مقتبس عن كتاب جوليا تشايلد «حياتي في فرنسا» ومذكرات جولي بويل على المدونات
«الشرق الأوسط» لوس أنجليس: بروكس بارنز *
نورا إفرون امرأة تعشق الصراحة، فمجرد محاولتك المراوغة لكي تسأل سؤالا مثل: هل كان بإمكانها كتابة وتمثيل وإخراج فيلم مثل «جولي آند جوليا» والذي يحتفي بزواجها ما لم تكن قد نجحت في إيجاد السعادة في حياتها الشخصية بعد فيلم «هارتبيرن» الذي استند على تجربة زواجها الثاني المؤلمة؟ فترة من الصمت.. قالت إيفرون التي تبلغ من العمر 68 عاما: «أتقصد أنني لو كنت أعيش في حالة من البؤس لما كنت قد صنعت هذا الفيلم؟ هل هذا ما تود السؤال عنه؟ إنني سعيدة بزواجي ـ تزوجت إيفرون من الكاتب نيكولاس بيليدجي لمدة 22 عاما ـ وتأمل في أن تقوم بصنع أفلام تشعر بأنها تعبر عن حياتك، لكن لا شيء من السيرة الذاتية هنا. يمكنني أن أعلق على كل مشهد هنا».
وقال ميك نيكولز الذي أخرج فيلم «هارتبيرن» والذي يعتبر إفرون صديقة مقربة له: «إن نورا أكثر قوة ومرحا وجاذبية عن ذي قبل. وهو ما يجعلك تشعر بأن هذا الفيلم جزء من واقعها المعاش».
يتناول فيلم «جولي آند جوليا»، الذي عرض في قاعات العرض يوم الجمعة، قصة حياة امرأتين ضائعة حياتهما في الطعام. فتعيش جوليا تشايلد (التي تمثل دورها ميريل ستريب) في باريس خلال فترة الأربعينات تحاول اكتشاف ما يمكنها عمله في حياتها خلال خدمة زوجها كدبلوماسي أجنبي ومن ثم تقرر الذهاب إلى مدرسة للطهي وتأليف كتاب عنه.
وبالعودة إلى الحاضر حيث نجد شريكة السكن المضطهدة التي تدعى جولي بويل (تلعب دورها إيمي آدامز) تقرر إعداد كل الـ 524 من الوصفات في كتاب الطهي المسمى «احتراف فن الطهي الفرنسي والكتابة عنه على الإنترنت» (وصفة الدجاج المحمر التي وصفت بأنها ليست بالصعبة وبه 30 خطوة).
اقتبست إفرون المولعة بالطعام (أحد أشهر أطباقها المميزة هو اسباجيتي الرمال أو كسيرات خبز) الفيلم عن كتاب «حياتي في فرنسا» الذي نشرته تشايلد عن سيرتها الذاتية ومذكرات بويل على المدونات التي جاءت تحت عنوان «جولي آند جوليا».
رغم حديث الفيلم عن الطهي، (لذا لا تشاهد الفيلم وأنت جائع) يضمن أداء ميريل ستريب فيه كطاهية الكثير من الجوائز ويمنح إفرون فيلما متميزا خلال عقد من العمل السينمائي، إلا أن الفيلم وصف للحياة الزوجية ـ خاصة زواج جوليا وبول تشايلد ـ الذي أثار اللغط بين الناس بعد عرض الفيلم. فقد كان هناك العديد من ملامح الزواج المثيرة للدهشة على الأقل بالنسبة لأفلام هوليود، فبالنسبة لمبتدئي الزواج هناك العلاقة بين الزوجين المتقدمين في السن.
تم تقديم حياة جوليا وبول (الذي يقوم بدوره ستانلي توتشي) بدقة شديدة، قالت ستريب: «لا أدري سر دهشة الجميع أعتقد أن الناس لا يتوقعون العلاقة الزوجية من الأشخاص في أعمار آبائهم». ثم فكرت لحظة وضحكت قائلة: «لا أظن أنهم يعتقدون أن جولي تشايلد مارست الجنس هي الأخرى. (وقد سخر منها دان آياكرويد بأنها تفتقر إلى الأنوثة في المسرحية الهزلية القصيرة «سترداي نايت لايف» والتي ضمنت إفرون أجزاء منها في فيلمها).
