كتاب جديد : البابا كيرلس الرابع: أبو الإصلاح القبطى فى مصر الحديثة.....

عماد توماس

خاص الاقباط متحدون- تقرير-عماد توماس
صدر حديثا كتاب (البابا كيرلس الرابع: أبو الإصلاح القبطى فى مصر الحديثة) للباحث الشاب رامى عطا صديق.ضمن سلسلة (بناة المواطنة) التى تصدر عن مؤسسة المصرى لدراسات المواطنة وثقافة الحوار التى يرأسها الكاتب سمير مرقس
قدم للكتاب نيافة الأنبا موسى- أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية- الذى تحدث عن البابا كيرلس الرابع  معتبرا إياه  من دعائم الوطنية المصرية، كونه قد عاصر سعيد باشا والى مصر، الذى ألغى الجزية التى كانت مقررة على الأقباط، وسمح لهم بدخول الجيش لحماية الوطن. كما أنه قام بحل مشكلة حدودية كبيرة بين مصر وأثيوبيا، حين زار أثيوبيا، وأجرى المفاوضات هناك، وجاء ومعه وزير أثيوبى، أبرم فى مصر الاتفاق اللازم.. واهتم البابا كيرلس الرابع بشئون الأقباط كجزء من النسيج المصرى، كما اهتم بالشئون الكنسية، من جهة الرعاية والتعليم والأوقاف والأديرة... بل إن جهده انصرف إلى العمل المسكونى بإيجاد علاقات محبة مع الطوائف المسيحية دون تفريط فى عقيدة أو تقليد ، واهتم بتعليم البنات، فى عصر عز فيه ذلك كما قام باستيراد ماكينة طباعة و بنى مدرسة لتعليم الصناعات.
استعرض الباحث الشاب رامى عطا، حياة المصلح  الكبير البابا كيرلس الرابع (1816- 1861م)، وهو البطريرك المصرى الذى عاش فى أواسط القرن التاسع عشر، بكل ما حفل به هذا القرن من انتصارات وانكسارات. حيث استحق ذلك الرجل أن يُلقب بأبى الإصلاح، وكان ذلك بسبب أفكاره التنويرية وأعماله الإصلاحية التى شملت الجميع، إذ ليس الأقباط وحدهم هم الذين استفادوا من إصلاحاته.
اعتبر عطا،  أن قضية الإصلاح إحدى أهم قضايا الساعة-، تبدو وكأنها دائماً أبداً قضية قديمة.. جديدة.. متجددة..، إذ هى عملية ديناميكية مستمرة ليس لها نهاية، وإن كان لها بدايات عديدة، ومن ثم فقد رأى الباحث أنه من المفيد التعرف على تجارب وخبرات المصلحين الذين عرفتهم مصر عبر تاريخها الطويل.
الميل إلى الرهبنة
استعرض الباحث الشاب رامى عطا ، سيرة تاريخية لأعمال المصلح التنويرى البابا كيرلس الرابع الذى ولد فى  سنة 1816م.  بقرية نجع أبو زرقالى بالصوامعة الشرقية بإقليم أخميم والتى تتبع حالياً محافظة سوهاج. وتنيح "توفى" يوم الأربعاء 30 يناير 1861م.  بالمقر البابوى بالكنيسة المرقسية الكبرى بحى الأزبكية بالقاهرة . وكان لديه ميل واضح إلى الرهبنة، فقد كان زاهداً فى هذا العالم ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره فارق والديه وأصحابه وأقاربه، وذهب إلى دير القديس الأنبا أنطونيوس فى الجبل الشرقى (البحر الأحمر) بقصد الرهبنة، وهناك ترهب على يد القس أثناسيوس القلوصنى- رئيس الدير آنذاكبعد سنتين فقط من رهبنته  حدث أن توفى رئيس الدير، وهنا كان لزاماً على الرهبان أن يختاروا رئيساً عليهم من بينهم، حتى يدبر أمور ديرهم، وقد أجمع كافة الرهبان على اختيار راهبنا لهذا المنصب.
يُرمم الجامع والدير
يسرد الباحث الشاب ، حكاية اوردها  المؤرخ المدقق توفيق إسكاروس تستحق الكثير من التوقف للتفكير الناضج والتأمل المتعمق، وهى أنه بعد رسامته رئيساً لدير الأنبا أنطونيوس جاء بعض مواطنى عزبة بوش لتهنئته، فأراد أن يرد لهم الزيارة، فذهب إليهم، وأثناء مروره فى الطريق وجد أن الجامع الموجود بالعزبة خرباً ومتهدماً، فأظهر القس داود استيائه واستغرابه، وقال لمن حوله:
"أليس من العار على رهبان عزبة بوش أن يكون الجامع الوحيد فيها خرباً ولا يُرمم؟"،
ثم إنه أضاف قائلاً: "رمموه وأنا أمدكم بالجير"، فاهتم الرجل بترميم الجامع وعزبة الدير معاً. وفى ذلك يقول رامى عطا، ان البابا كيرلس الرابع  أظهر بذلك حُبه للجميع، وكذا احترامه وتقديره للمسلمين، دون تفرقة أو تمييز بسبب الدين.
رسامته بطريركاً
غلاف الكتابرُسم البابا كيرليس بطريرك فى أواخر حكم عباس باشا والى مصر (1848- 1854م)
تعليم البنات
اهتم  البابا كيرلس الرابع بتعليم البنات، بعد  أن رأى ان هناك تلاميذ يأتون من جهات بعيدة عن مدرسة الأزبكية، مثل حارة السقايين، فاهتم بأن ينشأ لهم فى حارة السقايين كنيسة ومدرستين، واحدة منهما للبنين والأخرى كانت لتعليم البنات، كما أنه فتح لهن مدرسة ثانية بالأزبكية، إذ أن الرجل رأى أن المرأة المصرية محرومة مما يرقى شعورها وينهض بحالها، فأراد أن يُحسن حالتها ويرتفع بشأنها ويرتقى بها كلية، فكان اهتمامه بإنشاء مدرستين للبنات، واحدة بحارة السقايين والأخرى بالأزبكية.
اهتمامه باللغات
اهتم البابا كيرلس الرابع بتعليم تلاميذ مدارسه اللغتين الإنجليزية والإيطالية، ويفسر جرجس فيلوثاؤس اهتمام البابا كيرلس بذلك ،  بأن اللغة الإنجليزية كانت لغة البعثات الأمريكية والتى كانت تهتم بتعليم الإنجليزية، فهو أراد بتعليمها أن تكون مدارسه جامعة. أما اللغة الإيطالية فلأنها كانت لغة التجارة فى ذلك العهد. بالاضافة إلى اهتمامه بتعليم اللغتين: القبطية والعربية.
تنظيم الأوقاف
من أعمال البابا كيرلس الرابع التى رصدها الباحث الشاب رامى عطا فى كتابه،  أنه اهتم كثيراً بحالة الأوقاف القبطية، حيث أنشأ سجلاً لحصر جميع الأوقاف من واقع الحجج، كما إنه اهتم بإدارة البطركخانة فأنشأ لها ديواناً، وعين لها المستخدمين/ الموظفين الأكفاء، وقام بتقسيم الإدارة إلى قسمين.. يختص الأول منهما بالأعمال الدينية أو الشرعية، ويختص الآخر بالأوقاف والمكاتبات الرسمية، وذلك مع متابعته الشخصية لسير العمل.
الاتحاد بين الكنائس
كان البابا كيرلس الرابع  مسالماً لجميع الطوائف المسيحية، محباً لهم ومحبوباً منهم، بل إنه عمل على إيجاد الاتحاد والتوفيق بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيستين اليونانية الأرثوذكسية والأسقفية الإنجليزية، لأنهما أقرب إليها فى العقيدة من غيرهما
سعادة العائلة والمساواة بين المرأة والرجل
من صفاته كرهه للطلاق وميله للمحافظة على سلامة العائلاتن وكان يؤمن بنهضة المرأة المصرية والعمل على ترقيتها وتحريرها، فقد أمر بألا يكون الزواج قبل الرابعة عشر من العمر، مع ضرورة أن يعترف العروسان اعترافاً صريحاً بأن الزواج قد تم بالرضاء التام وأنه ليس فيه إكراه، كما كان يؤمن بالمساواة بين الرجل والمرأة، ورأيه فى ذلك أن المرأة إذا عملت عملاً حسناً فإن الله سيجازيها بما يجازى به الرجل وليس بأقل منه

ويدعو رامى عطا، أن يحتفى كل المصريون بذكرى البابا كيرلس الرابع، وليس أن يحتفى به الأقباط فقط، او  الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وحدها، بل ينبغى أن تحتفل به الثقافة المصرية، لأن البابا كيرلس الرابع،  لا يُحسب على الأقباط وحدهم، إذ هو أولاً وأخيراً مواطن مصرى يضرب بجذوره فى الأرض المصرية الصلبة إلى حيث الآباء والأجداد من المصريين القدماء أصحاب الحضارة العريقة والمجد العظيم، كما إنه وكمواطن مصرى قد قدم إصلاحاته لجميع المواطنين دون تمييز، ومن ثم فإنه رجل يعتز به كل مواطن مصرى ينتمى إلى تلك الأرض الطيبة والمباركة.. مصر.
واختتم عطا بحثه، بنشر بعض الملاحق المأخوذة  من كتب ومقالات عن أبو الإصلاح البابا كيرلس الرابع
الجدير بالذكر أن سلسلة (بناة المواطنة) هى باكورة إصدارات مؤسسة المصرى لدراسات المواطنة وثقافة الحوار، حيث تضم السلسلة إلى جانب سيرة البابا كيرلس الرابع سيرة سينوت حنا والتى كتبها د. رمزى ميخائيل، ومن المتوقع أن تصدر كتب أخرى عن محمد على وعبد الله النديم وميخائيل عبد السيد.. وآخرين.