الحوار المُتمدّن متمدّنٌ فعلاً

زهير دعيم

بقلم: زهير دعيم
ليس من باب التزلُّف و "مسح الجوخ"  ، ولكنها الحقيقة السّاطعة سطوع شمس نهارٍ صيفيّ . فالحوار المُتمدّن فعلا منبر حرّ ، حقيقي، يفتح صدر صفحاته لكلّ رأي حرّ حتى ولو كان هذا الرأي يخالف رأي القائمين عليه وربما عقيدتهم ،  ما دام هذا الرأي يخدم الإنسانية والعقل والضمير والمحبّة الجامعة.
حقًّا الحوار المتمدن يبقى متمدناً ، شجاعًا ، ومُتنفّسًا لكلّ إنسان في حدود الذوق العام ، وحدود الشفافية ، بعكس الكثير من المواقع الالكترونيّة في الدّاخل والخارج ، فهذه المواقع تراها وتُحسّها منحازة لطرف ما دون آخَر ، وهذا الطَّرَف دائما هو الأكثرية ، والقريب منها !!!فتُوسِّع هنا وتُضيِّق الخناق هناك ، والأدهى والأمرّ، أنّ مثل هذه المواقع العنكبوتية لا تُمانع – إن لم تُشجّع –على جرح شعور الكاتب وأحاسيسه وعقيدته ، بنشرها تعقيبات مسيئة ، جارحة ، وتحت ستار غبار كثيف من الأسماء والألقاب المستعارة ، ودون الرجوع اليه ، حتّى ولو كانت المقالة لا تتطرّق لأية عقيدة .
 فقط يكفي ان يكون الكاتب من خانة معيّنة ، أو طائفة معيّنة ، حتى ترى السهام تنهال عليه من كلّ حدب وصوب ، وبالمقابل ترفض هذه المواقع الردّ المقابل من الكاتب او غيره ، حتى ولو كان الردّ على التعقيب معقولا ، متزنًًا ومشفوعًا بالحقائق الدامغة والتبريرات المُقنعة.

أذكر مرة أنّني نشرت مقالا أمتدح فيه السيدة فيروز ، من منطلق الذوق الفنيّ الصّرف ، وبعيدًا عن أيّ شيء آخَر ....فهذه السيدة يعيش فنّها وفنّ الرحابنة في دمي ، ويسري في كياني – مجرد ذوق- فانقضّ عليّ خفافيش الليل في ذاك الموقع الحر!!!!والموقع الحرّ هذا لم يبخل عليهم بنشر كلّ التجريح ، لا لشيء بل لأنّ فيروز مسيحيّة ، وأنا كذلك - وأنا أعتزّ بهذه المسيحية وسأبقى اعتزّ -  ولكن هذا الاعتزاز لم يقف مرة  ولن يقف يومًا  حائلا دون محبتي للبشر . .بل بالعكس هو دافع ورافعة لهذا الحُبّ.
مثل هذه الأمور لا تحدث أبدًا في الحوار المتمدن ، فهذا الموقع الرائد يعطيك الحقّ ككاتب في أن تنشرَ التعقيب أو ترفضه ، وأن تقبل اصلا فكرة  التعقيبات برمتها او ترفضها .
رغم أنّه موقع حُرٌّ وأكثر ...ترى هنا مقالا يمتدح الشيوعية ، وآخر مقابله يقدح بها ويذمّها ، وآخر يهاجم عقيدةً ما  مرتكزا على التاريخ والإثباتات ، ورابع يترنّم ويُسبّح ساكن العرس بترنيمة ، الكلّ في بوتقة واحدة، والكلّ في تناغم فريد ، إلا فيما ندر.

فمن هنا ، من الجليل الأشمّ ، أزفّ باقة ولا أجمل لهذا الموقع الرائد فعلاً ؛ باقة من زنابق الشُّكر وسوسنات التقدير ، عساها تصل والكلّ يرفل بسربال الحرّية والهناءة.
رغم يقيني أنّ الحوار المتمدن ليس بحاجة الى من يدافع عنه ويمتدحه ، ومع هذا وجدت نفسي من باب العرفان بالجميل له ، والامتعاض من غيره ، وجدت نفسي أقول ما أقول ، لعلّ مواقعنا الالكترونية في الداخل والخارج تتعلّم وتقتبس الحقّ والنزاهة والمهنية منه ، فتقتدي وتتمثّل فترتفع في سلًم الحضارة ، هذا السًُلم الذي نجلس على درجاته الأولى منذ القرون الوسطى ، متشدقين ومُتغنّين بالأمجاد والتراث والأطلال والتاريخ !!!

الحوار المُتمدِّن ...بوركتَ ألف مرّة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع