الله.. ولاعبو الكرة

بقلم: عماد الدين حسينالدين

«تسجيلى لهدف الفوز كان مكافأة من عند الله على الصيام». هكذا تحدث لاعب المنتخب أحمد حسن هاتفيا لوسائل الإعلام عقب فوز مصر على رواندا بهدف فى تصفيات كأس العالم لكرة القدم مساء السبت الماضى.

قد لا يكون هذا التصريح قد لفت نظر البعض، وإذا حدث فأغلب الظن أن من سمعوه أو قرأوه فى الصحف قد استحسنوه، أو وجده فريق ثالث عاديا.

عندما قرأت كلمات أحمد حسن كابتن المنتخب القومى شعرت بصدمة شديدة لأنه يخلط بين الدين والكرة وبين الله وأقدام اللاعبين.

قد تكون الكلمات التالية صادمة لكثيرين اعتادوا التحدث بعبارات مقبولة لا يحاولون مجرد التفكير فى معناها، لكنها ربما تفتح أعين وعقول البعض ليتوقفوا عن هذه السطحية ويفصلوا بين الدين والكرة.

لنفترض أن منتخب مصر سيواجه منتخب البرازيل أو اليابان أو الهند، وكان موعد هذه المباريات يوافق شهر رمضان، وقرر الكابتن أحمد حسن وبقية «منتخب الساجدين» الصيام، وانتهت المباراة بفوز هذه الفرق الثلاثة علينا، فهل معنى ذلك قياسا على تصريح أحمد حسن، أن الله ــ سبحانه وتعالى ــ كافأ فريق البرازيل المسيحى، أو اليابان البوذى، أو الهند الهندوسى ضد منتخبنا المسلم الورع التقى الطاهر.

المؤكد أن أحمد حسن شخص طيب ولم يكن يدرى معنى كلماته، لأنه لو فكر قليلا ما نطق بها.. لنسأله مرة أخرى: لنفترض أنك وأنت تلعب فى الأهلى وتواجه فريق الاتحاد السعودى، وكانت المباراة فى رمضان أيضا، ولاعبو الفريقين صائمون جميعهم، ترى مع من سيقف الله فى هذه الحالة؟. ثم إن بعض لاعبى منتخب رواندا كانوا صائمين أيضا.. هل تعتقد أن الله لا يحبهم؟

يا كابتن أحمد ويا كل كباتن مصر، الله يقف مع المجتهد والمستعد والمخلص فى عمله، وفى مباريات الكرة وفى كل مسابقات الرياضة، ننهزم نحن الفريق المصرى الصائم من كل فرق العالم فى رمضان إذا كانت هذه الفرق أفضل منا استعدادا.

الفوز أو الهزيمة فى مباريات الكرة وفى كل المسابقات تخضع لعوامل موضوعية كثيرة، ولو كان الأمر فقط مرجعه الدين والصيام والسجود والقيام لأصبح فريق المحاكم الإسلامية ــ فى الصومال هو بطل أبطال أفريقيا، ولفاز منتخب القاعدة ببطولة كأس العالم.

برشلونة فاز ببطولة أوروبا لأن لديه نخبة من أفضل لاعبى العالم، ومدربا كفئا وجريئا وميزانية مفتوحة، وليس لأن بعض لاعبى فريقه يترددون على الكنائس والمساجد والمعابد، وفى المقابل هناك فرق يدين كل لاعبيها بالإسلام ويؤدون الصلاة ويؤتون الزكاة ويحجون البيت ورغم ذلك لا يفوزون بأى بطولة لأن المسابقة فى الرياضة وليست فى الدين.

وسؤال أخير: إذا كنا جدلا انهزمنا أمام رواندا ماذا كان الكابتن أحمد حسن سيقول؟ هل كان سيعتذر عن صيامه، لأنه كان سببا فى ضعف لياقته البدنية وقوة تركيزه؟!.

لاعبونا ولهم العذر بحكم ثقافة معظمهم يكثرون من الخلط بين الدين والكرة، لكن الكارثة وفى ظل التأثير المتعاظم لكرة القدم فإن كلمات لاعبى الكرة، التى ينطقون بها تتحول إلى حكم وعبارات خالدة لدى الشباب الصغير أو حتى كل من هو محدود الوعى، النتيجة مزيد من التسطيح والتجهيل فى مناخ لا يحتاج إلى هذه البضاعة التى نملك منها ما يفيض للتصدير.

يا أيها اللاعبون أديتم مباراة سيئة فى رواندا، ويا كابتن أحمد أحرزت هدفا عشوائيا، وفزنا لأن منتخب رواندا فقير فى إمكاناته، فالرجاء أبعدوا الدين عن الكرة «لأن المشرحة لا تحتاج مزيدا من القتلى»!

ehussein@shorouknews.com

*نقلاً عن جريدة الشروق

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع