هاني سمير
* السعودية احتجزت أكثر من 9000 شخص لأجل غير مسمى على ذمة برنامج مكافحة الإرهاب السعودي بعضهم من المعارضين السياسيين السلميين
* ويتسن: المباحث تتصرف وكأنها فوق القانون ويجب أن تُقاس فعالية الإصلاحات القضائية التي أمر بها الملك عبد الله على خلفية التزام الأجهزة الأمنية بالدعامات الأساسية لسيادة القانون
** كتب: هاني سمير – خاص الأقباط متحدون
أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأثنين تقريرًا أكدت خلاله أن المملكة العربية السعودية احتجزت لأجل غير مسمى أكثر من 9000 شخص على ذمة برنامج مكافحة الإرهاب السعودي، وهذا منذ عام 2003، مع إعدادها لبرنامج "إعادة تأهيل" ديني بدلاً من المراجعة القضائية؛ لضمان إطلاق سراح هؤلاء المحتجزين. ولم تتحرك السلطات السعودية لمقاضاة بعض المحتجزين إلا في أكتوبر/تشرين الأول 2008، ثم أعلنت في يوليو/تموز 2009 أنها أدانت أكثر من 300 مدعى عليه باتهامات متعلقة بالإرهاب، في محاكمات قال التقرير عنها إنها كانت سريّة وغير منصفة.
وتقرير "حقوق الإنسان وسياسات مكافحة الإرهاب السعودية - المناصحة الدينية والاحتجاز لأجل غير مسمى والمحاكمات الجائرة" -الذي جاء في 27 صفحة- يوثق السياسات التي تصدت بها السعودية للتهديدات الإرهابية منذ عام 2003، وشملت السياسات الاحتجاز لأجل غير مسمى بحق آلاف الأشخاص، وبعضهم من المعارضين السياسيين السلميين. وقد قامت المباحث -جهاز الاستخبارات الداخلي- التي تدير سجونها الخاصة بها بالحيلولة دون الإشراف القضائي الفعال. وعلى السعودية أن تكفل حق المراجعة القضائية لكل المحتجزين، وأن تكفل الحق في المحاكمة العادلة لأي شخص تُنسب إليه اتهامات بجرائم، حسب ما ورد في التقرير.
وقالت سارة ليا ويتسن "المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش" أن سياسات السعودية الخاصة بالتصدي للإرهاب تلخصت منذ سنوات في حبس آلاف المشتبهين ثم إلقاء مفاتيح زنازينهم بعيدًا, مضيفة أن السلطات هيأت صورة مفادها أن المناصحة الدينية يمكن أن تحل محل المحاكمات، وها هي الآن تتظاهر بأن الإدانة في المحاكم بعد محاكمات سريّة يمكن أن تضفي الشرعية على استمرار الاحتجاز.
أضافت ويتسن التقرير أن الحكومتان الأميركية والبريطانية تنسقان كثيرًا مع مسؤولي مكافحة الإرهاب السعوديين، وأشادتا علنًا ببرنامج إعادة التأهيل لكنهما لم تنتقدا الاحتجاز لأجل غير مسمى بحق آلاف الأشخاص أو المحاكمات المعيبة بحق 330 مشتبهًا في يوليو/تموز. وما زال الآلاف من المحتجزين على ذمة جهود مكافحة الإرهاب رهن الاحتجاز في شتى أنحاء المملكة.
وأضاف التقرير أنه بدلاً من السماح لهؤلاء المحتجزين بالطعن في قانونية احتجازهم أمام قاضٍ، فإن وزارة الداخلية منحت محتجزي المباحث فرصة الخضوع للمناصحة الدينية، ومنهم من تم نقلهم من مركز الاحتجاز الأميركي في غوانتانامو وكوبا إلى السعودية. ومن متطلبات الإفراج عن المحتجز تصديق أعضاء برنامج إعادة التأهيل على سلوكه. ومثل هذا البرنامج غير الطوعي لا يلائم المحتجزين الذين لم تسبق إدانتهم بأية جريمة والذين يجب افتراض براءتهم حتى ثبوت العكس، حسبما قالت هيومن رايتس ووتش.
