إسحاق إبراهيم
خاص الأقباط متحدون – تقرير - إسحق إبراهيم
طفت قضية المعونة الأمريكية مرة أخرى على السطح بعد قرار مجلس الشيوخ الأمريكي بالتصديق على توصية إدارة الرئيس السابق جورج بوش بخفض المساعدات الاقتصادية الأمريكية لمصر من ٤١٥ مليون دولار إلى ٢٠٠ مليون دولار، حيث تزايد الأصوات المطالبة بالتوقف عن الحصول على المعونة.
وانتقدت الجهات الرسمية -للمرة الأولى- هذا القرار، وقال السفير سليمان عواد المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية هذا الأسبوع إن مصر تفاهمت مع الولايات المتحدة على خفض تدريجي للمعونة الأمريكية منذ عشر سنوات بدأت من عام ١٩٩٨ وانتهت في ٢٠٠٨.
مؤكداً أن هذا الخفض التدريجي كان متفقًا عليه، لكن الخفض الأخير جاء بقرار منفرد من الإدارة الأمريكية.
وأضاف: «إن مصر تقدر ما تلقته من مساعدات سواء من الولايات المتحدة أو من باقي شركائها الدوليين، ولكنها ترفض ليس من أمريكا وحدها ولكن من أي شريك دولي أن يرهن مساعداته للتنمية بأي مشروطيات وهذا موقف مصري واضح».
وأرجع جرايم بانرمان رئيس شركة Graeme Bannerman للاستشارات الدولية والتي تولّت تسهيل عمل الحكومة المصرية داخل العاصمة الأمريكية واشنطن حتى 2007 في حوار نشرته جريدة "الشروق" هذا القرار إلى رغبة التغيير لدى الإدارة الأمريكية وقال إن الميزانية المقترحة هي من السنة المالية المنتهية وتخص الإدارة الأمريكية السابقة، أما إلغاء المشروطية فبادر به الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون بمجلسيه النواب والشيوخ بعدما كانت الشروط روتينا أثناء الإدارة السابقة.
ويريد الكونجرس أن يعطي الرئيس الأمريكي حرية حركة في التعامل مع علاقات أمريكا بالخارج، ولا يرى الكونجرس الآن وجود حاجة لفرض شروط على المساعدات، ومن قبل وافقت الحكومتان الأمريكية والمصرية منذ 11عاماً على تخفيض في حجم المساعدات الاقتصادية المقدمة لمصر بمقدار 40 مليون دولار سنوياً مما وصل بها من 815 مليوناً عام 1998إلى415 مليوناً عام2007.
ومن جانبها قدمت الحكومة المصرية وتحديدا الوزيرة فايزة أبو النجا مقترحاً للكونجرس بخصوص كيفية التعامل مع مستقبل المساعدات إلا أن الكونجرس لم يأبه بهذا المقترح المصري ولم ينظر إليه وتجاهله تماماً، وبعد ذلك قرر الكونجرس بشكل أحادى تخفيض المساعدات.
وقضية المساعدات هي من القضايا التي ستواجهها إدارة أوباما الجديدة وسيتم ذلك بصورة مباشرة مع الجانب المصري.
حول التوتر الذي يصاحب المعونة من وقت لآخر، أضاف بانرمان: "الاختلاف أساساً في الثقافة بين الدولتين، المساعدات بدأت بمشروعات تنمية رحب بها المصريون مثل البنية التحتية للاتصالات وشبكات الصرف الصحي، والآن حدث تغيير وتوجه المساعدات لمشروعات دعم الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني.
التغيير هو أهم الصفات التي لا يتمتع بها المصريون، نحن نغير الإدارة كل أربع سنوات وكذلك تغيير استخدام برامج المساعدات الأمريكية، مصر كانت تريد بقاء الحال كما هو عليه، وهذا الشيء لا يفهم في واشنطن، التغيير يحدث في واشنطن بسرعة ويحدث في القاهرة ببطء".
يذكر أن المعونة بدأت منذ عام 1975م وبالتحديد بعد عودة العلاقات الأمريكية المصرية التي أعقبت قراري فك الاشتباك الأول والثاني مع إسرائيل، في أعقاب حرب أكتوبر عام 1973م. في هذا العام فتحت وكالة التنمية الدولية الأمريكية مكتبا لها في مصر لتقديم المساعدات ورعاية قنوات صرفها، وبعد توقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سبتمبر 1978 قفزت أرقام المساعدات وتعدت مهامها بمساعدة النمو الاقتصادي في مصر وتحسين الأوضاع المعيشية للمصريين.
