د. رأفت فهيم جندي
بقلم: د. رأفت فهيم جندى
قابلنى حسين بعد رجوعى من مظاهرة واشنطون وبادرنى بسؤاله
حسين: عندى سؤالين, الأول: ماذا حدث فى المظاهرات القبطية فى واشنطون؟ والثانى: ما هذه الشائعات التى تتحدث عن الخلافات بين الاساقفة بسبب خلافة البابا شنودة؟
قلت: احييك يا حسين على طرح السؤالين مع بعضهما, لأنهما فعلا مرتبطين بعضهما ببعض.
حسين: كيف يكونان مرتبطين ببعضهما؟ أنا لم اقصد هذا الربط, ولكن لأنهما محور الحديث هذه الأيام على الساحة القبطية والإعلامية.
قلت: بالنسبة لمظاهرات الأقباط فى واشنطون فقد كانت ناجحة جدا واستطاع الأقباط الحصول على مكان مناسب فى حديقة البيت الأبيض للتظاهر به, وحضرت وفود قبطية من جهات عديدة, فلقد تكلفت الرحلة من تورونتو إلى واشنطون 12 ساعة ذهابا ومثلهم ايابا. ولقد كان باتوبيس تورونتو شباب من مونتريال فأضف 14 ساعة الى 24 ساعة فيكون هؤلاء الشباب قد تكبدوا 38 ساعة سفر. ودعنى اقول لك أن الأقباط التزموا بتعاليم الكنيسة الا تكون هناك هتافات جارحة ضد مبارك شخصيا ولكنها كانت كلها تطالب بحقوق الأقباط.
حسين: هل حقيقى أن الأخوان انضموا فى هذه المظاهرات مع الأقباط؟
قلت لقد كنت شاهد عيان, ولقد كان هناك نفر قليل جدا من الإسلاميين مثل القرآنيين وبعض العلمانيين ووقفوا يهتفون بسقوط الرئيس مبارك ففضل الأقباط الأبتعاد عنهم وسار الأقباط بعدها فى الشوارع حول البيت الأبيض وانهوا تظاهرهم بالصلاة.
حسين: ماذا انجز الأقباط من هذا التظاهر؟
قلت: لقد أسمع الأقباط صوتهم للعالم كله من خلال القنوات التلفزيونية العديدة التى اذاعتها, وكما قيل أن هذه المظاهرة كانت العمل الختامى لكل مجهوداتهم فلقد نشرت الجرائد الأمريكية بواشنطون تظلم الأقباط وكان هناك اجتماعات قبل المظاهرات من بعض المسؤولين.
حسين: ولماذا ربطت اللغو الذى يحدث بالكنيسة عن خلافة البابا بالنشاط القبطى؟
قلت: هذا اللغو لا هدف له الا إشغال الأقباط وإنقسامهم فهذا اللغو مُصدر للشعب القبطى لشغله عن مطالبة الدولة لحقوقه.
حسين: اليس هذا نفس المنطق الذى يردده البعض أن إسرائيل وامريكا هما خلف كل مشاكل مصر؟
قلت: ليس نفس الشئ, لأن الذى يحدث امامك هى اقوال مدسوسة فقط وليست افعال مثل قتل وحرق وتدمير وخلافه, وواجب على كل الأقباط أن يحذروا بذور الأنقسام الذى تدسه الحكومة المصرية بينهم. فالحكومة تسعى لأن تشغل الأقباط بإيهامهم بأن الآباء الأساقفة يتناحرون على كرسى البطريركية بعد قداسة البابا شنودة اطال الرب عمره.
حسين: ولماذا لا يكون هذا هو الحادث يالفعل؟
قلت: هل تعرف كيف نختار البابا يا حسين؟
حسين: بالانتخاب, والاساقفة يسعون لكسب الاصوات منذ الآن.
قلت: حقيقى هناك انتخاب ولكنه ليس النهاية.
حسين: كيف؟
قلت: بعد الأنتخاب يتم كتابة اسماء اكثر 3 اساقفة حصلوا على اصوات وتقام صلاة القداس الألهى ويحضرون طفلا صغيرا ويختار ورقة مطوية من الثلاثة اسماء والذى يختاره هذا الطفل يكون البابا المقبل الذى اختاره الرب الاله. فلو فرضنا أن البعض يتناحر للكرسى هل هذا الشخص سيكون الذى يختاره الرب؟ دعنى اقول لك ان البابا شنودة لم يحصل على أعلى الاصوات ولكنه كان الثانى ولكن القرعة الهيكلية ـ التى ذكرتها لك ـ هى التى جعلته البطريرك.
حسين: هل أنت بهذا تنفى أن يكون للاساقفة أى دور فى هذه الشائعات وتلزقها كلها للحكومة ولمباحث أمن الدولة؟
قلت: انا لا أنكر أن الآباء الاساقفة هم ايضا بشر ومعرضون للضعف, وتلاميذ المسيح تحدثوا عن من يكون منهم الرئيس على باقى المجموعة ولكن المسيح قال لهم أن الشيطان سوف يغربلهم واوصاهم أن لا يكونوا مثل أهل العالم لأن من أراد أن يكون أولا عليه أن يصير آخرا ويكون خادما للكل. هل تعرف أن الآباء كانوا يهربون من هذه الكرامة ويحضرونهم عنوة لكى يتقلدوا منصب البطريرك.
حسين: ولكن لا تقل لى أن كل الاساقفة قد وصلوا لهذه الدرجة من الروحانية.
قلت: بالرغم من ان الأب الاسقف كان قد ترك العالم ولم يتزوج ولم تكن له زوجة واولاد وايضا ترك وظيفته ومشتهيات العالم وذهب للدير بأختياره لكى يعيش عيشة جافة جدا, ولكن من الممكن أن يداعب الشيطان مشاعره بمنصب أو بآخر لأنه ما زال تحت الضعف, ولكن كل منهم يقاوم هذا الاحساس وبعض الرهبان القديسين لم يقبلوا حتى منصب الأسقف وظلوا بالدير مجرد رهبان ويوجد جسد لقديس لمثل هؤلاء فى دير الأنبا انطونيوس لم يتحلل بالرغم من إنتقاله لأكثر من مائة عام ويحتفل الرهبان هناك بذكرى نياحته كل عام.
حسين: البابا شنودة شخصية فريدة فى تاريخكم القبطى وأشعر بأن البابا المقبل سيكون مظلوما عند المقارنة به.
قلت: اوافقك تماما على عظمة البابا شنودة ولكن انظر ايضا لعظمة قداسة البابا كيرلس الذى سبق البابا شنوده, الكنيسة يتولاها السيد المسيح, والروح القدس هو الذى يعطى المواهب, وأرى ان الروح يسوق جسد قداسة البابا, وأرى ايضا أن الشباب لا يستطيعون مباراته فى المجهود الذى يقوم به حتى الآن, أطلب من الرب أن يديم لنا حياة البابا شنودة.
حسين: أنت تقول البابا وتقول البطريرك, فما الفرق بين الكلمتين؟
قلت: البطريرك أو البطرك بالعامية تعنى رئيس شعب فهو المنصب ولكن البابا هو لقب اعطاه الشعب القبطى لبطركهم منذ القرن الثالث لمحبتهم لبطريركهم وهذا مثل أن تقول الأب الكاهن فالكاهن هى الوظيفة والأب هو لقب محبة.
افترقنا على أن نلتقى.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=6628&I=180