تعد أفلام هوليود التي تتحدث عن الزيجات القوية نادرة، فهناك فيلم الرجل «الرجل النحيف» (الذي كانت شخصياته الرئيسة، وهو ما يجدر ذكره، نيك ونورا)، فأغلب الزيجات في أفلام هوليود كئيبة ومؤلمة إذ لا بد من القيام بعمل شاق من أجل العودة إلى الخط الأصلي للقصة: الطلاق أو علاقة خارج إطار الزوجية. ولو أدخلت كلمة «الزواج» على قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت (imdb.com) ستكون النتائج غالبا سلبية حيث ستصادف عناوين مثل «زواج غير سعيد» (150 عنوانا) و«زواج بالإكراه» (140 عنوانا) و«الزواج كالجحيم» (37 عنوانا) ولكن كلمة الزواج السعيد تشبه البحث عن الحصان الخيالي «يونيكورن» على حد قول إفرون.
وتتكاثر تفسيرات النظريات للسبب في ذلك، فتشير جيانين باسينغر، رئيسة قسم دراسات الأفلام في جامعة ويسيليان في ولاية كونكتيكت إلى أن المخرجين والمنتجين ومديري الاستوديو الرجال قاموا بتصوير كل المشاهد في هوليود وقالت باسينغر التي تؤلف كتابا عن صورة الزواج في السينما: «إن الرجال لا يكترثون لهذا النوع من القصص».
أما سكوت رودن (الذي عمل في فيلمي «نو كانتري فور أولد مِن» و«داوت») والمنتج المنفذ لفيلم «جولي وجوليا» فقال إن الإجابة ليست لغزا: «النزاع هو ما يجذب الانتباه أما ال فهي أصعب».
كلا الزوجين في فيلم جولي آند جوليا يستمتعان بدعم شريك حياته في التزامه وطموحه. فبول تشايلد يلتقط الصور لطهي زوجته من أجل الكتاب وإريك زوج جولي بويل (الذي يلعب دوره كريس ميسينا) يشجعها على فكرة التدوين، حتى أن دفعه لها للاستمرار في هوسها بدأ يؤثر عليه. لكن العلاقات ليست مثالية كما يشير رودن فيقول: «وهو ما يجعل الحياة تبدو وكأنها حقيقة» فالزوجان الشابان يناضلان من أجل المال ويتشاجران حول انغماس جولي الذاتي الذي تقوم به بين الحين والآخر (على الرغم من عدم وجود ذكر لأي شيء قامت بها بعد نشر الكتاب). أما الأولاد فموضوع مؤلم لأسرة تشايلد، ففي أحد المشاهد تصاب جوليا بحالة من اليأس عندما تعلم أن أختها حامل.
وقالت باسينغر التي شاهدت العرض الأول للفيلم: «حقيقة أنا أرى الفيلم على أنه طريقة في كيفية إدارة الزواج الناجح». وسواء أكان الأمر من قبيل الإنصاف أم لا فإن إفرون لا تزال مرتبطة بمرارة الزواج وهو أمر طفا على السطح مرة أخرى بفيلم «جولي وجوليا» بصورة جزئية لأن ميريل ستريب لعبت بطولة «هارتبيرن». وقد اقتبس الفيلم الذي عرض عام 1986 من قصة إفرون التي وصفت زواجها بالكاتب الصحافي كارل برينستون الذي شارك في كشف فضيحة ووتر غيت الذي انتهى عندما اكتشفت أنه كان يخدعها عندما كانت حاملا. وكتبت عنه شيلا بنسون الناقدة الفنية في صحيفة لوس أنجليس تايمز عن الفيلم: «الزواج لا ينجح أبدا، فأنت تعلم نهايته. الطلاق. وهناك أمر آخر إذا ما أردت الزواج مرة واحدة فتزوج سيدة رائعة الجمال».
وبطبيعة الحال طغت الرومانسية على فيلمها التالي «ون هاري مت سالي»، و«سليبلس إن سياتل»، لكن تلك الأفلام كانت تتحدث عن إيجاد جذوة الحب وليس لتعلم كيفية المضي قدما في الحياة الزوجية. فما الذي تغير؟
وقالت إفرون، التي عملت من قبل كمراسلة صحافية في الصحف والمجلات، إنها كانت تبرز الحقائق المختلفة للزواج في «جوليا وجولي» لكن الأشخاص من حولها يعتقدون أن الفيلم يتعلق بالكثير من علاقتها بيليدجي الذي ألف الكثير من الكتب التي تحولت إلى أفلام مثل «جودفيلاس» و«كازينو» كما كتب سيناريوهات أفلام المخرج مارتن سكورسيزي. وقال لورانس مارك، منتج الفيلم: «كنت دائم الاندهاش حول كل منهم بمشاهدة الآخر وكيف نجحوا في الإبقاء على تلك العلاقة قوية وناجحة. إنها بالتأكيد أحد أنجح الزيجات التي شهدتها في حياتي».
كانت أفضل أفلام إفرون السابقة «يو هاف جوت ميل» والذي عرض قبل عشر سنوات، وفي فترة التوقف قدمت الفيلم المخيب للآمال «هانجنج أب» الذي أخرجه دايان كيتون عن السيناريو الذي كتبته إفرون بمساعدة شقيقتها ديلا إفرون وفيلم «بيوتشد» الذي كان كارثة مفجعة. وربما ترفع الميزانية المحدودة للفيلم الذي تكلف أقل من 40 مليون دولار من حظوظ النجاح المالي للفيلم الذي قدم بصورة مختلفة (كظهور أماندا هيسار الكاتبة المساهمة في صحيفة نيويورك تايمز وكذلك فرانك بروني محرر المطاعم المتجول) كفيلم يتحدث إلى النساء. فقد قدمت إفرون الرومانسية بالصورة التي يرغب بها جمهورها إضافة إلى روعة أداء ميريل ستريب.
وتساءلت إيمي باسكال، المديرة المشاركة لشركة سوني بكتشرز إنترتينمنت، التي طلبت من إفرون إخراج الفيلم: «ما الذي ترغبه أكثر من أن الجمهور سيتوجه لمشاهدة هذا الفيلم كأحد أهم أعمال نورا إفرون».
من المؤكد أن هناك عقبات، فأفلام الطعام صعبة البيع، وعلى الرغم من جهود إفرون الكبيرة في جعل الأزواج مشحونين بالعاطفة تماما إلا أن الكثير من الرجال سيترددون قبل شراء تذكرة لحضور الفيلم. كما أن التنقل بين خطوط القصة ربما تثير بعض الآراء النقدية. وتوقعت صحيفة نيويوركر أن يشعر الجمهور بالامتعاض من السيدة آدامز لإبعادها الكاميرا عن ستريب وهو شيء يبدو أنه يعتمل في أذهان صانعي الأفلام، لكن إفرون قالت على نحو مقتضب:«أنا لا أعتقد ذلك». وقد رفضت باسكال تلك الانتقادات وقالت إنه جاء كقصتين كاملتين».
وبدت باسينغر أستاذة دراسات الأفلام غير مقتنعة فقالت: «إنني أحاول التفكير في طريقة تكون لبقة لجمع هذا التشعب الثنائي». وبدلا من ذلك تحولت إلى الزواج متحدثة عن السبب الذي سيجعل من فيلم «جولي وجوليا» يدخل كتب التاريخ، وبدت متأكدة من أن حياة إفرون الشخصية كانت المكون السري للفيلم. وقالت: «تلك العلاقات تبدو صادقة، وأعتقد أن بإمكانك نقلها إلى الشاشة عبر شخص يدرك مباهج الزواج السعيد». وعندما علمت إفرون بذلك ضحكت وقالت: «لا يمكنني الانتظار للانطلاق إلى الهاتف وإخبار ذلك لنيك».
* خدمة «نيويورك تايمز»
http://www.copts-united.com/article.php?A=6183&I=169