غرباء وسفراء !

عادل عطية

بقلم : عـادل عطيـة
ما أكثر النصوص الكتابية المقدسة ،
التي ترافقنا في ذاكرتنا ،
وتُذكرنا :
باننا غرباء ونزلاء على هذه الأرض !
وما أكثر الذين لم يدركوا بعد ، في أي غربة هم يعيشون !
هل هي غربة الإبتعاد عن الله ؟
هل هي الغربة عن الوطن الأصلي ، كغربة : ابراهيم ، واسحق ،ويعقوب ؟
هل هي الغربة بالنبذ ، والترك ، والنسي ، والاهمال ، والاضطهاد ؟
هل هي غربة القديسين عن العالم ؛
لأنهم يثقون في المسيح ،
ويصدقون مواعيده ،
ويتركون كل شيء لأجله ،
ولا يبتغون لأنفسهم سوى أن يكونوا في معيته ؟
على المرء أن يشعر دوماً : بالغربة ، أو : الاغتراب
وفي ذات الوقت لاندين من يحس بوطئته 
على ألا يتخلى لهذا السبب عن مخزون فرحه ،
وألا ينكبّ فقط على إنشاد أغنيات الحزن والشكوى ،
وألا يفعل كما فعل : " الغريب الرومانتيكي " ،
الذي صوره : " جوته " ،
في رائعته : " آلام فرتر "
فيستعذب الألم ،
ويجد بطولته في الانتحار !
فكم من هبات تأتي عن طريق الأحاسيس المهيبة السامية ،
التي تبعثها الغربة في النفس ،
وتشكل ملامح العظمة في الإنسان !
فالغربة ،
تدربنا على ألا نكون رهينة لاجلال الآخرين لنا ، أو: تجاهلهم !
والغربة ،
تصد إنساننا العتيق ، وتوقف سير شرورنا ، وتحثنا على أن  :" نسير زمان غربتنا بخوف " !
الغربة ،
تجعلنا ألا نغتم إذا لم نكن ممن جادت عليهم الدنيا بمباهجها وخيراتها ،
وتعلمنا ألا نحب الاقتناء العاثر ؛
لآننا سنعود فارغي اليدين من كل شئ في العالم ،
سوى ما بقلوبنا المملوءة من الايمان ،
ويدانا التي تحملان ثماره !
الغربة ،
تذلل عاطفة العالم ،
وتثير فينا اشتياقاتنا الابدية ؛
فنتطلع إلى وطننا الحقيقي حيث الديار المخصبة ذات المنظر البهي !
والغربة ،
تجعلنا دائماً في حالة استعداد تام ؛ ليعط كل واحد منا : حساب وكالته !
الغربة ،
الساكنة في القلب المسيحي ،
تتخطى الجانب المأسوي ،
إلى اختيار المجد :
حيث " نسعى كسفراء عن المسيح "
فياله من فكر مقدس مجيد ، أن نكون : سفراء
ولو في سلاسل الغربة
فنؤدي أمانة إيماننا ،
ونجعل من الغربة عمراً من العطاء :
نقدم الخير ما طالت يدنا ،
ونعطي المحبة ما ملكت قلوبنا
ويا لها من عظمة !
أن نحمل سمات وصفات الوطن السماوي ،
الذي اتينا منه
وسنعود إليه
وأن نعيش كما يحق للدعوة التي دعينا إليها :
فنكون لون ابيض يتمشى وسط الناس في قداسة :
تُرى ، وتُسمع ، وتُحس من الآخرين !
ونحمل النور الإلهي المطمئن والشافي للمنزعجين ،
والمنكسري القلوب ،
والمطحونين تحت هموم الحياة ،
والغارقين في عرق ملذاتهم ،
والمستعبدين بأسلوب ، أو : بآخر
فتكون حياتنا : مجداً لإلهنا ، ومليكنا ، ورئيسنا الأعظم !
   نكن غرباء وسفراء !
لنكن الشخص الأكثر شبهاً للمسيح !
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع