محمد زيان
- القمني: مشايخ الحسبة فشلة.. يحاربون الناجحين بحجة الدين.. ولا يقدمون شيئًا نافعًا.
- جابر عصفور: الحسبة تقسم المجتمع وتدعو للفتن.. وتقوم على إقصاء المخالفين.
- الشاعر حلمي سالم: الدستور هو الذي فتح الباب أمام هؤلاء لمطاردة الفكر والإبداع.
- عبد المعطي حجازي: الأدب لا يُنقد إلا بالأدب لا بالدين.. وما يحدث مصادرة غير مقبولة.
تحقيق: محمد زيان – خاص الأقباط متحدون
هل أصبحت الحسبة سيف مسلط على رؤوس العباد في البلاد التي يبدعون فيها؟، وإلى متى يظل هذا الفكر المتحجر معوقًا للإبداع وحاضًا على التطرف في مواجهة الفن لقتل كل ماهو جميل؟، من المسئول عن تفشي هذا المرض الخطير المسمى بالحسبة في بلادنا بحيث يخرج كل واحد حسيبًا على الآخر؟ ومن الذي يقف في وجهه؟ وما هي الآليات المطلوبة للتصدي لهذا الفكر الظلامي؟
هل الدولة هي التى فتحت الباب على مصراعيه أمام هؤلاء الشيوخ لقتل الإبداع وإرهاب المبدعين؟ أم الدستور هو الذي يأوي هذه الأفكار المتطرفة ويمثل الشباك الذي يتسرب منه المحتسبون؟ باعتبار أن المادة الثانية تكرس لدولة الفقيه في مصر.. سألنا الكتاب والمفكرين المتضررين من فكر الحسبة باعتبارهم الترمومتر الذي يعطينا درجة الحرارة الحقيقية للمحيط الثقافي في مصر فكان هذا التحقيق:
إرهاب فكري
المفكر العلماني سيد القمني يصف ما يتردد على لسان شيوخ الحسبة بأنه ضحك على عقول الناس والعامة الذين لا يفهمون صحيح الدين، وبالتالي فإن ما يقوم به هؤلاء من قبيل الإرهاب الفكري والرغبة في مصادرة كل ما هو إبداع وكل ما هو فن يسهم في تقدم الأمم ونهضتها بدعوى أنه مخالف للدين.
ويشير القمني إلى الدعاوى القضائية التي لاحقته قديمًا والتي لا تزال تلاحقه خصوصًا بعد حصوله على جائزة الدولة التقديرية، واصفًا الذين يقومون بها بأنهم "ناس فاضية" ترغب في تغطية نجاحات الآخرين بأحقادهم والادعاء بأنها مخالفة للدين.
ويتساءل القمني: مَن الذي جعل هؤلاء الشيوخ الذين لا يملكون من الإسلام إلا المظهر أن يرفعوا الدعاوى على هذا وذاك وينصّبون من أنفسهم سلطة الحساب الدنيوية للبشر ويتهمون هذا بالكفر وبالزندقة والإلحاد والخروج على تعاليم الدين في الوقت الذى يقومون فيه بتشويه صورة الدين أمام الآخرين ويصورونه على أنه مناقض لكل ما هو جميل وإبداع.
ويرى القمني أن السبب في انتشار مشايخ الحسبة هي الدولة نفسها التي فتحت المجال أمامهم للدخول من شباك المادة الثانية من الدستور التي تشير إلى الشريعة على أنها المصدر الأساسي والرئيسي للتشريع في مصر، وأن هذه المادة هي التي كرّست لسيطرة الإسلاميين على الفكر السائد والمتطرف وغاب الفكر المعتدل نتيجة لصعودهم إلى دفة التشريع وراحوا يوجهونه في اتجاه التشدد والتطرف أمام كل ما هو نجاح.
ويصف القمني شيوخ الحسبة بأنهم أناس فشلوا في تحقيق أي نجاح يُذكر لهم في مجال الإبداع فراحوا يشوهون نجاحات الآخرين برفع الدعاوى القضية.
فكر الإقصاء
ويحذر الدكتور جابر عصفور من انتشار الفكر المتشدد القائم على إقصاء كل ما هو يدخل في إطار الأدب والفن ونعت أصحابه ومنتجيه بالكفر والخروج من الملة، وما لهذا الفكر من آثار سيئة وضارة بالمجتمع تؤدي إلى تفكيكه إلى تيارات فكرية متطرفة تعادي أهل الإبداع والأدب وتتربص بهم عبر رفع الدعاوى القضائية ولا تتركهم ينتجون إبداعًا للبشرية ليساهم في نهضتها.
ويشير عصفور إلى الدعاوى التي قام برفعها بعض الشيوخ الذين يطلقون على أنفسهم شيوخ الحسبة في مصر ضد المبدعين، مثلما حدث معه هو شخصيًا بعد الحصول على جائزة الدولة ومع الشاعر حلمى سالم وغلق مجلة إبداع وغيرهم، مؤكدًا أن الاستجابة لهؤلاء الشيوخ هو مؤشر خطير على تحويل الدولة من دولة تحكم بقوة القانون إلى دولة يحكمها الفقهاء وشيوخ التكفير.
الدستور السبب
أما الشاعر حلمي سالم والذي له تجربة مريرة مع شيوخ الحسبة بدأت العام المنصرم في تكفيرهم له عقب كتابته لقصيدة "شرفة ليلى مراد" والتي نشرها في مجلة إبداع التي تصدر عن المجلس الأعلى للثقافة، فيشير إلى ضرورة تعديل مواد الدستور بما يضمن إبعاد شيوخ التكفير واللعب الديني من تنصيب أنفسهم قضاة على الأدب والإبداع مصادرون على الرأي في الوقت الذي يتجه فيه العالم إلى تقليص السلطة الدينية على هذه الأمور، ذاهبًا إلى أنهم يحكمون على الأدب والفن في الوقت الذي يكونون فيه غير متخصصين في الأدب أو الفن لكنهم التصقوا بالدين لتشويه الحقائق من خلال الحكم على النص الأدبي بالنص الديني من خلال قانون الحسبة!
ويؤكد سالم على أن مطاردة الإبداع تحت دعاوى الحسبة والتطاول على الدين لم تعد تفلح في العصور الحديثة مع هذا الكم المتسارع من الإبداعات التى يتم إنتاجها كل يوم في الأدب العالمي، وهو ما يؤكد أن ملاحقة الفكر سوف تدمر عقول صغار المبدعين وتقفل عليهم الطريق للكتابة أو النشر.
وينتقد سالم الحملة الشعواء التي شنها بعض شيوخ الحسبة ضد الكتاب الذين حصلوا على جوائز الدولة التي هي أشبه بالإرهاب الفكري، حيث يجب أن يتضامن الكتاب والمفكرين أمام هذا التيار المتسلح بأفكار الظلام والهدم ومحاولات تعويق التطور الأدبي للمجتمعات.
تقتل الإبداع
أما الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي فيشير إلى أن الحسبة تقتل الإبداع وتلتهم كل منتج فني وتقضي عليه تحت دعاوى الخروج على الدين والنص، وأن المشايخ الذين يلجأون إلى رفع هذه الدعاوى يتكسبون منها في الوقت الذي يقتلون الإبداع وكل محاولات الإنتاج الأدبي والتطور.
ويشير حجازي إلى الدافع الذي يحرك هؤلاء المشايخ المحتسبون المتمثل في الفكر المتشدد الذي يعتبر الأدب مخالف للدين والعقيدة ومناقض للأديان ورسالاتها، فهؤلاء الشيوخ غير متخصصين في الأدب وينتقدون الأدب على أسس غير علمية وبعيدة عن قواعد الأدب حيث لا يمكن الحكم على الأدب إلا بالأدب وليس بالنص الديني.
ويعلق حجازي على الحملات التي يقودها مشايخ الحسبة ضد المفكرين والمبدعين بأنها حملات كراهية لكل ما هو جميل في الوقت الذي يتحدث فيه هؤلاء المشايخ عن فقه قديم ليحكم الإبداع ويصادر على حرية الرأي والتعبير.
http://www.copts-united.com/article.php?A=6198&I=169