المصحات النفسية أولى بتيارات الإسلام السياسي
تعاني جماعات وتيارات الإسلام السياسي قيادة وكوادر ومريدين من عدد لا بأس به من الأمراض النفسية المعقدة التي تستدعي عرض أفرادها على الأطباء النفسيين، وذلك لتقرير إمكانية تأهيلهم نفسيا للعيش في النور أو حجزهم في المصلحات النفسية لحين التأكد من إيجابية العلاج، حيث كشفت الفترة البسيطة التي خرجوا فيها من كهوفهم وجحورهم ودهاليزهم وممراتهم المظلمة ليتولوا السلطة أن الخوف والقلق والظلام الذي عاشوا فيه فترات طويلة من حياتهم قد شوه الرؤية في عقولهم وقلوبهم، الأمر الذي انعكس متجليا في خطاباتهم وسلوكياتهم وأخلاقياتهم، لتحمل سوداوية وغلا وحقدا حتى وإن غلفتها المظاهر الدينية وأخفت سمومها.
الأمراض التي يعانون منها تشكل مجموع ما يمقته الإسلام ويحذر منه بل يهدد من يصابون به بالويل والثبور، فهم كاذبون، منافقون، يتاجرون بآيات الله، ويمتلئون بالكبر والغرور، يؤمنون ببعض الكتاب حيث يتخذون من آيات الله ما يعضد مواقفهم ويؤيد مسلكهم ولا يؤمنون بالبعض الآخر الذي يشكل رادعا لما يأتونه من أباطيل.
الإرهاب صناعتهم، صناعة الأمراض التي ترعى في عقولهم وأجسادهم، فقد حولوا يسر الدين وسماحته ورحمته إلى سلاسل وقيود وسجون، أرهبوا الناس بفتاوى التشدد والقمع والعنصرية وحاربوهم في أرزاقهم وصلواتهم ونقاء قلوبهم، غسلوا الأدمغة بالتفسيرات التكفيرية مستغلين فساد الحكم وتفشي الجهل والأمية والفقر، وجندوها الأدمغة لمحاربة الحياة باسم الجهاد في سبيل الله، والله برئ من جهادهم، فقد قتلوا وذبحوا الأبرياء وخربوا ما استطاعوا من عقول وأفئدة.
بعد أن فتحت لهم ثورات الربيع العربي الطريق لاعتلاء السلطة في أكثر من دولة عربية خاصة في مصر، تفشت أكاذيبهم في مختلف الخطابات والتصريحات التي بدأوا يدلون بها، فها هم الإخوان يعلنون ابتداء من مرشدهم وحتى أصغر عضو من أعضائهم أنهم لن يقدموا مرشحا للمنافسة على كرسي الرئاسة ويقومون بعزل عبد المنعم أبو الفتوح وهو من أهم أعضائهم بسبب مخالفته لهذا الرأي وتقديم نفسه كمرشح للرئاسة، وفجأة، الإخوان يعلنون عن مرشحهم للرئاسة، ينفون نفيا قاطعا عزمهم على المطالبة بتطبيق الحدود، والآن يناقشون تطبيق حد الحرابة والردة على اللبراليين والعلمانيين والمثقفين.
وها هو الرئيس الإخواني يفتح صدره في ميدان التحرير ويخطب واعدا أنه سيكون رئيسا لكل المصريين ثم سرعان ما يصبح رئيسا لجماعته فقط، يوزع عليها المناصب هبات وهدايا، واعدا بحل مشكلات المرور والقمامة والوقود والخبز وعودة الأمن وتحسين الوضع الاقتصادي والقصاص للشهداء وغير ذلك من وعود الـ 100 يوم، وها هي الـ 100 يوم تنقضي دون أن ينفذ شيئا مما قال والأوضاع من سيء لأسوأ، والاحتجاجات والاضرابات تطال كل موطأ قدم في مصر، ومع ذلك يعمي الكذب عيون الجماعة فلا يكفون عن التصريح بأن الرئيس الإخواني أنجز أهداف الثورة وحقق ما لا يمكن تحقيقه في عشرات السنين، وها هو الرئيس نفسه يخطب في أهله وعشيرته في احتفالات أكتوبر خطبة شعبية لا ترقى لمستوى المسؤولية، خاطب فيها الغريزة الدينية والعاطفية لفئة واحدة تتمثل في أنصاره من أعضاء تيارات وجماعات الإسلام السياسي.
ما من رئيس لمصر إلا تملقوه وزحفوا إليه طلبا لرضاه، لكن ما أن يكشف نفاقهم ويتعرف على نواياهم السوداوية حتى ينقلب عليهم، فعبد الناصر كان واعيا بأفكارهم وأهدافهم ووسائلهم وما يمكن أن يرتكبونه من تخريب للأمة المصرية، فضربهم ضربات قوية حدت من امتداد سرطانهم الظلامي، فيما أعطى لهم السادات الأمان أفرج عنهم لمناهضة التيار اليساري، فاغتالوه يوم الاحتفال بانتصاره على العدو الصهيوني، أما مبارك فتركهم لأجهزته الأمنية التي سخرت قياداتهم للعمل معها، فكان أن امتلأت سجون مبارك بالآلاف منهم.
وهكذا على مدار فترات حكم ناصر والسادات ومبارك كانت قيادتهم تمارس النفاق جهارا، عيانا بيانا مع السلطة وأجهزتها الأمنية، وتطعم الأجهزة الأمنية بشباب الجماعة والسلفيين والجماعة الإسلامية وهلم جرا، وكما أعلن أخيرا كانت أغلبية هذه الرؤوس الكبرى في هذه الجماعات والتيارات عملاء لأجهزة أمن الدولة والمخابرات.
أما عن مرض المتاجرة بآيات الله فحدث عنها ولا حرج، بدءا من فتوى قيادي بجماعة الإخوان المسلمين الشيخ " منير جمعة " العضو المؤسس بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عضو هيئة كبار علماء الجمعية الشرعية الستة، بتحريم التصويت للفلول في الانتخابات الرئاسية، حيث قام الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين بنشر الفتوى قال "فإعطاء الأصوات لأمثال هؤلاء تعاون معهم على الإثم والعدوان، وركون للظالمين، وخذلان للصادقين، وتضييع للأمانة، وخداع في الشهادة، وكتمان للحق، وإظهار للباطل، وذلك هو الفساد في الأرض الذي نهيب بكل مسلم- بل كل مصري شريف- ألا يقع فيه".
وقال الشيخ ياسر البرهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، إن "دعم مرسي يعد تمكينًا لدين الله"، أفتى الشيخ شريف المصري، عضو رابطة علماء ودعاة الإسكندرية، بأن التصويت لصالح شفيق في جولة الإعادة ''حرام شرعًا''.
ثم فتاوى تحريم قرض صندوق النقد الدولي الذي هاجموه وقال عنه أنه ربا فاحش وطالبوا بإقالة وزارة د.كمال الجنزوري فتوقف الرجل عن قبوله، ثم قبلته ووقعت عليه وزارة رئيس الوزراء الإخواني هشام قنديل.
ما النتيجة المرجوة إذا تولى المرضى النفسيين الحكم؟ بوادر النتيجة لا تحتاج إلى تنبيه أو لفت نظر، فأقوالهم وفتاواهم وأحاديثهم وخطبهم تغذي التشدد والتعصب، وما يجري في سيناء والأقباط والمعارضين والمخالفين لهم في الرأي وكتابة الدستور نواتج شاهدة تؤكد أن استمرار قبضهم على مفاصل الأمة المصرية سوف يؤدي إلى انهيارها وتحوليها من منارة إنسانية إلى مقبرة مظلمة ترعى فيها الحيات والثعابين وتنعق فيها البوم.. لذا وجب أن يلتفت الجميع إلى أهمية القبض على هؤلاء وإدخالهم مصلحات لإعادة تأهيلهم نفسيا وجسديا والتأكد من علاج الإعاقات التي تسيطر على تكوينهم جراء معيشتهم لمدد طويلة في الظلمات سواء كانت سجونا أو جحورا أو ممرات أو دهاليز.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
http://www.copts-united.com/article.php?A=72432&I=1316