جرجس بشرى
بقلم: جرجس بشرى
في ظل تجاهُل الحكومة المصرية لمطالب الأقلية المسيحية المصرية دون حياء، وفي ظل تصاعُد حدة الاضطهاد والتمييز الصارخ والفاضح ضد الأقباط واستبعادهم عن مراكز السُلطة وصناعة القرار في بلدهم لدوافع دينية بحتة، بات الحديث عن آليات جديدة وفاعلة لتوصيل مُعاناة أقباط مصر إلى المُجتمع الدولي ضرورة مُلّحة وواجبة يفرضها بالفعل الواقع المأساوي الذي يعيشه أقباط مصر الذين أقصاهم الحزب الحاكم وحكومته عن مراكز السلطة وصناعة القرار واستبعدهم لدوافع دينية عن التمثيل السياسي، مع أنه يمتلك أدوات وآليات شتى يستطيع من خلالها (لو أراد) أن يُدمج هذه الأقلية في العملية السياسية ويـُعيد إليها بعضًا من حقوقها المشروعة، الأمر الذي يجعلني أقول بلا أدنى مُبالغة أن سياسة العزل والإقصاء والتمييز الصارخ والاضطهاد الذي يُمَارَس ضد أقباط مصريون هم أصل هذا البلد ولهم كافة الحقوق المشروعة يعتبر وصمة عار في تاريخ حُكم الرئيس مبارك المُمتدة لمصر والتي قاربت الثلاثة عقود من الزمن!
فماذا فعل الرئيس لأقباط مصر طيلة هذه المدة؟ لدرجة أن الاستخفاف بحقوق مواطنين مصريين وصل لحد تجاهل الرئيس مبارك إصدار القانون الموحد لدور العبادة، هذا القانون الذي يرى حقوقيون وسياسيون بل وتقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية أنه السبب في تصاعد حدة الاحتقان الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، فهل يصدق أحدًا وأننا في القرن الواحد والعشرين أن يُمنع الأقباط من بناء الكنائس، ويذوق الأقباط المرارة للحصول على تصريح من الحكومة ببناء كنيسة أو إصلاح دورة مياه في الوقت الذي يفترش فيه المسلمون الشوارع لكي يؤدوا شعائرهم الدينية وبدون تصريح!!
وأنني أرى أن آلية عولمة القضية القبطية تعد من أهم الوسائل الشرعية لإيصال مُعاناة الأقباط إلى المجتمع الدولي، وبرغم أن هناك من طالبوا بمُظاهرات سلمية للأقباط أثناء زيارة الرئيس مُبارك للولايات المتحدة الأمريكية منتصف الشهر الجاري إلا أنني أرى أن مُظاهرات أقباط المهجر في واشنطن يوم 18 أغسطس الجاري أثناء مُقابلة الرئيس المصري مبارك بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، وكذلك مُظاهرات أقباط الداخل قبل الزيارة ليستا بالأمر الكافي.
أنها فرصة تاريخية خاصة بعد انقطاع الرئيس المصري عن زيارة أمريكا لمدة خمس سنوات مضت في عهد بوش الابن لكي تقوم المُنظمات الحقوقية في جميع بلاد المهجر للقيام بمظاهرات واحتجاجات أمام السفارة المصرية في هذه الدول في وسط حشد إعلامي عالمي احتجاجًا على المُمارسات التميزية الصارخة من قبل الحكومة المصرية (حكومة الحزب الحاكم) التي تنُتهج ضد الأقلية المسيحية المصرية مع تقديم بيانات صحفية تتلا أمام هذه السفارات توضح مطالب الأقباط العادلة والمشروعة في وطنهم دون أي إساءة لمصر أو لأشخاص المسئولين.
وعلى المنظمات القبطية ونشطاء أقباط المهجر أن يُمهدوا ليوم الاحتجاج العالمي للأقباط والمقرر له يوم لقاء الرئيس المصري بنظيره الأمريكي في البيت الأبيض، بحيث ينشر في وسائل الإعلام العالمية أخبارًا عن هذا اليوم، ولماذا هذه الاحتجاجات ومطالب الأقباط المشروعة؟
أن هذه الاحتجاجات السلمية للأقباط في الداخل أو الخارج لا تُمثل استقواءًا بالخارج لأنه العولمة كسرت الحواجز الجغرافية والمكانية بل والزمانية، كما أن المظاهرات والاحتجاجات حقًا مكفولاً بالدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فهل المنظمات القبطية في المهجر وجميع النشطاء الأقباط في الخارج والداخل يقدرون اقتناص هذه الفرصة التاريخية في هذا التوقيت المفصلي؟ أنهم يقدرون.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=6007&I=164