ويُتاح في المملكة العربية السعودية حدًا أقصى للاحتجاز على ذمة التحقيق يُقدر بستة أشهر، وقد طعنت بعض أسر المحتجزين في احتجاز أقاربهم أمام ديوان المظالم، وهو المحكمة الإدارية السعودية. لكن وزارة الداخلية -المسؤولة عن المباحث- تجاهلت أحكام المحكمة التي تأمر بالإفراج عن المحتجزين الذين تجاوز احتجازهم الحد الأقصى القانوني، حسبما ورد في التقرير.
على سبيل المثال، في أبريل/نيسان أمرت المحكمة المباحث بالإفراج عن ماجد الحسيني المحتجز دون نسب اتهام إليه منذ أغسطس/آب 2002 حين كان يبلغ من العمر 17 عامًا. وما زال رهن الاحتجاز. وفي مثال آخر حين قبل ديوان المظالم في يونيو/حزيران دعوى ضد المباحث من وليد أبو الخير وهو محامي يمثل بعضًا من 10 إصلاحيين محتجزين دون نسب اتهامات إليهم منذ القبض عليهم في فبراير/شباط 2007، خرجت المباحث بسلسلة من التهديدات شملت التهديد باحتجاز أبو الخير نفسه.
وقالت سارة ليا ويتسن أيضًا أن المباحث تتصرف وكأنها فوق القانون ويجب أن تُقاس فعالية الإصلاحات القضائية التي أمر بها الملك عبد الله على خلفية إلتزام الأجهزة الأمنية بالدعامات الأساسية لسيادة القانون، وفي أكتوبر/تشرين الأول 2008 أحالت السلطات 991 مشتبهًا بالعمل في صفوف الميليشيات إلى المحاكمة في محكمة جزائية خاصة جديدة، مع الوعد بإجراء محاكمات عادلة لهم بمراقبة خبراء حقوق الإنسان. لكن الحكومة خالفت وعودها وأعلنت في يوليو/تموز أن 329 متشبهًا قد أدينوا باتهامات على صلة بالإرهاب إثر محاكمات سرية لم يمثلهم فيها محامون. وقد رُفض طلب قدمته هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2008 لحضور المحاكمات، كما لم تتمكن منظمتا حقوق الإنسان المحليتان في السعودية من مراقبة مداولات القضايا علنًا.
ويوثق تقرير هيومن رايتس ووتش ضغوط الحكومة على المحاكمين كي لا يمثلوا المشتبهين بأنهم عناصر مسلحة، وفيه معلومات من أسر المحتجزين، الذين قالوا إنهم لم يعرفوا بمواعيد المحاكمات مقدمًا، وأن أقاربهم المسجونين لا يقابلون محامين، وأنهم حوكموا محاكمات موجزة بناء على اعترافات قدمتها المباحث للمحكمة.
ودعت هيومن رايتس ووتش السعودية إلى إخلاء سبيل أو محاكمة من تبقوا رهن احتجاز المباحث، بغض النظر عن مشاركتهم في برنامج المناصحة الدينية أو عدم المشاركة. ويجب نسب اتهامات يمكن المحاكمة عليها لمن هم من المقدر أن يمثلوا أمام المحكمة، وأن تكون المحاكمات مفتوحة وتكفل للمدعى عليهم جميع حقوق المحاكمة العادلة. والحكومات الأجنبية مثل الأميركية والبريطانية –اللتان أشادتا بسياسات مكافحة الإرهاب السعودية- عليهما واجب خاص يتمثل في مراقبة المحاكمات والكشف علنًا عن أية خروقات تقع لحقوق المدعى عليهم.
وقالت سارة ليا ويتسن: "يجب أن تكون العدالة منصفة وأن تُرى على أنها منصفة". وأضافت: "جلسات المحاكمة السرية والموجزة في السعودية لا هي منصفة ولا ترى على أنها منصفة، إنها عدالة صورية".
http://www.copts-united.com/article.php?A=6115&I=167