الشرق الأوسط - واشنطن: كاري جونسون
عبد الله الكد مواطن أميركي انفصل عن زوجته عقب اعتقاله وفشل في الحصول على وظيفة دائمة
يمكن لمسلم اعتقل لأسابيع كشاهد أساسي في إحدى قضايا الإرهاب أن يرفع دعوى قضائية ضد المحامي العام السابق جون أشكروفت الذي شغل فيما بعد منصب وزير العدل في ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، وذلك حسب ما قضت به محكمة استئناف فيدرالية في كاليفورنيا اول من امس في الوقت الذي رفضت فيه المحكمة محاولة للحصول على حصانة قانونية مطلقة من جانب المسؤول البارز في الإدارة السابقة.
ووافقت هيئة قضائية من ثلاثة قضاة تابعة لمحكمة الاستئناف الأميركية الدائرة التاسعة على قضية رفعها عبد الله الكد، وهو مواطن أميركي اعتقل أمام طاولة التذاكر في مطار واشنطن دالاس الدولي عام 2003 بينما كان في طريقه إلى السعودية لدراسة الشريعة الإسلامية واللغة العربية.
وتأتي في قلب هذه القضية استراتيجية بدأتها وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في أعقاب الهجمات الإرهابية في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 حين أكد أشكروفت، وزير العدل في ذلك الوقت، على أن السلطات سوف تأخذ «المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية من الشارع» وسوف تقوم «بعمليات اعتقال ضد الخارجين عن القانون والشهود الأساسيين» بهدف إعاقة المؤامرات المحتملة التي يحيكها تنظيم القاعدة.
واستشهد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي روبرت موللر بعملية اعتقال الكد خلال شهادة له أمام الكونغرس حول النجاح الذي حققه المكتب على صعيد حماية الأمن القومي في البلاد. وقال الكد (وهو من اصول افريقية) ومحاموه إن أشكروفت كان يعرف أو كان يجب أن يعرف أن لائحة الشهود الأساسيين كانت تُطبق بصورة مجحفة وجائرة. وأصر أشكروفت، الذي تدافع عنه وزارة العدل، على أنه يجب رفض القضية لأنه لا علاقة شخصية له في اعتقال الكد. وقال أيضا إن لديه حماية واسعة من القضايا حيث إنه كان المسؤول الأكبر عن تطبيق القانون داخل الولايات المتحدة.
ولكن، لا يتفق مع ذلك القاضيان ميلان سميث وديفيد ثومبسون، حيث كتبا أن أشكروفت لم تكن لديه حصانة قانونية مطلقة وأن السلطات قامت باعتقال الكد بهدف إجراء تحقيق عن نشاطاته، دون سبب محتمل. وكتب القاضي كارلوس بيا رأيا مختلفا جزئيا. ويشار إلى أن القضاة الثلاثة عينهم رؤساء جمهوريون. وحسب الحكم فإن الكد، الذي تحوّل للإسلام والذي كان لاعب دفاع بارزا في فريق كرة القدم بجامعة إداهو، اعتقل في زنزانة تتمتع بقدر عال من الحماية الأمنية وبها ضوء على مدى أربع وعشرين ساعة في اليوم.
وطلب منه خلع ملابسه لتفتيشه، ونقل مكبلا بالأصفاد عبر ثلاث ولايات على مدى 16 يوما قبل أن تأمر محكمة بإطلاق سراحه. ولم تتمكن السلطات من تقديم دليل على قيام الكد بمخالفات، ولم تُطلب شهادته يوما في أية قضايا. ولمدة أكثر من 15 شهرا بعد إطلاق سراحه، أجبر الكد على العيش مع والدي زوجته في نيفادا ومنع من السفر وكان يضطر إلى كتابة تقارير إلى ضابط مسؤول عن متابعته. وخسر الكد وظيفته لدى متعهد حكومي بعد أن مُنع من الحصول على تصريح أمني. ومنذ إلقاء القبض عليه، انفصل عن زوجته، وعانى من أزمة عاطفية ولا يستطيع الحصول على وظيفة دائمة، حسب ما كتبه القضاة. وقالت السلطات في ذلك الوقت إنها تريد شهادة الكد في قضية تزوير تأشيرة ضد سامي عمر الحسين. وفي النهاية، حُكم ببراءة الحسين من تهم تقديم دعم مادي إلى إرهابيين. ورُفضت التهم الأخرى المرفوعة ضده بعد أن فشلت هيئة المحلفين في الوصول إلى اتفاق. ورفض المتحدث باسم وزارة العدل تشارلس ميلر التعليق على حكم الكد. وقال متحدث باسم أشكروفت: «سوف نراجع الحكم».
يذكر أنه في وقت سابق من العام الجاري، سمح قاضي محكمة في كاليفورنيا بالاستمرار في دعوى قضائية لمعتقل ضد المحامي السابق لوزارة العدل جون يوو. وتتهم القضية المحامي بانتهاك الحقوق الدستورية للمعتقين عن طريق كتابة مذكرات توافق على استخدام وسائل التحقيق القاسية. ويُنظر حاليا في دعوى استئناف ذات صلة. ورفضت المحكمة العليا في مايو (أيار) قضية رفعها معتقل آخر يدعى جواد إقبال كان ضمن عملية مداهمة واسعة النطاق استهدفت رجالا مسلمين بتهم مرتبطة بالهجرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول).
وحاول إقبال رفع دعوى قضائية ضد أشكروفت وموللر، وزعم بوقوع تمييز على أساس العرق والدين، ولكن قضت محكمة عليا بأنه لم يستطع تقديم أدلة كافية تربط المسؤولين الحكوميين السابقين بالإجراءات. وقال لي غيليرنت، وهو محام يعمل في مشروع حقوق المهاجرين التابع لاتحاد الحريات المدنية الأميركية، إن حكم الكد يعد «حكما كبير جدا» ويساعد الناشطين على فهم عدد المسلمين الذين تم القبض عليهم باستخدام إخطارات شهود أساسيين. ويأتي حكم المحكمة، الذي اتخذ بالإجماع، في الوقت الذي يتناقش فيه مسؤولون بارزون في إدارة أوباما والكونغرس حول إمكانية أن يكون المشتبه في ضلوعهم في الإرهاب عرضة لعمليات اعتقال وقائية، دون وجود تهم جنائية.
واستغرب الحكم أن البعض «يؤكدون بثقة أن الحكومة لها سلطة إلقاء القبض واعتقال ووضع قيود على المواطنين الأميركيين لأشهر دون أجل مسمى، في ظروف بسيطة في بعض الأحيان، لأن الحكومة تأمل التحقيق معهم في تصرفات خاطئة محتملة أو لمنعهم من الاتصال بآخرين في العالم الخارجي. ونرى أن ذلك شيء بغيض».
http://www.copts-united.com/article.php?A=7077&I=192