ثم يفاجئون المصريين بقرارات أخرى صادمة، لكنهم الآن يتعاملون بمعطيات زمن فات. 
خيرت الشاطر 
غير أن زاخر رأى أن ترشيح الشاطر سوف يخلق حالة من الإختلاف داخل الجماعة نفسها، لاسيما أن شباب الإخوان يرفضون الشاطر ويؤيدون الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لافتاً إلى أن ترشيح الشاطر يصب في مصلحة المرشحين غير الإسلاميين، ويساهم في إعادة إنتاج النظام السابق، ونبه إلى أن القرار يخدم مرشحاً ذا خلفية عسكرية لم يظهر بعد، وبذلك يكون الإخوان قد ساهموا في إعادة إنتاج نظام العسكر مرة أخرى رغم الثورة الشعبية. 
 
قلق دولي 
دولياً، أعربت إسرائيل عن قلقها من ترشيح الشاطر، ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول إسرائيل قوله من الواضح أن هذا ليس نبأ جيدًا، مضيفاً أن الإخوان المسلمين ليسوا أصدقاء لنا، ولا يتمنون لنا الخير. 
فيما شاطرت وسائل إعلام أميركية القلق مع إسرائيل على المستوى الدولي، وتوقعت حدوث تصادم شديد ما بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين، لاسيما أن الشاطر صدرت ضده أحكام قضائية في قضايا مخلة بالشرف، ولا يحق له ممارسة حقوقه السياسية، ويطالب الإخوان المجلس العسكري بإصدار قرار بالعفو عنه على غرار القرار الذي أصدره لمصلحة الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، والمعارض الشرس لنظام حكم الرئيس السابق حسني مبارك.