وتشمل هذه البرامج والمشروعات النواحي التنموية في مجالات متعددة مثل الزراعة والاقتصاد والبيئة والإصلاح السياسي لدول المنطقة، وتمول المنظمة في مصر الكثير من المشروعات لأغراض شتى، منها توفير التدريب المهني لأصحاب الأعمال الصغيرة، وتنمية التعليم وبخاصة البنات، وتوفير المعلومات في مجال تنظيم الأسرة، وتقديم الرعاية الصحية للأطفال والأمهات، بالإضافة إلى توجيه وإرشاد النظام القضائي المصري. كذلك قامت هيئة المعونة بتنفيذ مشروعات كبري للصرف الصحي والاتصالات.
بلغت المعونات الأمريكية المقدمة إلى مصر على امتداد 27 عاماً من 1975 حتى 2002 نحو 54.4 مليار دولار، وذلك بمتوسط سنوي حوالي 2 مليار دولار. وتقدر المعونات الاقتصادية بنحو 25.6 مليار دولار بينما بلغت المعونات العسكرية حوالي 28.8 مليار دولار، وتعتبر مصر ثاني أكبر دولة متلقية للمعونة الأمريكية، بعد إسرائيل وعلى مدار الأعوام الثلاثون الماضية كان للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إسهامات كبيرة في مصر.
فقد استثمرت الوكالة الأمريكية للتنمية نحو 605 مليون دولار في مجال الاتصالات منذ عام 1987 مما أدى إلى إدخال 860.000 ألف خط تليفوني جديد لخدمة حوالي 5 مليون مواطن، ومنذ عام 1975 استثمرت الوكالة ما يقرب من 1.7مليار دولار في قطاع الطاقة الكهربية وهو الأمر الذي ساهم في أن تغطي الكهرباء 99% من المصريين، وبالمثل ساعدت استثمارات الوكالة في قطاع المياه والصرف التي بلغت 3 بليون دولار في توصيل المياه النظيفة إلى 98% من المصريين.
وحققت برامج بقاء الأطفال أحياء والمباعدة بين الإنجاب نجاحاً كبيراً حيث انخفض معدل وفيات الأطفال بمعدل 75% منذ عام 1975 إلى 2005. وقد انخفضت حالات شلل الأطفال من 626 حال عام 1991 إلى حالة واحدة عام 2003 ثم أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء المرض من مصر في يناير 2006. وقد انخفضت معدل وفيات الأمهات بـ 61% وساعدت أنشطة تنظيم الأسرة التي تمولها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية على انخفاض المعدل الإجمالي للخصوبة من متوسط 5.3 طفل لكل سيدة في عام 1980 إلى 3.1 في عام 2005.
وتساعد المعونة الأمريكية أكبر عدد من المصريين على الحصول على التعليم الأساسي والمهارات التي تتطلبها الحياة المنتجة بتعبئة جهود المجتمعات للارتقاء بتعليم أولادهم، وانتفعت أكثر من 70.610 فتاة وسيدة من برنامج التعليم الذي تبنته الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في السنة المالية 2004.
وبلغت نسبة التحاق الإناث بالمدارس الابتدائية عبر القطر 72.8% في السنة المالية 2005 بعد أن كانت 54.5% في عام 1995، وبالمثل ساعدت البرامج الزراعية وبرامج التمويل الصغير عشرات الآلاف من المشروعات الصغيرة وصغار المزارعين على توسيع مشروعاتهم وزيادة دخولهم.
وقدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ما يزيد عن مليار دولار للهيئات غير الحكومية للتمويل الصغير تقدم على صورة قروض بالعملة المحلية كل منها لا يزيد عن 350 دولاراً لما يزيد عن 250 ألف شخص من أصحاب المشروعات الصغيرة.
كما أنها منحت ملايين المزارعين المصريين حرية اختيار المحاصيل التي يزرعونها ويبيعونها مما ساعدهم في الأساس على تلبية احتياجات الغذاء في مصر ومضاعفة الصادرات من الفاكهة والخضروات وزيادة دخل المزارع.
http://www.copts-united.com/article.php?A=725&I=21