عماد توماس
بقلم: عماد توماس
كان التدريب جديدًا على معظم المشاركين في ورشة العمل حول حقوق الإنسان، طلب منا المنسقين أن نقوم بعمل دائرة ونعطي ظهورنا بعضنا البعض، وتم توزيع عدد ثلاثة كروت صفراء وثلاثة كروت حمراء لكل مشارك، الأصفر يشير إلى الصفة الإيجابية والقبول والموافقة والأحمر إلى الصفة السلبية والرفض.
وقام المنسقون بوضع لافتة على ظهر كل مشارك عبارة عن ورقة مكتوب عليها مهنة معينة مثل "وزير الداخلية" أو السفير الإسرائيلي" أو معتقد فكري معين مثل "بهائي – ملحد - متدين" أو توجه سلوكي مثل "شاذ جنسيًا أو مختل عقليًا" أو مرض معين مثل "مصاب بأنفلونزا الخنازير" أو "مدمن مخدرات" أو مهنة معينة "طبيب - عسكري مرور -راقصة..."
بعد ذلك طلب المنسقون منا أن نقوم بالدوران وإعطاء كارت أصفر أو كارت أحمر لكل مشارك يحمل لافتة محددة، فإذا كنت متعاطفًا مع البهائي فسأعطيه كارتًا أصفر، وإذا كنت رافضا لـ"السفير الإسرائيلي" فسأعطيه كارت أحمر وهكذا.
انتهى التدريب وأظهرت النتائج توقعًا ملحوظًا، فقد حصل السفير الإسرائيلى ووزير الداخلية والشاذ جنسيًا والمدمن والملحد على أعلى الكروت الحمراء إشارة إلى رفض المشاركين لهم، بينما حصل الطبيب وعسكري المرور على أعلى الكروت الصفراء إشارة لقبول المشاركين لهم.
ويبدو أننا نتأثر كثيرًا بالأحكام المسبقة وهو ما يسمى بـ"التنميط" أو "القولبة"، وهو سلوك منتشر في معظم المجتمعات العربية، أن يتم تصنيف الآخرين تبعًا لموقف ما أو صورة مسبقة مرسومة في ذهننا أو حكم عن جماعة معينة نتيجة انتمائهم لفكر أو معتقد معين، كان تقول مثلاً أن "العرب متخلفين" وهو قولاً في إجماله خطأ، أو أن تقول أن البهائيين يتزوجون من محارمهم أو أن المسيحيين "يقبلون" بعضهم البعض في الكنيسة ليلة رأس السنة عند إطفاء النور.
أو نأخذ صورة أن السفير الإسرائيلي عنصري كون اعتبار أن دولة إسرائيل دولة عنصرية، أو تتهم الشاذ جنسيًا بأنه شخص "قليل الأدب" وليس مجرد مريض يجب علاجه.
وهناك "تنميط" خاصة بالمرأة بأنها مصدر كل غواية وأن مكانها المنزل ورعاية الأطفال فأصبحت كائنًا هامشيًا.
ولعل أحد دوافع "التنميط" هو مشاعر الخوف التي تمس الفرد ومحاولاته الإلتصاق بجماعة معينة من أجل الحماية، وتعميم أحكام خاطئة على الجماعات الأخرى، بالإضافة إلى المقارنة مع الآخر، خاصة في الجماعات الأقل عددًا التي تعتبر نفسها أكثر "صفوة ورقي" من الجماعات الأكثر عددًا، فمشجعي نادي الزمالك يصفون ناديهم بنادي "الصفوة" والإنجيليين يعتبرون أنفسهم أكثر "تميزًا" من باقي الطوائف المسيحية الأخرى.
نخلص القول، بأن التنميط سلوك سلبي يجب الابتعاد عنه في أحكامنا وتصوراتنا للآخرين.
http://www.copts-united.com/article.php?A=6356&I=173